تزداد احتمالات حدوث أزمة اقتصادية بسبب فيروس كورونا الجديد يوميًا؛ الأسواق العالمية تنهار وأسعار النفط تتهاوى وبلدان بكاملها تُعزل عن العالم. يتكرر عليّ سؤال باعتباري بروفيسورًا -ألكسندر كوروف Alexander Kurov- في العلوم المالية ومحللًا ماليًا قانونيًا، ما الذي ينبغي على الناس فعله بأموالهم عند حدوث تباطؤ أو أزمة في الاقتصاد؟ إذ يدفع الخوف الناس إلى الذعر في مواجهة المشكلات ما يتسبب عادة بهبوط الأصول الخطرة مثل الأسهم.
لكن الجواب المختصر لغالبية المستثمرين على هذا السؤال هو العكس تمامًا، سيقولون لك أن تتمسك بخطتك الاستثمارية طويلة الأمد وتتجاهل تقلبات السوق اليومية مهما كانت مخيفة. ينبغي عليكم تصديق ما أنا بصدد قوله؛ إذ توجد العديد من البراهين التي تدعم النهج المُجرب والحقيقي المتمثل بالاستثمار السلبي.
لدى غالبيتنا أموال في خطر
نربط الاستثمار عادة بمستثمري وول ستريت الخبراء والمحافظ الوقائية hedge funds (صناديق التحوط)، لكن الحقيقة أن غالبيتنا مرتبط بالأسواق المالية وتقلباتها المستمرة. تمتلك نصف العائلات الأمريكية أسهمًا على نحو مباشر أو من طريق الأدوات الاستثمارية المؤسساتية مثل الصناديق الاستثمارية.
تُدار معظم الثروات المستثمرة التي يمتلكها الأمريكيون من طريق مستثمرين محترفين يهتمون بها نيابة عنهم. لكن النمو المستمر لخطط المساهمة المحددة مثل 401(k)s (التي تفرض على الأفراد اتخاذ قرارات بخصوص أين يستثمرون أموالهم)؛ يعني الاستقرار المالي يعتمد كثيرًا على القرارات الاستثمارية التي نتخذها بأنفسنا.
لسوء الحظ غالبية الناس ليسوا مستثمرين جيدين؛ إذ إن أداء المستثمرين الفرديين ممن يتاجرون بالأسهم ضعيف في السوق وهم مستثمرون سلبيون، ويزداد سوء أدائهم مع زيادة تداولهم للأسهم.
ألم الخسارة أكبر من متعة الربح؛ لذلك يميل الناس إلى التصرف بطرق ذات نتائج سلبية. وعندما نواجه موقفًا مهددًا، فإن استجابتنا الفطرية هي غالبًا الهرب أو القتال. ولكن مثل محاولة التغلب على دب؛ فإن الخروج من السوق بعد التعرض للخسائر ليس فكرة جيدة لأننا سنضطر إلى البيع بأسعار منخفضة والشراء بأسعار أعلى بعد أن يعود السوق إلى الاستقرار.
لستَ بحاجة لشهادة دكتوراة في المالية لإنجاز أهدافك الاستثمارية، وكل ما تحتاجه هو اتباع بعض الإرشادات البسيطة المدعومة بالأدلة والمعرفة المحكّمة بالسوق.
قائمة بما ينبغي فعله
أولًا وقبل كل شيء، لا تتصرف بتسرع بسبب الثرثرة المتزايدة بخصوص الأزمة أو أي تدفقات نقدية كبيرة ومثيرة في وول ستريت. إذا كانت لديك خطة استثمارية جيدة تمسك بها وتجاهل الضجيج حولك. تتضمن هذه القائمة ما ينبغي فعله لضمان جهوزيتك في حال حدوث الأزمات:
- حدد أهدافًا واضحة وقابلة للقياس والتحقيق. على سبيل المثال، قد يكون هدفك التقاعد بعد 20 عامًا بنفس مستواك المعيشي الحالي لبقية حياتك. من دون أهداف واضحة، سيسعى الأفراد للوصول لما يبتغونه تدريجيًا، وينتهون بمجموعة من الاستثمارات التي لا تخدم احتياجاتهم الفعلية. ومثلما قال أسطورة البيسبول Yogi Berra: «إذا لم تكن تدري أين أنت ذاهب، فسينتهي بك المطاف في مكان غير الذي قصدته من البداية».
- قدِّر ما تستطيع تحمّله من مخاطرة، وهذا يعتمد على أفقك الاستثماري واستقرارك الوظيفي وموقفك تجاه المخاطرة. اتبع هذه القاعدة: مع اقترابك من سن التقاعد، ينبغي عليك تقليل الأسهم الخطرة في محفظتك الاستثمارية. أما إذا لم يمض وقت طويل على دخولك لسوق الوظائف، فيمكنك تحمل المزيد من المخاطرة بسبب توافر الزمن اللازم لك للتعافي من تقلبات السوق.
