اعتاد الطيارون على مر التاريخ تنفيذ ما يُعرف بمناورة لفة البرميل داخل الطائرات الصغيرة، لكن هل سبق لأحدهم محاولة ذلك في طائرة تجارية؟

شهد أي شخص، حضر عرضًا جويًا، الألعاب البهلوانية التي تتحدى الموت التي يؤديها الطيارون.

تبرز بين كل تلك الخدع مناورة واحدة باعتبارها المفضلة لدى الجماهير، وهي مناورة لفة البرميل، إذ تدور الطائرة دورة كاملة بزاوية 360 درجة في أثناء طيرانها.

ليس من السهل تنفيذ هذه المناورة إطلاقًا -حتى في طائرة صغيرة أو طائرة مقاتلة- ويتطلب تنفيذها طيارًا ماهرًا، ويبقى السؤال الأزلي هل من الممكن إتمام مناورة لفة البرميل في شيء أكبر، مثل طائرة تجارية؟

قال ريتشارد بي أندرسون -طيار، وأستاذ هندسة الطيران، ومدير مركز إيجل لأبحاث الطيران في جامعة إمبري ريدل للطيران في فلوريدا- إن الحركة ممكنة ضمن الطائرات الكبيرة، بل إنه يعرف الأشخاص الذين أقدموا على مثل هذه المحاولة قائلًا: «أعرف أشخاصًا بمفردهم سجلوا محاولات مستخدمين أشرطة الفيديو (تنفيذ لفة البرميل)».

يُعد الطيار الأكثر شهرةً على الإطلاق الذي حقق إنجازًا على متن طائرة تجارية ألفين ملفين «تكس» جونستون، وهو طيار اختباري لشركة بوينغ.

استقل جونستون طائرة بوينج 367-80 ذات أربعة محركات (المعروفة أيضًا باسم داش 80) في جولة دوران بالمعنى الحرفي للكلمة في صيف عام 1955.

نفذ «الطيار المنشق» لفتين متتاليتين من مناورة البرميل مع حركة شانديل، وهي حيلة يجمع فيها الطيار بين الدوران بزاوية 180 درجة والتسلق، وفقًا لصحيفة لوس أنجلوس.

كان الهدف إثارة إعجاب المديرين التنفيذيين لشركة بوينغ، الذين كانوا يشاهدون من يخت على بحيرة واشنطن بالقرب من سياتل.

استدعاه في ذلك اليوم رئيسه إلى مكتبه وسأله عما كان يفعله، فرد جونستون قائلًا: «أبيع الطائرات»، وفق ما ورد في مجلة Plane & Pilot.

كيف نجح هذه الطيار الجريء في تنفيذ لفة البرميل في مثل هذه الطائرة الكبيرة؟ يقول أندرسون إن حجم الطائرة لا يهم بقدر أهمية قدرة الطيار على تخفيف مقدار قوى الجاذبية الموضوعة على الطائرة في أثناء التدحرج.

يقول أندرسون: «تنطبق قوانين الفيزياء على جميع أنواع الطائرات بغض النظر عن حجمها في أثناء تنفيذ مناورة لفة البرميل، إذ يحاول الطيار إبقاء حمولة الجاذبية على الطائرة بنحو 1 جرام، ويعني ذلك مستوى الجاذبية نفسه الذي يشعر به شخص عادي على اليابسة».

يجب على الطيار لإكمال المناورة أن ينفذ الالتفاف في أثناء رفع مقدمة الطائرة للأعلى، ثم ترك مقدمة الطائرة للأسفل، وكل ذلك في أثناء تحليق الطائرة بسرعة التحليق التي تتراوح تقريبًا من 550 إلى 600 ميل في الساعة (885 إلى 965 كم / ساعة). يشبه الأمر تحليق الطائرة عبر البرميل، وفق مجلة Flying.

يكمل أندرسون قائلًا: «العائق الوحيد الذي يحول بين الطيار وتنفيذ مناورة لفة البرميل هو مدى سرعة دوران الطائرة. على الطيار التركيز على سحب الأنف للأعلى وترك الأنف يسقط للأسفل بينما تحدث الدحرجة، ما يسمح له بالحفاظ على هذه البيئة منخفضة الضغط».

أضاف أندرسون قائلًا: «عندما يسقط الأنف في أثناء التدحرج، يجب على الطيار أن يكون قادرًا على تحريك الطائرة بالكامل في أثناء دورانها قبل أن تشير مقدمتها إلى الأسفل كثيرًا، ويمكن لأي طائرة تتمتع بمعدل دوران معقول تنفيذ ما سبق، فالفيزياء لا تعارض ذلك ولن تتسبب في فشل المناورة».

أضاف ديفيد هاغلوند -وهو طيار مخضرم في القوات الجوية الأمريكية، ومحاضر في متحف الطيران بالقرب من سياتل- أن مقدار المجال الجوي المتاح لإكمال اللفة مهم أيضًا، خاصة في طائرة كبيرة مقابل طائرة صغيرة من طراز سيسنا.

يقول هاغلوند على موقع Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني: «قبل إجراء هذه المناورة، يجب على الطيار الأخذ في عين الاعتبار المجال الجوي المتاح. يتطلب مثلًا تنفيذ مناورة لفة البرميل في طائرة ركاب كتلةً بارتفاع 2000 قدم [600 متر] فوق مستوى ارتفاع الرحلة وتحتها (إجمالي 4000 قدم) [12000 متر] لضمان الأمان».

مع أن كل ذلك ممكن وفق قوانين الفيزياء، عملت بعض الشركات المصنعة على وضع قيود على قدرات الطائرات الكبيرة الحديثة على الالتفاف، ربما لمنع طائرات تيكس جونستون المستقبلية من أداء أعمال بهلوانية مماثلة، خاصةً مع الركاب على متن الطائرة.

يقول هاغلوند الذي يتمتع بخبرة في الطيران بطرازي A330 وA350: «تمنع طائرة الإيرباص الطيار من القدرة على تجاوز 60 درجة، إذ يتعطل جزء من نظام الطيران التلقائي الذي يسيطر على غلاف تشغيل الطائرة لو حدث ذلك».

اقرأ أيضًا:

إكس 59: طائرة تجريبية فريدة أسرع من الصوت

طائرة المستقبل: تصميم جديد مختلف كليًا للجناح ومزايا أخرى

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ميرڤت الضاهر

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر