لطالما كانت الفضة في المركز الثاني بعد المعدن الثمين الذهب، لكن هذا العنصر يملك خصائص مميزة تستحق أن نُلقي النظر عليها.
على سبيل المثال، من بين كل المعادن، تُعدّ الفضة النقية أفضل ناقلٍ للحرارة والكهرباء، وفقًا لمُختبر جيفرسون للمُسرّع الخطي – Jefferson National Linear Accelerator Laboratory. وهي أفضل عاكسٍ للضوء المرئي، ولهذا السبب تُستخدم عمومًا في صناعة المرايا-مع أنّها تتلطخ وتتحول إلى اللون الرمادي الغامق عندما تتعرض للهواء، وبذلك فإنّها تحتاج إلى صقلٍ دوري.
الفضة النقية ليّنةٌ جدًا فيما يتعلق بصناعة منتوجات مثل المجوهرات وأدوات المائدة، لذا أفضل الشوك والسكاكين هي على الأغلب من الفضة الاسترلينية، خليط من 92.5% فضة و7.5% نحاس ( أحيانًا يتم استخدام معادن أخرى). تُستخدم الفضة أيضًا في صناعة بعض الإلكترونيات والبطاريات. بسبب احتواء معدن الفضة على خصائص مُضادة للميكروبات، يمكن للجسيمات النانوية للفضة أن تُنسَج مع الملابس لمنع تشكّل البكتيريا على الرواسب الناتجة من العرق والزيوت التي يفرزها الجسم، وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء – Royal Society of Chemistry (RSC).
بعض الحقائق
- العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 47
- الرمز الذري (في الجدول الدوري للعناصر): Ag
- الوزن الذري (الكتلة المتوسطة للذرة): 107.8682
- الكثافة: 10.501 غرام على السنتيمتر المكعب
- الحالة الفيزيائية بدرجة حرارة الغرفة: صلب
- نقطة الانصهار: 1763.2 درجة فهرنهايت (961.78 درجة مئوية)
- نقطة الغليان: 3924 درجة فهرنهايت (2162 درجة مئوية)
- عدد النظائر (ذرات لنفس العنصر ولكن بعدد مختلف من النيوترونات):66؛ 2 منهم مستقران.
- النظائر الأكثر شيوعًا: Ag-107 (متوفر في الطبيعة بنسبة 51.839 بالمئة) وAg-109 (متوفر في الطبيعة بنسبة 48.161بالمئة).
تاريخ الفضة
تاريخ الفضة طويل. أول دليلٍ على تعدين الفضة يعود زمنه إلى 3000 ق.م، في تركيا واليونان، وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء – RSC. حتى أن القدماء عرفوا كيف يصقلون الفضة، سخنوا خام الفضة ونفخوا الهواء عليه، عملية سُميّت (cupellation) التنقية البوتقية. لا تتفاعل الفضة مع الهواء، لكن المعادن الأساسية مثل الرصاص والنحاس تتأكسد وتنفصل عن المعدن الثمين.
تشكلت الفضة من الانفجارات النجمية التي تُدعى السوبرنوفا – supernovae، كما الذهب. وجدت دراسةٌ نُشرت عام 2012 في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية Astronomy and Astrophysics أن النجوم الصغيرة التي تنفجر تُنتج الفضة، بينما النجوم الأكبر تُنتج الذهب.
انتشرت الفضة بكثرةٍ في الأرض، عندما وصل الأوروبيون إلى العالم الجديد عام 1492. اكتشف الغُزاة الإسبان أن جنوب أميركا كان منزلًا للعروق الغنية بالفضة والفضة الخام، واستخرجوا هذه الثروة بكل حماس، فوفقًا لمعهد الفضة – Silver Institute، 85 ٪ من الفضة المُنتجة عالميًا جاءت من بوليفيا Bolivia، البيرو Peru والمكسيك Mexico بين عامي 1500 و1800.
