تتنافس دول العالم في مجال البحث العلميّ وعدد المقالات العلميّة التي تقوم بنشرها في قطاعات العلوم والتكنولوجيا.
ولا يكاد الآن يُخفَى على أحد التصاعد النيزكي الذي تشهده الصين على الساحة العلميّة لتتربع على الصدارة متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية في عدد المقالات العلمية المنشورة، في سعيها الدؤوب لتكون الرائدة عالميًا في مجال البحث والتطوير وهي النتيجة المتوقعة منذ فترة طويلة.
تُشكّل الإحصاءات جزءًا من تقرير مؤشرات العلوم والهندسة والتي تُقدّمها مؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكية (NSF) كل سنتين، وتبعًا إلى كيفيّة نظرك إليها، فإن الصين على وشك أن تصبح – أو قد أصبحت فعلًا – القوة العلميّة العظمى على هذا الكوكب.
وقد كانت التقارير السابقة لمؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكية تتعقب ارتقاء الصين في العلوم والتكنولوجيا لمدة من الزمن، ففي عام 2010 قالت الوكالة بأنها لا ترى نهايةً لتطلعاتها في الاستثمارات العلميّة، في حين أن تقرير عام 2012 تحدّث عن تأسيس منطقة للعلوم في آسيا، حيث تتربع الصين بقوة في مركزه.
ولهذا، فقد لا تأتي آخر الأخبار مُفاجئة للكثيرين، ولكن هذا الارتفاع المُتسارع الذي حققته الصين في العقدين الماضيين كان أمرًا يجب الوقوف عنده للنظر فيه.
وقد زادت جحم أموال الصين المستثمرة في البحث والتطوير بنسبة 18% سنويًّا، كما ارتفع عدد الذين تخرّجوا بدرجة البكالوريوس في العلوم من 356ألفًا، إلى 1.65 مليونًا بين عاميّ (2000 – 2014) في الوقت الذي بلغ فيه هذا الارتفاع في الولايات المتحدة الأمريكية من 483 ألفًا، إلى 742 ألفًا فقط.
وكان فحوى التقرير الأخير بسيطًا جدًا: «إنَّ حصّة الولايات المتحدة الأمريكية في قطاع العلوم والتكنولوجيا آخذٌ بالانخفاض مع استمرار دول أخرى – كالصين على وجه الخصوص- بالارتفاع.»
من المهم أن نعلم بأن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة قد فقدت أهميتها أو تأثيرها في البحث العمليّ، ولكن حتى مع أن الصين قد تكون الآن تُنتج المزيد من الأبحاث بشكل إجمالي، فلاتزال الأبحاث والأوراق العلمية التي تنتجها الولايات المتحدة تستخدم أكثر كمراجع ومصادر اقتباس في الأبحاث العلمية يسبقها فقط السويد وسويسرا ويليها الاتحاد الأوروبي وبعدهم الصين، وهذا من شأنه أن يعكس طبيعة العمل الجاري في الولايات المتحدة وكيف ينطوي على أسئلة أساسية أكثر.
وعندما يتعلق الأمر بكمّ المال الذي يُستثمر سنويًّا في عملية البحث والتطوير، فإن الولايات المتحدة ما زالت في الصدارة، ففي عام 2015 على سبيل المثال؛ استثمرت الولايات المتحدة 500 مليار دولار وهو ما يُمثّل 26% من المجموع العالمي مقارنةً مع الصين بـ 400 مليار دولار.
وفي حين أن هذا الرقم الضخم كان ثابتًا على مدى السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة، كان يزدادُ نموًا في الصين، ومن المرجّح أن يتجاوز الولايات المتحدة في المستقبل غير البعيد.
وهذا ما معناه بأن السعي وراء المعرفة بشكل عام يعود بالفائدة علينا جميعًا، ولكن لربما يشعر الكثيرون في الولايات المتحدة ببعض القلق إزاء صعود الصين في هذا المجال، فعلى سبيل المثال، يحذّر الجيش من أن تقوم الأمّة بتطوير الأسلحة والأقمار الصناعيّة لما يُشكل عليه من تهديد.
فيما يشعر الاقتصاديون بالقلق من أن أحد الركائز الأساسيّة للاقتصاد الأمريكي يتآكل بسرعة.
- ترجمة: رامي الحرك.
- تدقيق: مينا أبانوب.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر