تقول منظمة الصحة العالمية (WHO) أننا نستهلك كميات مفرطة من الصوديوم مؤخرًا، وتُعزى 1.9 مليون وفاة سنويًا إلى ارتفاع استهلاك الصوديوم. ولذلك نشرت إرشادات جديدة في بداية 2025 حول استخدام بدائل الملح منخفضة الصوديوم.

ووفقًا لهذه التوجيهات ومع كل حملات التوعوية وجهود الدول الأعضاء في المنظمة، تشير تقديرات عام 2019 إلى أن متوسط استهلاك الصوديوم عالميًا بلغ 4.3 غرام يوميًا، أي أكثر من ضعف الحد الموصى به الذي يبلغ غرامين فقط يوميًا. ولدفع العالم نحو تحقيق ذلك الهدف، توصي منظمة الصحة العالمية الآن بالتحول إلى بدائل الملح منخفضة الصوديوم للاستخدام المنزلي.

ما تأثير الصوديوم في الجسم؟

الصوديوم معدن أساسي للجسم، لكن كما هو الحال مع جميع العناصر الغذائية، فإن الإفراط في استهلاكه قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، خاصة فيما يتعلق بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

وفقًا لموقع The Nutrition Source التابع لكلية تي إتش تشان للصحة العامة من هارفرد، يضغط ارتفاع مستويات الصوديوم في الدم على الكلى كثيرًا، ما يدفع الجسم إلى احتباس كميات أكبر من الماء لتخفيف تركيز الصوديوم. وهذا يؤدي إلى زيادة حجم الدم وارتفاع ضغطه، ما يُجبر القلب على العمل بجهد أكبر لضخ الدم، ما قد يؤدي بمرور الوقت إلى تلف الأوعية الدموية وزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وفشل القلب.

ويرتبط ارتفاع استهلاك الصوديوم بأمراض الكلى المزمنة، فضلًا عن هشاشة العظام بسبب فقدان الكالسيوم في البول. إضافة إلى ذلك، حدد الصندوق العالمي لأبحاث السرطان وجود صلة بين الأطعمة الغنية بالملح -مثل اللحوم المحفوظة بالملح- وسرطان المعدة.

لا يتعلق الأمر فقط بالملح الذي نضيفه للطعام، إذ تحتوي العديد من الأطعمة الشائعة على كميات عالية من الصوديوم، ما يجعل استهلاكه المفرط يحدث دون أن ننتبه.

هل يُعد التحول إلى الملح منخفض الصوديوم تغييرًا بسيطًا؟

قد يبدو تقليل استهلاك الملح بمثابة حرمان من النكهة، وهو أحد العوامل التي جعلت إقناع الناس بتبني هذا التغيير صعبًا. وفي مقال نشره موقع The Conversation، يقول الباحثان شياويوي (لونا) شو من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، وبروس نيل من معهد جورج للصحة العالمية:

«تكمن الصعوبة في أن تناول كميات أقل من الملح يعني تقبّل طعم أقل ملوحة. ويتطلب ذلك تغيير العادات الراسخة في تحضير الطعام، وهو ما ثبت أنه مطلب صعب للأفراد في منازلهم، وكذلك لصناعة الأغذية».

لكن الحل يكمن في الملح المدعم بالبوتاسيوم، إذ يُستبدل جزء من كلوريد الصوديوم التقليدي بكلوريد البوتاسيوم، ما يوفر النكهة المالحة دون التأثيرات السلبية للصوديوم المفرط.

لماذا البوتاسيوم؟

يُعد البوتاسيوم معدنًا أساسيًا للجسم أيضًا، لكن على عكس الصوديوم، فإن معظم الناس لا يحصلون على كميات كافية منه، فالتحول إلى الملح المدعم بالبوتاسيوم قد يعد حلًا ذا فائدة مزدوجة بالنتيجة.

لكن الاستهلاك الزائد من البوتاسيوم قد يمثل خطرًا لبعض الأفراد، سيما مرضى الكلى الذين قد يكونون عرضة للإصابة بحالة فرط بوتاسيوم الدم (Hyperkalemia)، وهي حالة قد تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة. لذا يُنصح هؤلاء الأشخاص باستشارة الطبيب قبل تعديل استهلاكهم للبوتاسيوم.

وهنا تكمن أهمية الإرشادات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية، فهي المرة الأولى التي تصدر فيها المنظمة توجيهات عالمية بشأن استخدام بدائل الملح منخفضة الصوديوم.

كيف يمكن تقليل استهلاك الصوديوم؟

توفر منظمة الصحة العالمية استراتيجيات مفيدة يستطيع الأفراد اتباعها، وستتابع المنظمة تقدم الدول الأعضاء في جهود تقليل استهلاك الصوديوم أيضًا، وتشمل هذه الاستراتيجيات:

  •  تجنب الأطعمة المُصنّعة قدر الإمكان.
  •  إزالة المِملحة -عبوة الملح- من على مائدة الطعام.
  •  استخدام كمية أقل من الملح عند الطهي، والاستعاضة عنه بالأعشاب والتوابل.
  •  التحول إلى الملح المدعم بالبوتاسيوم.
  •  اختيار المنتجات المُصنفة بأنها منخفضة الصوديوم.

يجدر بالذكر أن منظمة الصحة العالمية توصي أيضًا باستخدام الملح المعالج باليود، إذ يُعد اليود عنصرًا غذائيًا ضروريًا للوقاية من اضطرابات الغدة الدرقية وضمان النمو السليم، خاصة لدى الأطفال.

ختامًا

تمثل التوصيات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية خطوة مهمة نحو تحسين الصحة العامة، إذ تسلط الضوء على أهمية تقليل استهلاك الصوديوم مع توفير بدائل صحية أكثر أمانًا. باتباع هذه الإرشادات، يستطيع الأفراد اتخاذ خطوات فعالة نحو حياة أكثر صحة، وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بارتفاع الصوديوم.

اقرأ أيضًا:

التخفيف من استهلاك الملح قد ينقذ حياة الملايين

هل يكون الملح السبب الجديد للنمط الثاني من مرض السكري؟

ترجمة: حسن السعيد

تدقيق: تمام طعمة

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر