تُوفر الآبار مصدرًا للحصول على الماء العذب للبشر القاطنين في الأرياف ومناطق أخرى يصعب فيها الحصول على مياه خزانات المدينة. قد لا يبدو الحصول على المياه العذبة نوعًا من الرفاه، ولكن في الأماكن ذات البنية التحتية البسيطة، تُوفر الآبار مصدرًا مهمًا وبسيطًا للحصول على الماء.
لكن ما البئر بالتحديد؟ وما مصدر مياه الآبار؟
ما هو البئر؟
لربما سمعتم بمصطلحات «بئر» و «مياه الآبار» سابقًا، ولكن ماذا عن التفاصيل؟
البئر حفرةٌ عميقة في الأرض، يتخطى عمقه منسوب المياه الجوفية، ويسمح بالحصول على المياه الجوفية بإيصالها إلى السطح بواسطة دلو أو أنبوب.
توجد ثلاثة أنواع من الآبار: الآبار المحفورة، والآبار الأنبوبية، وآبار السبر.
النوع الأول، وهو الآبار المحفورة، هي أول ما يتبادر إلى الأذهان عند تخيل الشكل «التقليدي»، أو حتى أول ما ترونه عند مشاهدة برنامجٍ تلفازي أحداثه تجري في العصور القديمة. تكون هذه الآبار ذات قطر دائري عريض، وعمق سطحي، ويُبنى بوضع صفوفٍ من الحجارة أو الطوب ويُوضع له دلو يُربط أو جنزير للحصول على الماء.
تُبنى الآبار الأنبوبية بحفر أنبوب مباشرًة في الأرض. يصل عمق هذه الآبار وسطيًا إلى 50 قدمًا. ويُمكن بناء هذه الآبار لتكون شديدة العمق، أيّ بعمق آلاف الأقدام تحت الأرض. ويستلزم بناؤها اتباع أساليب حفرٍ معنية وتوفر أدوات الدق اللازمة للوصول إلى جوف الأرض.
ما معنى منسوب المياه والمياه الجوفية؟
قد يبدو المصطلحان «منسوب المياه» و «المياه الجوفية» مضللين بعض الشيء، لكنهم في الواقع في غاية البساطة!
توجد العديد من طبقات الرمال، والتربة، والصخور والرواسب تحت الأرض. وبعد الحفر بعمق، نصل إلى طبقةٍ توجد فيها المياه. وهذا ما يُسمى بمنطقة منسوب المياه.
تحت هذه النقطة، تكون الأرض مُشبعة بمياهٍ ندعوها المياه الجوفية. يتغير موقع منسوب المياه تبعًا لكمية المياه الجوفية. وتختلف كمية المياه الجوفية تبعًا لعدة عوامل، منها أيّ فصلٍ نحن فيه، وكمية الأمطار الهاطلة، وغيرها.
ما مصدر المياه الجوفية؟
نعلم أن الآبار توفر لنا المياه الجوفية من تحت الأرض، ولكن ما المصدر الأصلي لهذه المياه؟ إن مصدر المياه الجوفية، وبالتالي مياه الآبار، هو المطر. يؤدي هطول الأمطار إلى إنعاش مخزون المياه الجوفية تحت أقدامنا ويُساهم في استمرار عمل الآبار عملًا صحيحًا. عندما تهطل الأمطار على سطحٍ نفاذ، مثل العشب أو التربة، فإنها تتسرب تحت الأرض.
تستمر المياه بالتسرب إلى الأسفل عبر المساحات الموجودة في التربة والصخور حتى تصل إلى منطقة منسوب المياه. ويُساهم هطول الأمطار بغزارة برفع منسوب المياه، في حين أن الجفاف يؤدي إلى تقليل منسوب المياه. ولكن، أدت كلٌ من عمليات البناء وتوسع المدن الناتج عنها إلى التأثير على توفر المياه الجوفية باعتماد أسطح غير نفاذة أو كتيمة.
معوقات الأسطح الكتيمة
يُعرف السطح الكتيم أو غير النافذ للمياه على أنه سطح لا تستطيع المياه العبور من خلاله لتصل إلى التربة وتتسرب إلى منطقة منسوب المياه. وبعضٌ من الأمثلة عن ذلك تتضمن الطرقات، ومواقف السيارات، والأسطح الخَرَسَانية أو الإسفلتية.
بدلًا من أن تمتص هذه الأسطح المياه، تتفرع المياه، وتتسرب عادًة إلى المجاري وأماكن أخرى. وتصب شبكات الصرف الصحي مباشرًة في مجاري المياه الطبيعية مثل النهر أو المحيط.
تنجم عن هذه الأمور مشكلتان كبيرتان. أولًا، عدم تسرب المطر الهاطل عبر هذه الأسطح يعني أنه لا يمكن “إعادة شحن” أو إعادة تعبئة المياه الجوفية، وذلك بدوره يُؤثر على موقع منسوب المياه ليصبح في قاعٍ عميق من الأرض. وهذا الآخر يعني أن الآبار السطحية ستجف إن لم تستطع الأنابيب المركبة استخراج المياه من العمق الذي يوجد فيه منسوب الماء.
ثانيًا، للأسطح الكتيمة دورٌ غير مباشر في زيادة التلوث. يُساعد ترشيح المياه أثناء عبورها طبقات الصخور والرمال والحصى على إزالة العديد من المواد السامة والملوِثة منها. ولكن، جريان المياه مباشرًة في المجاري وانتهائها في مصب طبيعي محلي، يؤدي إلى تدفق الملوثات في هذه المصبات، وتكون النتيجة تلوث الماء.
اقرأ أيضًا:
يحذر العلماء من “قنبلة موقوتة من المياه الجوفية” مختبئة تحت سطح الكوكب !
ترجمة: طاهر قوجة
تدقيق: رغد أبو الراغب