التعافي المتفاوت للاقتصادات العالمية بعد جائحة كورونا. تختلف معدلات البطالة الأعلى والأخفض في العالم دراماتيكيًا حتى بين أضخم الاقتصادات عالميًا، فقد كان معدل البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أضخم اقتصاد من ناحية الناتج المحلي الإجمالي (GDP) نهاية شهر شباط عام 2020 (3.5%)، الذي يُعد المعدل الأخفض على مدى نصف قرن، لكن سرعان ما ارتفع ليصل إلى 14.8% نهاية شهر نيسان عند بدء جائحة كورونا وتأثيرها السلبي على الاقتصاد، وعند مقارنة المعدلات أظهرت الأبحاث التاريخية أن المتوسط السنوي لمعدلات البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية في المدة من عام 1949 حتى 2019 كان 5.8%، وقد توقع أولًا مكتب الميزانية التابع للكونجرس أن تصل معدلات البطالة لأعلى قيمة لها عند حدود 14% في الربع الثالث من عام 2020 لتعاود التحسن بسرعة بعد ذلك، وبالرغم من صحة التوقعات حول النسبة الأعلى تعافى الاقتصاد الأمريكي أسرع من المتوقع مع استمرار انخفاض معدلات البطالة شهريًا منذ بدء الجائحة، مع وجود ازدياد بمعدل 0.1% بين الفترة الممتدة من شهر آذار حتى شهر نيسان من عام 2021.
لكن لم يكن هذا التعافي متكافئًا في الدول جميعها، فقد عانت دول عدة من معدلات بطالة أسوأ من المعدلات التي كانت قبل بداية الجائحة، وسنوضح في الفقرات التالية معدلات البطالة الأعلى والأخفض، إضافةً إلى معدلات البطالة لاقتصادات الدول الكبرى مع مراعاة الناتج المحلي الإجمالي (GDP)، بناءً على البيانات التابعة للأمم المتحدة الأحدث توافرًا.
معدلات البطالة حسب الدولة (إحصائيات عام 2020)
معدلات البطالة الأعلى
تمركزت معدلات البطالة الأعلى لأول أربع دول نهاية عام 2020 في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وفلسطين المحتلة.
- جنوب أفريقيا: 28.5%.
- الأراضي الفلسطينية المحتلة: 26.1%.
- ليسوتو: 22.8%.
- إسواتيني: 22%.
احتلت جنوب أفريقيا المركز الأول لأعلى معدل بطالة في عام 2020، إضافةً إلى أنها الدولة الأغنى ضمن هذا التصنيف، وتوقع البنك الدولي أن يكون ناتجها المحلي الإجمالي للفرد 6,001$ لعام 2019. تعاني الأراضي الفلسطينية حاليًا أوضاعًا اقتصاديةً غير مستقرة، كانت سنة 2020 خاصةً سنةً عصيبةً على هذه الدولة، إذ استمر الاقتصاد الفلسطيني في تلك الفترة في المعاناة من الانهيار الاقتصادي بسبب الجائحة، إضافةً إلى الاضطرابات السياسية التي شكلت صعوبةً لدى الحكومة لجمع عائدات الضرائب.
أما بالنسبة لدولة ليسوتو فهي دولة جبلية صغيرة محاطة بدولة جنوب أفريقيا، كانت سابقًا تحت حماية الحكومة البريطانية، وحصلت على استقلالها عام 1966، استمرت معدلات البطالة فيها بالارتفاع لأعلى من 22%، مع وجود فوارق شديدة في الدخل، إضافةً إلى الفقر. تعاني أيضًا دولة إسواتيني من الفقر الشديد ومن أعلى معدل إصابات بفيروس الإيدز وفقًا لوكالة المخابرات المركزية، ويسبب هذا المعدل المرتفع انخفاضًا في الإنتاجية؛ بسبب افتقار الأسر للقوة نتيجةً لهذا المرض.
معدلات البطالة الأخفض
تمثل القائمة التالية الدول العشر الأوائل لأخفض معدلات بطالة:
- قطر: 0.1%.
- جزر سليمان: 0.5%.
- النيجر: 0.5%.
- جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية: 0.6%.
- كامبوديا: 0.7%.
- البحرين: 0.8%.
- تايلاند: 0.8%.
- رواندا: 1%.
- تونغا: 1.2%.
- بوروندي: 1.4%.
لهذه الدول معدلات بطالة مذهلة تتراوح بين 0.1% حتى 1.4%، فقد تفوقت جميعها على الولايات المتحدة الأمريكية بهامشٍ كبير حتى نهاية 2020.
