تحتوي جميع منتجات العناية بالبشرة الطبيعية تقريبًا على مسببات للحساسية، وفقًا لدراسة أجراها ثلاثة من أطباء الأمراض الجلدية في كلية الطب بجامعة ستانفورد.
ما يقارب 90% من منتجات العناية بالبشرة الشخصية البالغ عددها 1651 التي خضعت للدراسة -بما في ذلك المستحضرات والصابون والمرطبات- تحتوي على واحد على الأقل من 100 من أكثر المواد المسببة للحساسية شيوعًا والتي تسبب التهاب الجلد التماسي.
التهاب الجلد التماسي هو أكثر من مجرد تهيج عابر. هو طفح جلدي أحمر اللون يسبب الحكة ويمكن أن يسبب البثور في أسوأ حالاته، بسبب التعرض لمواد تهيج الجلد أو تسبب الالتهاب، وهو رد فعل تحسسي يحدث عندما يتحسس الجلد من مادة غير ضارة.
وفقًا لبعض التقديرات، فإن معدلات التهاب الجلد التماسي آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، إذ زادت ثلاثة أضعاف تقريبًا في ثلاثة عقود منذ عام 1996.
يقول الباحثون أن الارتفاع في معدل التهاب الجلد التماسي، وازدياد الصناعات التجميلية المتعلقة بالعناية بالبشرة والجمال والتي تقدر قيمتها بالمليارات، ونقص التنظيم على تسويقها هو الدافع وراء الدراسة.
يوضح طبيب الأمراض الجلدية بيتر يونغ وزملاؤه في جامعة ستانفورد: «لم تحدد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) معيارًا للمواد الطبيعية أو النقية، ما يسمح للبائعين بالإعلان بحرية واستخدام هذه المصطلحات التي تشير إلى السلامة والصحة».
لذلك استخرج الباحثون قوائم مكونات المنتجات من مواقع الويب لثلاثة متاجر في الولايات المتحدة وفحصوها وقارنوها بقاعدة بيانات على الإنترنت تضم المكونات الشائعة التي يجب على الأشخاص المصابين بالتهاب الجلد التماسي تجنبها.
الوقاية من التهاب الجلد التماسي ممكنة طالما يمكن تفسير القائمة الطويلة من المكونات الموجودة في منتجات العناية بالبشرة ومعرفة أي منها قد يؤدي إلى تفاقم حالة الجلد ولكن القول أسهل من الفعل.
قد يحتوي أحد منتجات العناية بالبشرة أو مستحضرات التجميل النموذجي من 15 إلى 50 مكونًا. تشير الأبحاث إلى أن الفرد قد يضع أكثر من 500 مادة كيميائية مختلفة على بشرته كل يوم، اعتمادًا على روتين العناية بالبشرة.
بمعنى آخر، كلما زاد عدد المنتجات التي تستخدمها، زاد تعرض البشرة لمسببات الحساسية المحتملة.
العديد من مسببات الحساسية التي حددت في الدراسة كانت العطور -مثل اللافندر ومستخلصات نباتية أخرى- والتي أصبحت سببًا رئيسيًا لالتهاب الجلد التماسي.
وسطيًا، تحتوي منتجات العناية بالبشرة على ما بين أربعة وخمسة مسببات حساسية معروفة. في المجموع، وُضع 73 نوعًا من مسببات الحساسية المختلفة 7487 مرة في 1651 منتجًا تم دراسته، بناءً على معلومات المنتج المتاحة عبر الإنترنت فقط، وهذا كافٍ لتوضيح حجم المشكلة.
خلُصَ يونغ وزملاؤه في ورقتهم البحثية إلى أن «هذه النتائج تشير إلى الحاجة إلى تثقيف المرضى واختصاصيي العناية بالبشرة لضمان إعلام المستهلكين بالمنتجات التي يطبقونها على بشرتهم».
هذه ليست أول دراسة تختبر المواد المسببة للحساسية في منتجات العناية بالبشرة. ففي عام 2017، وجدت دراسة أمريكية أخرى أن بعض المرطبات خالية من مسببات الحساسية، وحتى المنتجات الخالية من العطور تحتوي أحيانًا على مواد يمكن أن تهيج الجلد.
ظلت هذه المشكلة محط اهتمام أطباء الأمراض الجلدية لبعض الوقت، ولكن نادرًا ما تصل رسالتهم وتخترق ضجة تسويق المنتجات الطبيعية، التي غالبًا تؤكد على أنها لا تحتوي على مواد ضارة أو مهيجة، آملين ألا يفحص المستهلكون الأذكياء قوائم المكونات.
أيضًا، تصنيف منتجات العناية بالبشرة على أنها «طبيعية» لا يُعلم المستهلكين بأي شيء عن سلامة المكونات، بل يديم الفجوة الزائفة بين المكونات التي يمكن الحصول عليها من الطبيعة والمركبات الاصطناعية المتطابقة معها كيميائيًا.
كلمة «طبيعية» هي مجرد كلمة تسويقية تستخدم منذ زمن بعيد من قبل مُصنّعي الأدوية التقليدية ومستحضرات التجميل من الطبيعة، ما يجعلنا نعتقد أنها أكثر أمانًا إلى حدٍ ما.
لكن التسويق الذي يغير تصورات المستهلكين، ويمكن أن يكون له عواقب حقيقية. اندلاع وباء الحساسية التلامسية -على سبيل المثال- عندما بدأت مادة حافظة تسبب الحساسية تسمى ميثيل إيزوثيازولينون تحل محل مادة بارابين أخرى أكثر أمانًا، وذلك بعد أن فقدت البارابينات شعبيتها في صناعة التجميل بسبب ادعاءات تم دحضها الآن وكانت تستند إلى علم ضعيف للغاية.
هذا لا يعني أن التسويق يسبب هذه المشاكل، على الرغم من أنه غالبًا ما يكون مضللًا وفي بعض الأحيان غير صادق ولكنه ساهم في حدوث تحول حقيقي بزيادة استخدام الواقي الشمسي، الذي أصبح الآن ضروريًا للحصول على بشرة جيدة.
لكن المصطلحات مثل «لا يسبب الحساسية» و «تم اختبار المنتج من أطباء الجلدية» ابتُكرت من صُناع المواد التجميلية لإضفاء المصداقية الطبية، إذ لا توجد معايير قانونية يُلزم بها المصنعون لإثبات هذه الادعاءات، لذلك تجب مناقشة عن هذه النقطة قبل مناقشة الكيفية التي يروج بها التسويق للفوائد الصحية للعناية بالبشرة.
كتب اختصاصيو الأمراض الجلدية في جامعة بنسلفانيا، كورتني بلير روبن وبروس بروس، في مقال افتتاحي في عام 2019: «يجب على كل من المستهلكين والأطباء أن يطالبوا صُناع منتجات العناية بالبشرة والمواد التجميلية الطبيعية والنقية بدعم ادعاءاتهم بالأدلة».
اقرأ أيضًا:
التهاب الجلد التماسي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: ميس الفالوجي
تدقيق: دوري شديد