أطلق الباحثون الألمان الضوء الأخضر لتشغيل مفاعل الاندماج النووي الأضخم: المولّد النجميthe Wendelstein 7-X (W7X) والذي استطاع إنتاج بلازما الهيدروجين واستدامتها للمرة الأولى.
الأمر الذي يُعَدّ مفصلًا في مجال تسخير الطاقة النظيفة والمتجددة، إذ تُعتَبَر السيطرة على عملية الاندماج النووي نقلة نوعية، قد تحلّ فيها الطاقة الناتجة محلّ الوقود الأحفوري والانشطارات النووية، بصفتها مصدر طاقة أكثر استدامة وكفاءة وأقلّ تكلفة.
يقول الفيزيائي جون جيلنيك من معهد كارلسروه للتكنولوجيا إنّ هذه العملية ستتيح أنظف مصدر للطاقة على الإطلاق، مضيفًا أن هذه الجهود مسخّرة للأجيال القادمة.
تُنتِج المفاعلات النووية التقليدية الطاقة من خلال شطر نواة الذرة إلى نُوى ونيوترونات أصغر، إلّا أنّ طاقة الاندماج النووي أكثر كفاءة وفعالية وتفوق بملايين المرات ما تنتجه نفس الكتلة من الفحم، والتي تحتاج إلى إدارة دقيقة ومكلفة للتخلص من النفايات الإشعاعية الناتجة.
وفي حين أنّ الاندماجات النووية تُنتِج كميات هائلة من الطاقة عندما تلتحم الذرات ببعضها البعض بوجود درجات حرارة عالية جدًّا؛ لكنها لا تُخلّف أيّة نفايات إشعاعية أو النواتج غير مرغوبة.
خلال 4.5 مليار عام مضت؛ عملت الاندماجات النووية على تغذية الشمس بالطاقة، ولا تزال هذه الاندماجات مستمرة حتى يومنا هذا، مما يعني أننا إذا استطعنا تسخيرها لاستخداماتنا فستكفي البشرية طيلة فترة وجودها، إلّا أنّه طموح كبير جدًا، فقد كان العلماء يعملون على ذلك منذ أكثر من ستّة عقود، ولا زالوا حتى الآن يواجهون عقبات جوهرية في السيطرة على الاندماج النووي، من أهمها ضرورة خلق ظروف مشابهة لتلك التي تحدث في الشمس، وبناء جهاز قادر على توليد فقاعة تبلغ حرارتها 100 مليون درجة مئوية من غاز البلازما ومعالجتها.
خلال نوفمبر الماضي؛ تمكن الباحثون في معهد ماكس بلانك من تشغيل المولّد النجمي الذي كلّف بناؤه مليار دولار للمرّة الأولى، ونجحوا في إنتاج قطرات ساخنة من بلازما الهيليوم واستدامتها.
ورغم أن استخدام الهيليوم يمثّل برهانًا على نجح الفكرة، إلّا أنّ الهيدروجين يطلق مقدارًا أعلى بكثير من الطاقة، ويحتاج حرارة أضخم للتسخين.
أمّا مؤخّرًا فاستطاع الفريق باستخدام 2 ميغاوات من الأشعة الكهرومغناطيسية متناهية الصغر؛ تسخين غاز الهيروجين إلى 80 مليون درجة خلال ربع ثانية، ربما لا يبدو ذلك كافيًا، إلّا أنه مجرد برهان آخر على نجاح الجهاز، في حين يسعى الفريق لزيادة درجة الحرارة إلى 100 مليون درجة مئوية واستدامتها لوقت أكبر.
ستستمر التجارب على الهيدروجين حتى نهاية آذار القادم، أثناء ذلك، سيعمل الفريق من أجل القضاء على الشوائب داخل المفاعل، وستزداد طاقة الأشعة الكهرومغناطيسية متناهية الصغر المستخدمة لتسخين بلازما الهيدروجين إلى 20 ميجاوات، مما سيسمح باستدامة البلازما لمدة 30 دقيقة.
ويوضح الفريق أن هذا المولّد النجمي ليس مصممًا لإنتاج كم كافٍ من الطاقة الصالحة للاستخدام، إلّا أن دوره يقتصر على إجراء التجارب من أجل إثبات إمكانية تحقيق ذلك، وفى مرحلة لاحقة وبحلول عام 2019 سيستخدم الديوتيريوم وسنحصل على تفاعلات اندماجية، لكنها لن تكون كافية لإنتاج طاقة تفوق تلك المستخدمة لإجراء الاندماج.
ويتنافس W-X الآن مع مفاعل الاندماج النووي الكبير ITER في فرنسا، والذى نجح أيضًا في الحفاظ على البلازما بداخله فترة كافية لحدوث الاندماج، ونحن بانتظار ما ستسفر عنه النتائج في آذار.