معدلات البطالة لأضخم اقتصادات العالم
كانت معدلات البطالة للدول العشر الأوائل أصحاب الاقتصادات الكبرى من ناحية الناتج المحلي الإجمالي منخفضةً، وكان ذلك متوقعًا في نهاية 2020، مع وجود بعض الاستثناءات؛ مثل: فرنسا وإيطاليا والبرازيل.
- اليابان: 2.3%.
- ألمانيا: 3%.
- الولايات المتحدة الأمريكية: 3.9%.
- المملكة المتحدة: 4.1%.
- الصين: 4.4%.
- الهند: 5.4%.
- كندا: 5.4%.
- فرنسا: 8.3%.
- إيطاليا: 9.8%.
- البرازيل: 12%.
من المرجح لهذه القيم أن تتغير في الأشهر التالية، عندما تعاود هذه الدول فتح اقتصادها وعند انخفاض الإصابات اليومية بكوفيد-19، سيختلف هذا التأثير على معدلات البطالة وفقًا لآلية الحصول على اللقاح، ومدى سرعة السكان لتحقيق مناعة القطيع، إضافةً إلى المدة الزمنية التي ستتمكن فيها المنشآت التجارية من العمل بطاقتها القصوى.
وكما ذُكر سابقًا، كان من المتوقع لمعدل البطالة في الولايات المتحدة أن يصل إلى 14% في نهاية الربع الثاني من عام 2020، وتوقع مكتب الميزانية التابع للكونجرس أن يعاود الانخفاض لحدود 7.6% عند نهاية 2021، وانتهى الحال بوصوله لنقطة المؤشر القياسي لمدة خمسة عشر شهرًا بعد انخفاضه من 7.8% إلى 6.9% في المدة بين سبتمبر وأكتوبر من عام 2020.
معدل البطالة والقوة الاقتصادية
ليس بالضرورة للدول التي تمتلك معدلات بطالة منخفضة أن تتمتع باقتصاد قوي، فعلى سبيل المثال كان معدل البطالة في النيجر 0.5%، لكن كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد في عام 2019 (553.9$) بحسب إحصائيات البنك الدولي، وكان معدل البطالة في بوروندي 0.5% في 2020، لكن ناتجها المحلي الإجمالي للفرد كان بحدود 261.2$ في 2019، ما يجعل منها الدولة الأفقر في القائمة أعلاه، في حين قامت كمبوديا بتوظيف 82.4% من القوى العاملة في 2020، كان ناتجها المحلي الإجمالي للفرد 1,643$ في عام 2019؛ أي ما يعادل 4.50$ في اليوم.
تملك هذه الدول أرقام بطالة منخفضة بنسب كبيرة؛ بسبب اعتماد اقتصادها الكبير على الزراعة الذي يرتكز بشدة على العمالة، لكن بمعدلات موسمية، من الجدير بالذكر أن العمالة الجزئية هي أيضًا شكل من أشكال التوظيف، وحتى في لاوس التي تتمتع بناتج محلي إجمالي للفرد جيد تراوح عند 4,903.2$ في عام 2019 تركزت القوى العاملة لديها بنسبة 20% في القطاع الزراعي في عام 2017.
توافق معدلات البطالة المنخفضة مع الاقتصاد الغني
من الممكن أن تمتلك الدول معدلات بطالة منخفضة مع اقتصاد غني، يشاهد هذا المزيج في قطر وبحسب بيانات البنك الدولي، كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد لعام 2019 62,088.1$، ساعدت هذه الثروة قطر على تصدر القائمة السابقة، إذ يتأثر معدل البطالة بالأفراد الباحثين عن فرص عمل، فمن الممكن أن يشعر أحد الأفراد لأبوين ثريين بضغطٍ أقل لكسب المال مع ميل أعلى لإنفاقه.
يشكل النفط والغاز المحرك الأساسي للاقتصاد القطري، ما يجعل منه اقتصادًا غنيًا جدًا، بالرغم من ذلك تسعى السلطات إلى دفع الاقتصاد عن طريق تنويع الأنشطة التجارية والاستثمار في قطاعات؛ مثل: الخدمات المالية والإعمار والمطاعم والفنادق.
اقرأ أيضًا:
البطالة كيف تحدث وكيف يمكن قياس نسبتها في المجتمع؟
ترجمة: لميس عبد الصمد
تدقيق: إيناس خير الدين
مراجعة: آية فحماوي