عندما يتعلق الأمر بالجسيمات وفيزياء الكم فإن الباحثين يملكون العديد من الأسئلة غير المجاب عنها، وأحد أكثر هذه الأسئلة جوهريةً والذي سيبقى كذلك، جاء العلماء ليثبتوا لأول مرةٍ أن المسألة غير قابلةٍ للحل رياضيا المشكلة تخص الفجوة الطيفية وهو مصطلحٌ يُعبر عن الطاقة اللازمة للإلكترون للانتقال من الحالة منخفضة الطاقة إلى مستوى الإثارة.
وهذا يعني أنه مهما بلغنا من الكمال والمثالية في وصف المادة رياضياً تحت المستوى الميكروسكوبي فلن نتمكن من التنبؤ بطبيعة تصرفه تلك وان أصغيت بتمعنٍ فستستطيع سماع أحلام الفيزيائيين تتحطم.
لماذا الفجوات الطيفية مهمةٌ جداً؟
الفجوات الطيفية خاصيةٌ مركزيةٌ لأشباه الموصّلات والتي تُعتبر مكوناً أساسياً للدارات الإلكترونية.
كان الفيزيائيون يأملون بأن يتمكنوا من استنباط ما إذا كانت المادة -عند درجة حرارة الغرفة- فائقة الموصلية أم لا عن طريق استقراء وصف ميكروسكوبي مكتمل بشكلٍ كافٍ.
لكن بنشر نتائجهم في مجلة نيتشرأثبت فريقٌ دوليٌّ من العلماء أن تحديد ما إذا كان للمادة فجوة طيفية أم لا، يُعد سؤالاً غير قابلٍ للضحد ولا الإثبات في آنٍ واحد، قال توبي كوبت وهو أحد الباحثين في جامعة كلية لندن في المملكة المتحدة: “آلان تورنج مشهورٌ بدوره في حل لغز إنجما لكنه مشهور بين الرياضيين وعلماء الحاسوب بشكلٍ أكبر بإثباته بأن هناك أسئلةٌ رياضيةٌ محددةٌ غير قابلةٍ للتفنيد ولا الإثبات -فهي ليست بخاطئة ولا بصحيحة، لكنها بعيدة عن قدرة الرياضيات”.
قمنا بإثبات أن الفجوة الطيفية واحدةٌ من هذه المسائل. هذا يعني أنه لا يمكن إيجاد طريقةٍ عامةٍ لتحديد ما إذا كانت المادة الموصوفة من قبل ميكانيكا الكمّ لديها فجوةٌ طيفيةٌ أم لا.
ما يقيد حجم ما نستطيع التنبؤ به بخصوص تصرف المواد الكمية، وحتى فيزياء الجسيمات الأساسية.
إذاً، كيف تستطيع الاستنتاج بأن شيئاً معيناً غير قابلٍ للحل؟
استخدم الفريق الكثير من الرياضيات المعقدة، والتي وصفوها بالمقال في المجلة. أو كما قالت لوسي إنغهام: بمعنى آخر، لا توجد خوارزمية تستطيع تحديد الفجوة الطيفية، ولا يهم كيف تنهار الرياضيات، فمعلومات طاقة النظام لا تؤكد وجودها”.
هناك بعض التبعات الكبيرة لهذا الاكتشاف، وخصوصاً أن هناك جائزة على المحك تقدر بمليون دولار مقدمةٌ من معهد كلاي ماثمتكس لأي شخص يستطيع إثبات ما إذا كان النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات -والذي يشرح تصرف معظم الجسيمات الأساسية للمادة في الكون- لديه ثغرة طيفية باستخدام معادلات النموذج القياسي.
يقول كوبيت : “بالرغم من أن المسألة العامة غير قابلةٍ للتفنيد والإثبات، فمن الممكن لحالات خاصة من المسألة أن تكون قابلة للحل، وربما يفوز أحدٌ بجائزة المليون دولار”.
لكن تظهر نتائجنا احتمال أن تكون هذه المشاكل المفتوحة الكبيرة في الفيزياء النظرية مسائل لا يمكن حلها ” بالرغم من أن الفيزيائيين عرفوا إمكانية وجود أسئلة غير قابلة للتفنيد ولا الإثبات منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، فهذه أول مرة يتم التوصل بها لطريقٍ مسدودٍ لإحدى المسائل الأساسية.
لكن ليست كل الأخبار سيئة. فتشير الأخبار بأن هناك في الخارج مشاكل أكبر تنتظر الفيزيائيين والرياضيين ليجدوا لها حلولاً قال ديفيد بيريز غارسيا وهو مؤلفٌ مشاركٌ من جامعة كومبلوتنس مدريد : هذه المسألة غير قابلة للحل بشكلٍ عام، لأن النماذج في هذا المستوى تظهر تصرفاً غريباً بشكلٍ كبير، وهذا يُفشل أي محاولة لتحليلها.
“لكن هذا التصرف الغريب أيضاً يتنبأ بفيزياء جديدة وغريبة لم تُشهد من قبل. على سبيل المثال، تُظهر نتائجنا أن إضافة جسيم واحد لكتلة من المادة -حتى لو كانت كبيرة- يمكنه أن يغير خصائصها بشكلٍ كبيرٍ في المبدأ.
و فيزياء جديدة مثل هذه بالغالب ستُستغل من قِبل التكنولوجيا”.
يقوم الفريق الآن باختبار ما إذا كانت النماذج الرياضية ستصمد عندما تخضع للإختبار في المختبر باستخدام مواد كمّية حقيقية. لنأمل أن تكون قابلية المسألة للحل أكبر بقليل.
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر