مفاجأة ، يبدو أن البروتون أخف كثيرًا مما كنا نعتقد.
لا يمكن أن تزن أصغر جسيمات الكون على نطاق ضيق. ولكن في تجربة جديدة و ذكية، وجد الفيزيائيون أن واحدًا من هذه الجسيمات – وهو البروتون – أخف وزنًا مما كان يعتقد سابقًا.
يقول (إدموند مايرز-Edmund Myers )، الفيزيائي بجامعة ولاية فلوريدا في تالاهاسي و الذي لم يشارك في العمل: «إنه تحسن ملحوظ في كتلة البروتون، لا أستطيع أن أرى أي ثغرات في ما قاموا به. لقد قاموا بعمل جيد«.
تتواجد الجسيمات الصغيرة، ذات الشحنة الموجبة المعروفة باسم البروتونات في كل مكان.
تستوطن هذه الجسيمات وسط كل ذرة ويشكلن معظم الشمس والنجوم الأخرى.
ذات كتلة خفيفة جدًا – فقط مليارات من مليار من مليار من الكيلوغرام – أي أنه لا يمكن وزنها بالوسائل العادية.
جمع الفيزيائيون في العقود الأخيرة، المجالات الكهربائية والمغناطيسية القوية في جهاز يسمى «فخ بينينغ- Penning trap» لقياس كتلة البروتون بشكل أكثر دقة. في هذه التجارب، يحاصر حقل كهربائي البروتون في حين أن المجال المغناطيسي يجبره على التحرك في دائرة. بينما يدور، فإن البروتون يهتز، أو يتذبذب، على تردد يتعلق بكتلته. يمكن للباحثين حساب كتلة البروتون من خلال قياس هذه التذبذبات، ومقارنتها بتلك المرجعية، التي ما تكوّن عادة نواة ذرة الكربون 12، والتي تعرف بأنها 12 من وحدات الكتلة الذرية.
ولكن لا توجد تجربة مثالية، فالمجالات المغناطيسية تختلف في الزمان والمكان، مما يتسبب في أخطاء قياس صغيرة. ولتقليل تأثير هذه التقلبات، قامت مجموعة من الفيزيائيين العاملين في ماينز بألمانيا بتحميل نواة الكربون والبروتون إلى مصائد تخزين منفصلة، ثم نقلوها بسرعة إلى داخل وخارج فخ القياس. و على الرغم أن من مبادلة النواة والبروتون المطلوبة تستغرق أكثر من 30 دقيقة في التجارب السابقة، فإن المجموعة الألمانية احتاجت فقط إلى حوالي 3 دقائق، مما يحد من فرص تراكم الأخطاء.
وأضاف الفريق أيضًا المزيد من أجهزة الكشف عن الحركة في الإعدادات، مما أدى إلى دقة قياس شاملة تقترب من 32 جزء لكل تريليون.
وجد الباحثون أن وزن الكتلة حوالي 1.007276466583 بمقياس وحدات الكتلة الذرية. أي ما يقرب من 30 مليار من نسبة مئوية أقل من متوسط القيمة من التجارب السابقة – وهو فارق يبدو ضئيلًا و لكنه في الواقع يبدو ملحوظًا من ثلاثة انحرافات معيارية، لقد قدم الفريق تقريرًا عن ذلك هذا الأسبوع في خطابات المراجعة الفيزيائية.
(وبالمقارنة، فإن العلماء عادة ما ينظرون إلى اثنين من الانحرافات المعيارية كحد كفاية لنتيجة تجريبية لتكون ذات دلالة إحصائية).
(سفين شتورم -Sven Sturm )، عالم الفيزياء في معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية في هايدلبرغ، ألمانيا، و رئيس الفريق، ليس متأكدًا من أن الباحثين الآخرين قاسوا مثل هذه الكتل العالية، لكنه يشتبه في أسباب خفية للخطأ. وأضاف أن نتيجة فريقه تتفق بشكل أفضل من النتائج السابقة مع القياسات الأخيرة لكتلة ذرة الهيليوم -3، وهي مصنوعة من بروتونات و نيوترون واحد.
ويعتزم الفريق الألماني الآن زيادة الدقة عن طريق قياس البروتون وأيونات الكربون في وقت واحد في مصائد منفصلة، الأمر الذي من شأنه أن يزيل عدم اليقين بسبب تقلبات المجال المغناطيسي. سيحاول أحد أعضاء المجموعة أيضًا أن يزن «البروتون المضاد- antiproton» البروبلون أو بروتون ذو الشحنة السالبة. حتى الفرق الصغير بين البروتونات وكتل (البروتونات المضادة) يمكن أن يساعد في تفسير سبب كون الكون الذي نراه مصنوع من المادة، بينما المادة المضادة نادرة للغاية.
ويريد ستورم أيضًا من مجموعات بحثية أخرى إجراء قياسات مستقلة، للتأكد من أن نتائج فريقه خالية من بعض الأخطاء الخفية.
(لم تعد المجموعتان الرئيسيتان اللتان توفران القياسات السابقة نشطة – فقد توقفت عن العمل).
يقول ستورم :«سأكون سعيدًا حقًا لرؤية المزيد من المجموعات تقوم بقياسات على هذا المستوى من الدقة، حتى نتمكن من مقارنة القيم ،على أمل أن تكون متسقة»
- ترجمة : مصطفى العدوي.
- تدقيق: أسمى شعبان
- تحرير: زيد أبو الرب