كلنا يعرف الأثر المدمر الذي يمكن موجات تسونامي أن تخلفه. هذا الخطر الكامن يدفعنا إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير القدرة على توقع هذه الكارثة الطبيعية. أظهرت دراسة جديدة أنه يمكن توقع موجات تسونامي بواسطة مراقبة الميونات.
الميونات هي جسيمات دون ذرية تشبه الإلكترونات لكن كتلتها أكبر بنحو 200 ضعف، تكوّن الجزء الأكبر من الأشعة الكونية التي تصل إلى الأرض.
الميونات جسيمات أولية عالية الطاقة تنشأ عندما تصل الأشعة الكونية من الفضاء، وتنتشر في الغلاف الجوي، وتخترق الأجسام دون ضرر. إن نحو 100 ألف ميون يمر عبر جسمك بالذات وأنت تقرأ هذا المقال!
هذه الميونات قد تنحرف عن مسارها إذا تعرضت لقوى طبيعية كبرى مثل تسونامي. يمكن استخدام أجهزة رصد شديدة الحساسية لالتقاط حركة الميونات، مثل راصد طوكيو لساحل البحر فوق الكيلومتري العميق، اختصارًا (TS-HKMSSD)، الموجود داخل الطريق المائي السريع بخليج طوكيو.
تمكن الراصد للمرة الأولى من اكتشاف موجات تسونامي، وذلك برصد تموج الميونات. حدث الاكتشاف في الوقت الفعلي وثبتت دقته الفائقة.
يقول هيرويوكي تاناكا، عالم الفيزياء الجيولوجية في جامعة طوكيو: «يُعد الراصد (TS-HKMSSD) أول مرقب للميونات في عمق الماء، يرصد التغير في نشاط مويجات الميونات عند حدوث تسونامي».
«تنتج هذه التغيرات عن التغير في حركة موجات المحيط، التي تُقاس أيضًا بوسائل أخرى. بجمع هذه القراءات المختلفة للوسائل المتعددة، إضافةً إلى اعتماد قراءات مويجات الميونات، يمكن بناء نموذج دقيق للتغير في مستوى سطح البحر، وبذلك يمكن التغلب على عيوب الوسائل المستخدمة سابقًا».
من هذه الوسائل مقاييس المد والجزر، وطوافات سطح البحر، وصور الأقمار الصناعية، ومستشعرات تحت سطح البحر. إن مرصد مويجات الميونات أسرع وأقل تكلفة وأكثر استدامة مقارنةً بالوسائل الأخرى.
يظهر بحث جديد كيف استطاع نظام الرصد اكتشاف موجات تسونامي طفيفة مرت عبر خليج طوكيو في سبتمبر 2021، سببها إعصار تحرك باتجاه جنوب اليابان. تضخمت موجات المحيط ما أنتج المزيد من مويجات الميونات التي تفرقت في أرجاء المحيط.
أثبت ذلك إمكانية رصد التغير في مويجات الميونات، ما دفع العلماء إلى اقتراح وضع هذا الراصد، مع أدوات أخرى مثل مقاييس المد والجزر، داخل الأنفاق المائية، لتصبح جزءًا من منظومة الرصد المبكر لتسونامي.
يضيف تاناكا: «بفضل النجاح الذي حققناه في الرصد المبكر لموجات تسونامي، تشرع المملكة المتحدة وفنلندا الآن في استخدام أنظمة مماثلة. لكن وضع هذه الأنظمة داخل القنوات المائية ليس أمرًا خاليًا من المصاعب. نحن ممتنون لتعاون الجهات القائمة على تشغيل نفق خليج طوكيو».
يبلغ طول راصد مويجات الميونات مترين فقط. ولصغر حجمه، أمكن وضع 20 منه داخل نفق خليج طوكيو، تعمل نظامًا للرصد.
يمكن استخدام نظام الرصد أيضًا في اكتشاف حجم احتياطي الغاز الطبيعي، والكشف عن أنماط الزلازل.
مع النجاح الرائع الذي حققه النظام في الرصد الدقيق لتسونامي، يسعى العلماء لتطويره ليتمكن الخبراء من توقع الكوارث الطبيعية عمومًا. يقول تاناكا: «أصبح نفق خليج طوكيو أول طريق قيد العمل في العالم يمكن وصفه بالمختبر».
اقرأ أيضًا:
مستشعر للجاذبية يستخدم الخصائص الكمومية لكشف ما يوجد تحت سطح الأرض
الثقوب السوداء أم النجوم البوزونية ؟ الكشف عن مصدر أكبر موجة ثقالية رصدت حتى اليوم
ترجمة: فراس حتر
تدقيق: بدور مارديني