صرح علماء ناسا يوم الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول أن المركبة الجديدة (مارس 2020)، التي ستبدأ رحلتها إلى الكوكب الأحمر سنة 2020، لن تبحث عن آثار الحياة القديمة فحسب، بل ستمهد الطريق أمام مهمات البشر المستقبلية.
بُنيَت المركبة في غرفة كبيرة معقمة في مختبر الدفع النفاث في باسادينا، بالقرب من لوس أنجليس، حيث نجحت معدات قيادتها في اجتياز أول اختبار لها.
كُشف عنها لأول مرة للصحفيين المدعوين يوم الجمعة، وحُدد موعد مغادرتها كوكب الأرض في يوليو/تموز 2020 من كيب كنافيرال في فلوريدا، بذلك ستكون خامس مركبة أمريكية تهبط على المريخ في شهر فبراير/شباط 2021، بعد 7 أشهر من انطلاقها.
وقال نائب قائد البعثة مات والاس لوكالة فرانس برس: «المركبة مُصممة للبحث عن بصمات الحياة، لذلك فهي تحمل أدوات متنوعة ستساعدنا على معرفة التركيب الحيوي والكيميائي لسطح المريخ».
من بين الأجهزة المحمولة على متن المركبة: 23 كاميرا، ولاقطان صوتيان للاستماع إلى الرياح المريخية، وليزر مستخدم في التحليل الكيميائي.
إن المركبة بحجم سيارة تقريبًا، ومجهزة بست عجلات كسابقتها كيوريوسيتي، ما يسمح لها بشق طريقها في التضاريس الصخرية.
ليست سرعة المركبة من الأولويات، وستقطع نحو 180 مترًا في كل يوم مريخي الذي يعادل يومًا أرضيًّا تقريبًا.
تحتوي (مارس 2020)، التي يغذيها مفاعل نووي مصغر، على أذرع مفصلية طول كل منها متران، ومثقاب ليشق عينات الصخور في المواقع التي يصنفها العلماء بأنها ملائمة للحياة.
الحياة القديمة
قال والاس: «ما نبحث عنه هو الحياة الجرثومية القديمة، قبل مليارات السنين، عندما كان الكوكب يشبه الأرض بدرجة كبيرة».
آنذاك كان الكوكب يحتوي على مياه سطحية دافئة، وغلاف جوي أكثر كثافة، ويحيط به حقل مغناطيسي.
وأردف: «لذلك من المُتوقع أن المريخ استضاف بعض أنماط الحياة البسيطة وحيدة الخلية، التي تطورت على الأرض في ذات الوقت تقريبًا».
وفور جمع العينات، سيضعها المسبار في أنابيب ويغلقها بإحكام.
ستبقى الأنابيب بعد ذلك على السطح، في انتظار البعثة القادمة التي ستنقلها إلى كوكب الأرض.
قال والاس: «نأمل أن نتحرك بسرعة إلى حد ما. نحن متحمسون للمهمة القادمة المُقرر أن تكون سنة 2026، التي ستصل إلى المريخ وتلتقط العينات وتضعها على متن صاروخ، ثم تُطلقه في مداره حول المريخ، حيث ستلتقي بالمسبار المداري الذي سيحضرها إلى الأرض».
من المفترض وفق ذلك أن تصل العينات إلى الأرض في غضون نحو عقد من الآن.
مهمة بشرية
لزيادة فرصها في كشف آثار الحياة القديمة، ستهبط (مارس 2020) في منطقة الدلتا الجافة المسماة جيزيرو.
اختير الموقع بعد سنوات من النقاش العلمي، وهو حفرة كانت ذات يوم بحيرة بعمق نحو 450 مترًا.
كانت البحيرة متصلةً بشبكة من الأنهار التي تدفقت منذ نحو 3.5 – 3.9 مليار سنة. يقل طول البحيرة قليلًا عن 48 كيلومترًا، ويأمل الخبراء أن تكون قد حافظت على جزيئات عضوية قديمة.
تحمل البعثة (مارس 2020) أملًا في تحقيق هدف أكثر طموحًا، وهو مهمة بشرية إلى المريخ.
قال والاس: «نفكر فعليًّا في إرسال البشر إلى سطح المريخ. ستسمح لنا المعدات على متن المركبة بإنتاج الأكسجين، الذي يمكن استخدامه يومًا ما للتنفس، واستخدامه أيضًا وقودًا لمغادرة المريخ في رحلة العودة».
يأتي هذه الطموح مع تزايد المنافسة في سباق فضائي جديد، تحاول فيه الصين تحقيق السبق، ما سيهدد الهيمنة الأمريكية.
أعلنت الصين سابقًا عن أحد أقوى الصواريخ في العالم، في خطوة كبيرة ضمن استعدادها للمهمة المقررة إلى المريخ عام 2020 أيضًا.
ستعمل بعثة ناسا (مارس 2020) عامًا مريخيًّا واحدًا على الأقل، ما يعادل عامين على الأرض تقريبًا.
لكن قد تتجاوز المركبة الجدول الزمني المحدد لها، مثل كيوريوسيتي التي وصلت إلى المريخ سنة 2012 وما زالت تجوب سطحه حتى اليوم.
اقرأ أيضًا:
تربة المريخ غريبة جدًا، مشهد من جهود مسبار الخلد
ترجمة: طارق سراي الدين
تدقيق: زيد الخطيب
مراجعة: أكرم محيي الدين