لعبت الفضة دورًا كبيرًا في جعل بدايات التصوير مُمكنة. وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء – RSC، في البداية استُخدمت نترات الفضة في صفائح التصوير، في الكاميرات من الطراز القديم clunky cameras، إذ تتحول إلى اللون الأسود لأنها تتفاعل مع الضوء – ومكّنت بذلك المصورين من التقاط فوري للضوء. حتى مع ظهور الكاميرات الرقمية، تبقى الفضة جزءًا من عملية التصوير التقليدية. وطبقًا لبيانات من عام 2003، فكل سنة كان يذهب ما مقداره 1920 طن مكعب من الفضة للاستخدام في أغراض التصوير.
الاستخدامات الكهربائية والإلكترونية أخذت المرتبة الثانية باستهلاك 1230 طن مكعب من الفضة للوصلات (الأسلاك) والمعدات عام 2003.
المجوهرات، الفضة الخالصة (الفضيّات) والقطع والأجسام المطلية بالفضة تأخذ المرتبة الثالثة ب486 طن مكعب فقط. 1810 طن مكعب إضافية تذهب لاستخدامات أخرى مختلفة.
اقرأ أيضًا:
هل تعلم؟
- أن الرمز الذري للفضة هو Ag، والذي يبدو أنّه يحمل ارتباطًا قليل باسم هذا العنصر هو في الواقع اختصار لـ Argentums، الكلمة اللاتينية التي تعني الفضة. كلمة “silver” تأتي من الكلمة الأنجلوساكسونية “seolfor”.
- أن أول ظهور كبير للفضة في الولايات المتحدة كان في صدع كومستوك في نيفادا Nevada’s Comstock Lode، الذي اكتُشف أول مرة عام 1857 من قِبَل أخوين توفوا قبل أن يتمكنوا من حصد مكاسب هذا الاكتشاف. وفقًا لموقع نيفادا أونلاين، استُخرجت كمية من الفضة تعادل 305779612.48 دولار من الأرض بين عامي 1859 و1992.
- أنه في شهر شباط من عام 2014، كشف علماء الآثار فضة دفينة، من ضمنها خمس أقراط دائرية الشكل، في موقع يعود عمره إلى 3200 سنة في فلسطين.
- أن للفضة خصائص مضادة للميكروبات، لكن ذلك لا يجعل منها خيارًا جيدًا للعلاجات المنزلية. في بعض الأحيان، يُعالج الداء بالداء (شكل من أشكال الطب البديل) (المعالجة المِثلية – Homeopathy) فيقدّمون الفضة الغروية لمجموعة من الحالات الصحية، لكن شرب هذا الشيء له تأثير جانبي غريب: يقلب لون الجلد إلى الأزرق.
- كيف تبقى القطع الفضية في المتحف بهذا اللمعان؟ يعمل الباحثون على تشكيل طبقات طلاء بسماكة نانومترية والتي يمكن أن تحل محل الطلاء المُستخدم يدويًا بشيء أقل سماكة، شفاف بشكل تام ويدوم وقتًا أطول.
البحث الحالي
خصائص الفضة المضادة للميكروبات وضعت هذا العنصر في أيدي الأطباء، وفقًا لموقع wounds international، استُخدمت الفضة في منع حدوث التهابات الجروح لمئات السنين. الفضة لا تقضي على الميكروبات في شكلها المعدني، إذ أنّها غير فعالة. بل إنّها تعمل ضد البكتيريا فقط في شكلها الأيوني (الشاردي) – عليها أن تفقد إلكترونًا لتصبح موجبة الشحنة. أيون الفضة ذو الشحنة الموجبة يؤثر على جدار الخلية الخاص بالبكتيريا ويعطل عمليات ميكروبية أخرى.
