يتشارك الكوكب مع مجموعة من المخلوقات الرائعة والعجيبة، بدءًا من الكائنات النادرة التي تعيش في أعماق البحار، مرورًا بالذئاب السوداء، وصولًا إلى أصغر الحشرات. بعض هذه المخلوقات يدخل صراعًا مع البشر بين الحين والآخر، هذا يحدث عادةً في هجوم مباشر أو بنشر بعض الأمراض. رغم تعدد محاولات تصنيف الكائنات الأكثر فتكًا، ظهر تصنيف جديد، ما يعرف بمقياس كريسبو.
كتب مؤلف البحث ديفيد دوراتي كريسبو: «يصنف مقياس كريسبو مدى خطورة الأنواع الحيوانية بناءً على مقدار التهديد الذي تشكله تجاه أي فرد عشوائي في بلد معين». يعتمد مقياس كريسبو في تصنيفه للحيوانات على عاملين رئيسيين: حجم التعداد السكاني ومعدل الوفيات. يشير حجم التعداد السكاني إلى احتمالية مواجهة شخص ما لحيوان خطير في دولة معينة. ومعدل الوفيات يُحتسب بقسمة التعداد العالمي للسكان على أقصى عدد تقديري لمعدل الوفيات التي يسببها هذا الحيوان كل عام.
«يرجع اختيار عاملين فقط في المقياس إلى أنهما عالميان ويمكن تطبيقهما على أي نوع حيواني تقريبًا. إذ يمكنك قياس -أو على الأقل تقدير- بعض الأشياء مثل عدد الأشخاص الذي يقتلهم حيوان معين، وإن لم تستطع تحديد مدى عدوانيته أو انتشاره الجغرافي».
استُبعدت الحيوانات الأليفة من هذه الدراسة بسبب انتشارها الواسع بين البشر. أوضح كريسبو: «هذه الحيوانات نقضي معها معظم وقتنا، مع أن بعضها قد يقتلك، خاصةً إذا كنت تعيش في دولة غربية. لذلك، لتجنب الانحياز، لم يتضمنهم المقياس، ولا يتضمن البشر أنفسهم لأسباب واضحة».
ثم تُضرب الأرقام التي تمثل حجم التعداد السكاني ومعدل الوفيات في خمس نقاط تسمى درجات الخطورة، ثم تُضرب تلك القيم معًا للحصول على المجموع النهائي. الحد الأقصى لدرجات الخطورة هو 25، مثلًا إذا كان حجم التعداد السكاني للحيوان خمس نقاط ومعدل الوفيات خمس نقاط فإن درجة الخطورة 25، وهو ما يحدد الفئة التي يصنف ضمنها الحيوان. لا تُدرج الحيوانات في هذا المقياس إلا عند توافر معلومات كافية عنها.
من المثير للاهتمام أن أخطر الحيوانات ضمن الفئات من 3 إلى 5 توجد عادةً في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، وفقًا لمؤشر التنمية البشرية، ومعظم الحيوانات المصنفة بأنها الأخطر وفقًا للدراسة كانت من الكائنات الناقلة للأمراض، أو الطفيليات، باستثناء أفعى راسيل.
«نظرًا إلى نقص المعلومات، لم أتمكن من إدراج سوى الأنواع التي وجدت معلومات كافية عنها. ومع ذلك، توجد بعض الفجوات. مثلًا، لا يُعرف تحديدًا أي الدول الأفريقية تواجه أكبر عدد من الهجمات وحالات الوفاة بسبب التمساح النيلي».
بالنظر إلى المقياس، نجد أن بعض الفئات التي تُصنف فيها الأنواع قد تتغير حسب الدولة، يشمل ذلك أخطر الحيوانات، مثل بعوضة الأنوفليس، إذ تصنف في الفئة الخامسة في نيجريا، في حين تندرج ضمن الفئة الرابعة في موزمبيق.
«مع أن معظم النتائج جاءت مطابقة للتوقعات، فإن بعض الأمور لافتة للانتباه. مثل الدبور العملاق الآسيوي، الذي جاء في فئة منخفضة في المقياس، إذ صنف ضمن الفئة الأولى. في حين كنت أتوقع أن يكون تصنيفه أعلى، نظرًا إلى كونه حشرة تعيش في مستعمرات ضخمة، ويقع موطنه الأصلي في عدة دول مرتفعة الكثافة السكانية مثل اليابان. وقد أصبح نوعًا غازيًا -نبات أو حيوان أدخل إلى بيئة معينة جديدة وانتشر بإفراط فيها نظرًا إلى كثرة الغذاء أو عدم توفر أعداء حيوية- في السنوات الأخيرة».
عمومًا، يُعد البعوض وأفعى راسيدل والبلهارسيا والكلاب الضالة من أكبر التهديدات وفقًا لمقياس كريسبو، مع أن الأمر يعتمد بدرجة كبيرة على المكان الذي تعيش فيه.
اقرأ أيضًا:
قائمة بأشد الحيوانات فتكًا على وجه الأرض!
كيف أصبح الإنسان أخطر الكائنات على الأرض؟
ترجمة: محمد إسماعيل
تدقيق: أكرم محيي الدين