تنحدر تسمية عنصر الباريوم من المصطلح الإغريقي “باريز” والتي تعني ثقيل. فالباريوم هو معدن قُلَوي ترابي كثيف نسبيًّا ومتفاعل. يتواجد طبيعيًّا فقط متّحدًا مع عناصر أخرى، كما أنّ للمركّبات التي تحوي الباريوم مجالات استخدام واسعة، إذ نجدها في سموم الفئران والعوامل المثقلة في سوائل التنقيب الزيتية، بالإضافة إلى وجوده في السائل الأبيض المستخدم بتنظير الأمعاء في اختبارات التشخيص باستخدام الأشعة السينية والتي تُدعَى “حقنة الباريوم”.
حقائق
- العدد الذرّي (عدد البروتونات في النواة): 56
- الرّمز الذرّي (في الجدول الدوري للعناصر): Ba
- الوزن الذرّي (الكتلة الوسطية للذرّة): 137.327
- الكثافة: 2.09 1 أونصة في الإنش المربّع (أي 3.62 غرامات/سم2)
- الطور في درجة حرارة الغرفة: صلب
- درجة الانصهار: 1341 فهرنهايت (727 درجة مئوية)
- درجة الغليان: 3447 فهرنهايت (1897 درجة مئوية)
- عدد النظائر الطبيعية (ذرّات العنصر ذاته لكنها تملك عدد نيوترونات مختلف): 7
- النظير الأكثر شيوعًا: Ba-138
اكتشاف الباريوم
لاحظه فينسينزو كاسكيارولو، وهو عالم كيمياء إيطالي من القرن السابع عشر، لأوّل مرّة في حصى غير اعتيادية دام بريقُها لسنواتٍ بعد تعرّضها للحرارة، بحسب الجمعية الملكية للكيمياء. أُطلِق على هذه الحصى “أحجار بولانغا”، تيمُّنًا بالبلدة التي ينتمي إليها. تبيّن لاحقًا أنّها سلفات الباريوم (BaCO4). في أواخر القرن الثامن عشر، اكتشف الكيميائي الألماني كارل سشيل بالتعاون مع الكيميائي الإنكليزي ويليام ويذرينغ، أكسيد الباريوم (BaO) وكربونات الباريوم (BaCO3).
لم تُعزل وتحدد هوية معدن الباريوم النقي حتّى عام 1808 في المعهد الملكي في لندن. استخدم الكيميائي والمخترع البارز السير همفري دافي التحليل الكهربائي لفصل الباريوم عن أملاح الباريوم المنصهرة مثل هيدروكسيد الباريوم (Ba(OH)2). خلال عملية التحليل الكهربائي، مُرِّر تيّارًا كهربائيًا مستمرًا عبر المادّة المتأينة بغية فصل الأيونات عن بعضها. ولكون أملاح الباريوم مُنصهِرَة، انتقلت أيونات الباريوم بسهولة إلى الإناء ذي القطب السالب، أمّا الأيونات السالبة الأخرى انتقلت بسهولة بالاتّجاه المعاكس إلى الإناء الحاوي على القطب الموجب.
مصادر الباريوم
يتواجد الباريوم طبيعيًا فقط مُتّحدًا بعناصر أخرى بسبب ميله العالي إلى التفاعل. نجد الباريوم بشكل كبير مُتّحِدًا مع السلفات والكربونات، لكن بإمكانه أيضًا أن يُشكّل مركبات مع الهيدروكسيد والكلوريد والنترات والكلورات والشوارد السلبية الأخرى.
يُشكّل الباريوم نسبة 0.05% من القشرة الأرضية، ما يجعله في المرتبة السابعة عشر بين العناصر الأكثر وفرة في القشرة الأرضية، وفقًا لما ذكره روبرت كريبس (Robert E. Krebs) في كتابه “التاريخ واستخدام عناصر كوكبنا (الأرض) الكيميائية: دليل مرجعي”.
من أجل الحصول على عنصر الباريوم النقي، يجب فصله عن العناصر الأخرى التي تتواجد بشكل طبيعي في مركبات الباريوم. يمكن استخلاص الباريوم من كلوريد الباريوم بالتحليل الكهربائي. كما يمكن الحصول على الباريوم من أكسيد الباريوم باستخدام الألومينيوم أو السيلكون في الفراغ ذي درجة حرارة عالية وضغط منخفض.
