أطلقت وكالة ناسا يوم 16 أكتوبر مركبتها الفضائية لوسي باتجاه كوكب المشتري، لاستكشاف كويكبات طروادة الخاصة به لأول مرة، وجمع رؤى جديدة حول تشكل المجموعة الشمسية، في مهمة تدوم 12 عامًا. وقد أقلع صاروخ (أطلس خمسة – Atlas V) المسؤول عن دفع المسبار من محطة كيب كانافيرال بولاية فلوريدا في تمام الساعة 5:34 صباحًا بالتوقيت المحلي (9:34 بتوقيت غرينيتش).
سُميت لوسي تيمّنًا بحفرية قديمة لأسلاف ما قبل الإنسان، وسوف تصبح أول مركبة فضائية -تعمل بالطاقة الشمسية- تغامر بعيدًا جدًا عن الشمس لتراقب ما مجموعه ثمانية كويكبات، أي أكثر من أي مسبار سابق.
إضافةً إلى أن لوسي ستعود لتحلِّقَ ثلاث مرات بجوار الأرض لتحظى بمساعدة الجاذبية، ما يجعلها أول مركبة فضائية تعود من المجموعة الشمسية الخارجية إلى محيط كوكبنا.
قال توماس زوربوكين المسؤول المساعد في مديرية المهام العلمية التابعة لوكالة ناسا في حديث له مع صحفيين: «توفِر كل عينة نقية موجودة في هذه الكويكبات جزءًا من تاريخ المجموعة الشمسية، أي جزءًا من تاريخنا».
تواجه لوسي في عام 2025 لأول مرة الكويكب الذي سُمّي تيمّنًا بمكتشف الحفرية «دونالد جوهانسن» في الحزام الرئيسي لمجموعتنا الشمسية الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري. وتواجه المركبة الفضائية بين عامي 2027 و2033 سبعة كويكبات طروادة ، خمسة منها في السرب الذي يقود المشتري واثنان في السرب الذي يتعقب العملاق الغازي، ويبلغ قطر أضخمها نحو 95 كيلومترًا.
وتحلق لوسي بالقرب من الأجسام المستهدفة ضمن نطاق 400 كيلومتر من أسطحها، وتستخدِم الهوائي والأدوات الموجودة على متنها لدراسة جيولوجية تلك الأجسام، إضافة إلى خصائص أخرى كالتركيب والكتلة والكثافة والحجم.
تُعد كويكبات طروادة الخاصة بالمشتري التي يزيد عددها عن 7000 كويكب بقايا مواد خام ناتجة عن تشكل الكواكب العملاقة في مجموعتنا الشمسية:
المشتري وزحل وأورانوس ونبتون. يظن العلماء أن تلك البقايا تحمل أدلةً هامةً حول التكوين والظروف الفيزيائية لقرص الكوكب الأوليّ الذي تشكلت منه جميع كواكب نظامنا الشمسي، بما في ذلك الأرض. وهي مجتمعة ضمن سربين على نحو واسع، يتقدم السرب الرئيسي على المشتري بسدس اللفة في حين أن السرب الذي يتبعه متخلف عنه بالمقدار ذاته.
قال عالم المهمة الرئيسي هال ليفيسون: «كان اختلاف كويكبات طروادة عن بعضها وخصوصًا بالنسبة لألوانها أحد الأشياء المدهشة التي رأيناها عندما بدأنا دراستها من الأرض». فقد كان بعضها رماديًا والبعض الآخر أحمر، وتشير هذه الاختلافات إلى بُعد المسافة عن الشمس التي يحتمل أنها تشكلت عندها، قبل اتخاذها مسارها الحالي.
اكتُشفت حفرية لوسي عام 1974 في إثيوبيا، وساعدت آنذاك في تسليط الضوء على التطور البشري. لذلك اختير اسم مهمة الفضاء أملًا في تسليط الضوء على تاريخ تطور المجموعة الشمسية. وقد أطلق علماء الأنثروبولوجيا القديمة على بقايا أسلاف الإنسان التي اكتشفوها اسم «لوسي في السماء مع الألماس – Lucy in the Sky with Diamonds» وهي أغنية لفرقة «البيتلز – The Beatles» التي لطالما استمعوا لها في مخيم البعثة.
يحمل مسبار لوسي معه إلى الفضاء مقسِّمَ أشعة ماسي، يسمى مطياف لوسي للانبعاثات الحرارية، يكشف عن الأشعة تحت الحمراء البعيدة بُغية رسم خرائط لدرجات حرارة سطح الكويكب، وعبر قياس درجات الحرارة في أوقات مختلفة من اليوم قد يستنتج الفريق الخاصيات الفيزيائية للكويكب، مثل كمية الغبار والرمال والصخور الموجودة على السطح.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف نظائر لأول مرة في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية
المادة المظلمة قد تدمر نفسها في جوف الكواكب خارج المجموعة الشمسية
ترجمة: ربيع شحود
تدقيق: عامر.د
مراجعة: نغم رابي