مكافحة التطرف تتطلب معالجة جذور التطرف الاجتماعية – تتطلب التقنيات الفعالة لمنع التطرف التدخل المبكر والتأكد من أن المجموعات المحرومة من حقوقها من الناس متضمنة في المجتمع، بالإضافة إلى تعطيل الأفكار النمطية عبر تحريض الناس على العمل سويًا والتعاون فيما بينهم، وتفشل جميع البرامج الهادفة لإزالة التطرف عند تجاهلها ذلك.
تُعدّ برامج إزالة التطرف حجر الأساس لاستراتيجيات محاربة التطرف المُستخدمة في العديد من بلدان العالم. تهدف هذه البرامج إلى محاربة التطرف عبر تحديد الأفراد الذين أصبحوا متطرفين أو في خطر تحوّلهم إلى متطرفين، وإعادة دمجهم مع المجتمع بتقديم المساعدة أو الاستشارة النفسية والدينية بالإضافة إلى التدريب المهني.
في المملكة المتحدة، تشير الأرقام في عام 2015 إلى أن ما يساوي 4000 شخص من السكان أُدخلوا في برامج مكافحة الإرهاب الخاصة بالحكومة. واشتُبه بالأكثرية (%70) أنهم متطرفون إسلاميون، وأن ربع ما تبقى متطرفون من أقصى اليمين السياسي (يمينيون)، وهذا الرقم يستمر بالنمو.
يخاف الناقدون من كون هذه البرامج مشوهة لسمعة مجموعات من الناس أو العائلات أو الأفراد، ومن أنها قد تجعلهم يبدون مجرمين. بالإضافة لذلك، هناك العديد من الأسئلة التي تُطرح حول المصادر التي تتعاون معها الحكومات من أجل المعلومات، وحول ما إذا كان فرضًا على العامة أن يفضحوا أو يسلّموا المتطرفين.
لا توجد أدلة كافية على نجاح هذه البرامج. فمعظم هذه البرامج تفشل في قياس مقدار تقدّم المشاركين، ونادرًا ما يُقاس التراجع الحاصل.
في تقرير صدر عام 2016، حذرت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان البريطاني من كون الاستراتيجية الحكومية لمكافحة الإرهاب مبنية على نظريات غير مثبتة وإمكانية جعل الأمور أكثر سوءًا.
في ظل وقوع الهجوم الإرهابي بمدينة مانشستر في شهر أيار عام 2017، أنشأت الحكومة لجنة مستقلة لمكافحة ظاهرة الإرهاب عبر السعي وراء فهم حجم المشكلة وتقديم النصائح للحكومة حول كيفية الرد على هذه الظواهر بأفضل طريقة ممكنة. صرحت رئيسة اللجنة سارة خان Sara Khan بأن المتطرفين يصبحون أكثر احترافًا وأنهم ينمون بقوة في بعض الأماكن في المملكة المتحدة.
يكمن السر لمكافحة التطرف في معالجة جذوره الاجتماعية، والتدخل المبكر قبل أن يكرس أحدهم نفسه للموت من أجل قضية ما، كما صرح سكوت أتران Scott Atran من مركز حل النزاعات المستعصية في جامعة أكسفورد. «لحين حصول ذلك، هناك العديد من الأشياء التي يمكن فعلها». يصرح أتران بأن أكثر الإجراءات فعالية في مواجهة الإرهاب هي التدخل الحكومي. على سبيل المثال؛ كان لقيام حركة الكشافة وكرة القدم الثانوية في الولايات المتحدة تأثير فعال على الأفراد اللا اجتماعيين من جماعات المهاجرين المحرومين.
من السبل الواعدة أيضًا لحل هذه المشكلة تفكيك الأفكار النمطية، كما تصرح الأخصائية في علم النفس الاجتماعي من جامعة برينستون Princeton University سوزان فيسكيه Susan Fiske.
لا تكون هذه الأفكار بالضرورة أفكارًا نمطية دينية أو عرقية وإنما أفكارًا نمطية متداولة بيننا عن الناس من حولنا. عندما نصنّف بعضنا البعض، ما يهمنا على وجه الخصوص هو الحالة الاجتماعية والمنافسة، ورؤية الناس ذوي الحالة الاجتماعية الأقل مرتبة غير مؤهلين ولا يمكن الوثوق بهم. عبر التاريخ، لطالما مالت الأفعال العنيفة والمجازر إلى الأفراد ذوي الحالة الاجتماعية الأعلى مرتبة ممن يُنافسون على مواردهم، وبالتالي يثيرون الحسد، هكذا صرحت فيسكيه.
وجدت مجموعة فيسكيه طرقًا لتعطيل الأفكار النمطية عبر تحريض الناس على العمل سويًا والتعاون لإنجاز هدف مشترك على سبيل المثال. فالأفعال اليومية المعتادة -مثل الأكل والمناسبات والأعلام- ليست على عمق كافٍ لذلك كما صرحت فيسكيه.
يجب أن يكون هدفًا يهمُّ الناس ويجعلهم على استعداد للعمل عليه؛ كالعمل على بناء مشروع أو منظمة. يعتمد النجاح هنا على فهم الناس لعقول من يعملون معهم وجعلهم أكثر إنسانية مجددًا.
اقرأ أيضًا
سايكولوجيا الإرهاب
كيف تحارب الإرهاب بالفيزياء؟
لماذا تجعلنا وسائل التواصل الاجتماعي أكثر غضبًا وتطرفًا
تدقيق تسنيم المنجد