خصائص الباريوم
الباريوم النقي هو معدن طري أبيض مائل إلى الفضّي. يُصنف مع العناصر القلوية الترابية، يقع في العمود الثاني من الجدول الدوري مع البيريليوم والمغنيزيوم والكالسيوم والسترونتيوم والراديوم. تملك ذرات هذه المجموعة إلكتروني تكافؤ. كما يقع في الصف الخامس بالتالي يُبقِي الباريوم إلكتروني التكافؤ خاصته في الطبقة الخامسة ويمكن بسهولة خسارتهما أو تأكسد العنصر، ما يُفسّر كون الباريوم على مستوى عالي من الميل للتفاعل خصوصًا مع العناصر ذات الشحنات السلبية كالأكسجين.
الاستخدامات التجارية للباريوم
لا يملك الباريوم بشكله العنصري استخدامات عملية كثيرة، وذلك بسبب ميله الشديد للتفاعل. من ناحية أخرى، فإنّ انجذابه الشديد للأكسجين يجعله مفيدًا في إزالة الآثار المتبقية من الهواء في أنابيب المُفرَّغَة. يمكن للباريوم النقي أن يكون مُتّحدًا مع معادن أخرى ليُشكّل سبائك تُستخدم لتصنيع قطع الآلات مثل المحامل أو شمعات الاشتعال في محرّكات الاحتراق الداخلي. وبسبب ضعف ارتباط الباريوم بإلكتروناته الخارجية، فإن سبائكه تطلق الالكترونات بسهولة عند تعريضها للحرارة ومن ثم تُحسِّن كفاءَة شمعات الاشتعال.
تملك المركبات الحاوية على الباريوم استخدامات تجارية متنوعة. يُستخدم مركب سلفات الباريوم أو الباريت في الليثوبون (lithopone) (وهو صباغ أبيض مُفتّح في أوراق الطباعة واللوحات) وفي سوائل الحفر الزيتية وفي صنع الزجاج والمطاط. كما تُستخدم كربونات الباريوم سمًا للفئران، وتُبدي نترات الباريوم وكلورات الباريوم ألوانًا خضراء في الألعاب النارية.
الباريوم في الجسم
يوجد في جسم إنسان بالغ حوالي 22 mg باريوم لتواجده في العناصر الغذائية مثل الجزر والبصل والخس والفاصولياء والحبوب. يمكن للباريوم المتركّز في الأسنان أن يفيد العلماء في تحديد مرحلة انتقال الأطفال من الرضاعة إلى تناول الغذاء الصلب. لا تخدم هذه المستويات المنخفضة من الباريوم في الجسم أي دور بيولوجي لكنّها غير مؤذية.
من ناحية أخرى، يمكن للكميّات الكبيرة من أملاح الباريوم المنحلة أن تكون سامّة وحتّى مميتة، وفقّا لما ذكره جون إمزيلي في كتابه “عناصر القتل: تاريخ السموم”. يمكن أن يسبّب الباريوم القيء والمغص والإسهال والأورام والشلل. عُدّت الكثير من حالات القتل باستخدام مركبات الباريوم بما فيها حادثة القتل المسجّلة عام 1994 بمانسفيلد في تكساس، إذ أقدمت الشابة ماري روباردز ذات الستة عشر عامًا على قتل والدها بعد أن قامت بسرقة خلات الباريوم من مخبر الكيمياء في مدرستها الثانوية.
كما لقي العديد من المرضى حتفهم عند استبدال سلفات الباريوم غير المنحلة خطأً بكربونات الباريوم المنحلة عند إجراء الاختبار التشخيصي بتنظير الأمعاء والذي يدعى حقنة الباريوم.
يُطبّق الأطباء حقنة الباريوم لتنظير وتشخيص الشذوذات في الأمعاء الغليظة والمستقيم. تُحقن سلفات الباريوم خلال هذه العملية أو الإجراء عن طريق المستقيم لتغليف الجدران الداخلية للأمعاء الغليظة، ومن ثم يُطبّق الهواء للتأكد من التغليف الكامل للباريوم. تُستخدم عندها الأشعة السينية لتشكيل صورة للسبيل الهضمي السفلي. تمتص سلفات الباريوم الأشعة السينية فتظهر بلون أبيض في الصورة، على عكس الهواء والأعضاء المجاورة التي تبدو بلون أسود. يُمكِّن تحليل صورة الأشعة السينية من حقنة الباريوم الأطباء في تشخيص الاضطرابات مثل التهاب القولون التقرحي وداء كرون والسلائل والسرطان ومتلازمة الأمعاء الهيوجة.
- ترجمة: مريم عيسى
- تدقيق: رزوق النجار
- المصدر