يمكن لمرضى الحروق أن يضعوا على جروحهم كريمات من الفضة تعمل كمضادات حيوية، وتستخدم بعض المشافي ضمادات مُشبعة (مُشرّبة) بالفضة لتقرحات الجلد وعلاجات أخرى للجروح. بيد أن هناك جدالات في هذا المجال، حول فاعلية هذه الضمادات، خصوصًا بعد دراسة نُشرت عام 2010 في مجلة Cochrane Database of Systemic Reviews والتي وجدت أن الفضة لا تُسرّع من شفاء الجروح. ذكرت مجموعة عمل طبية مُحترفة من مجلة wounds international عام 2012، أن هذه الضمادات يمكن أن تكون مفيدة في حالات الالتهاب الموضعية.
أخذت بعض شركات التصنيع قدرة الفضة المضادة للميكروبات كفرصة تسويقية، عن طريق صناعة منسوجات تدخل الفضة في تركيبها بهدف منع البكتيريا ذات الرائحة من التشكل في القماش.
المشكلة، وفقًا لبيرند نواك Bernd Nowack، باحث في empa، مختبرات سويسرا الاتحادية لعلوم المعادن والتكنولوجيا -Swiss Federal Laboratories for Materials Science and Technology، هي أنك لا تعلم على ماذا تحصل في هذه الأقمشة التي تدخل الفضة في تركيبها. في الواقع، من الممكن أنّه حتى شركات التصنيع لا تعلم ماذا تصنع أيضًا.
قال نواك لموقع lives cience: «من الممكن أن يقوموا بإضافة مركب لكن ربما خلال عملية التصنيع، وصباغة المنسوجات، قد يحدث تحولٌ في بعض المواد». في دراسات عديدة، وجد نواك وزملاؤه أن أنواع الفضة التي من المُفترض أنّها موجودة في هذه المنسوجات عالية التقنية نادرًا ما تكون مثلما يجب.
وفق ناواك: «يحتوي النسيج على تنوعٍ كبيرٍ من الفضة المختلفة وأحيانًا النوع الذي يجب أن تصل نسبته إلى 30 بالمئة والـ 70 بالمئة الباقية هي أنواع أخرى من الفضة».
هذا يهمّ، لأن بعض أنواع الفضة لا تتفاعل بسرعة مع البكتيريا كما الأنواع الأخرى. على سبيل المثال، النسيج الذي تدخُل فيه الفضة والمكشوف على الهواء يتلطخ حرفيًا، يتحد مع الكبريت ليشكل كبريتيد الفضة. كبريتيد الفضة، غير فعّال في القضاء على البكتيريا.
النسيج المثالي يكون باستخدام الجسيمات النانوية بدلًا من الفضة العادية، لأن الجسيمات النانوية تتحرر بمعدل مناسب لتُبقي غشاءً رقيقًا من الفضة على النسيج، وهذا ما يمنع تشكل البكتيريا. حاليًا، ومع ذلك، قال ناواك أنه لا توجد طريقة جيدة للإشارة إلى النسيج والقول على وجه التأكيد أن الفضة التي يحتويها هي بالشكل النانوي. في الحقيقة، وضع قميص بخيوط الفضة العادية في الغسالة سيُطلق جسيمات نانوية من الفضة أكثر مما يُطلقه قميص مُعزز بالجسيمات النانوية، وفق ما أفاد به ناواك وزملاؤه لصحيفة ACS Nano في حزيران 2012.
هناك طرق لتحسين أداء المنسوجات المُعززة بالفضة، من ضمنها دمج الفضة مباشرةً داخل المنسوجات عوضًا عن المعالجة السطحية. ومع ذلك، الفضة تفاعلية جدًا بحيث أنّها ليست خيارًا جيدًا للمنسوجات. على كل حال، لا تكون الفضة مجدية إذا تلطخت ملابسك كما تتلطخ الفضيّات.
يقول ناواك: «طالما أنّك تُعرّضها للهواء، لا يمكنك أن تمنع هذا التلطخ، إنّه يحدث هكذا، إنّه شيءٌ لم يؤخذ بعين الاعتبار حتى الآن».
اقرأ أيضًا:
- ترجمة: رؤى بركات
- تدقيق: بدر الفراك
- المصدر