- تنويع محفظتك الاستثمارية: تعوِّض الأصول الخطرة (مثل الأسهم) هذا الخطر بتقديمها عائدات متوقعة أعلى. تميل الأسهم الآمنة للارتفاع في الأوقات السيئة لكنها تُقدم لك مكاسب أدنى بكثير، فإذا كنت تستثمر جزءًا كبيرًا من مدخراتك في أسهم شركة واحدة لن يكون لديك فرصة لتعويض خطر هبوط أسهم تلك الشركة التي بحيازتك. للتخلص من هذه المخاطر، قم بتنويع محفظتك وتضمينها مدى واسعًا من فئات الأصول مثل الأسهم الأجنبية والسندات، وحينها تصبح أكثر قدرة على تحمل الأزمات.
- لا تحاول انتقاء الأسهم الفردية أو تشخيص الصناديق الاستثمارية الأفضل أداءً والمُدارة جيدًا أو توقيت السوق، بدلًا من ذلك تمسك بمحفظة استثمارية منوّعة من الأسهم والصناديق المُدارة سلبيًا؛ إذ ليس بالضرورة أن تستمر الصناديق التي سجلت أداءً جيدًا فيما مضى بالأداء نفسه مستقبلًا.
- ابحث عن رسوم منخفضة: العائدات المستقبلية غير مؤكدة لكن التكاليف الاستثمارية سترهق محفظتك. لإبقاء التكاليف منخفضة، استثمر في صناديق المؤشرات متى ما كان ذلك ممكنًا. تتبع هذه الصناديق مؤشرات السوق الواسعة مثل Standard & Poor’s 500، وتميل لفرض رسوم منخفضة جدًا، وتدرّ عائدات أعلى من غالبية الصناديق المُدارة جيدًا.
- واصل تقديم إسهاماتك المنتظمة في استثماراتك حتى مع حدوث الأزمة، وحاول قدر الإمكان إبقاء بعض المبالغ جانبًا. تُماثل العديد من الشركات مجمل إسهاماتك التقاعدية أو جزءًا منها. ولسوء الحظ، لا يدخر غالبية الأمريكيين ما يكفي للتقاعد. واحد من بين كل أربعة أمريكيين ممن يشتركون في خطط الإسهامات المحددة برعاية الشركة القائمة بالتوظيف لا يدخرون ما يكفي لتتناسب إسهاماتهم مع خطة الشركة، وهذا مثل السماح للشركة التي تعمل لديها بادخار جزء من راتبك.
- يوجد استثناء واحد فقط لنصيحتي عن التمسك بخطتك الاستثمارية. لنفترض أن خطتك تتطلب محفظة مؤلفة من 50% أسهم أمريكية و25% أسهم دولية و25% سندات دين، إذا حققت الأسهم الأمريكية قفزة جيدة فسيزداد وزنها في المحفظة كثيرًا، وسيغير هذا من خطر محفظتك، بذلك يمكنك لمرة واحدة في السنة تقريبًا إعادة موازنة محفظتك الاستثمارية لتتطابق مع أهدافك طويلة الأمد وقد يحسِّن ذلك أداءك كثيرًا.
ضع في حسبانك دومًا خطة استثمارية شاملة وركز على الأهداف بعيدة الأمد لمحفظتك. العديد من حالات الهبوط في الأسواق التي بدت مخيفة في وقت ما، لا تبدو الآن سوى نقاط صغيرة في المخططات البيانية التي تستعرض حركة السوق طويلة الأمد.
استعد فالاضطراب قادم
على المدى البعيد، يُحتمل لهذا النهج أن يعطي نتائج أفضل من محاولة التفوق على السوق، الأمر الذي لا يمكن حتى للخبراء إنجازه بسهولة.
أثبت الملياردير وارن بوفيت هذا بفوزه بسهولة عندما راهن على أنه يمكن لصندوق بسيط من مؤشر S&P 500 التفوق على محفظة صناديق تحوط والسبب في ذلك يعود لانخفاض الرسوم المفروضة عليها.
يقول المستثمر البارع بنجامين غراهام: «العدو الأكبر للمستثمر هو نفسه». غراهام الذي أشرف على بوفيت يعني بذلك أن المستثمرين يتبعون عواطفهم الطائشة بدلًا من اتخاذ قرارات عقلانية؛ فهم يبيعون ويشترون بناءً على ما تقودهم إليه جرأتهم بدلًا من عقولهم.
إن محاولة التفوق على السوق بالدهاء هي أقرب للمقامرة ولا تختلف كثيرًا عن لعب اليانصيب، صحيح أن الاستثمار السلبي ممل لكنه خيار أفضل بكثير ينبغي المراهنة عليه على المدى البعيد.
إذا اتبعت هذا الدليل الإرشادي وربطت حزام الأمان، فستقدر على ركوب موجة الاضطراب الجاري حاليًا.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: حليم عبد الأمير
تدقيق: غزل الكردي