تهدف مشروبات الطاقة إلى تعزيز الطاقة والتركيز واليقظة، وتتزايد شعبيتها بين المستهلكين من جميع الأعمار. لكن حذّر بعض المختصين بالصحة من أن مشروبات الطّاقة قد يكون لها عواقب وخيمة، ما دفع الكثير من الناس إلى التشكيك في مدى سلامتها على صحتهم. توضح هذه المقالة منافع مشروبات الطاقة ومضارها، وتقدم مراجعة شاملة لآثارها الصحية.
ما هي مشروبات الطاقة؟
مشروبات الطاقة هي مشروبات تحتوي على مواد تُسوَّق بأنها تزيد الطاقة والأداء العقلي. ومن أشهر أمثلة هذه المنتجات «رد بول» و«أور إنرجي-5» و«مونستر» و«إيه إم بي» و«روكستار» و«إن أو إس» و«فول ثروتل».
تحتوي جميع مشروبات الطّاقة تقريبًا على مادة الكافيين لتحفيز وظائف الدماغ وزيادة اليقظة والتركيز، لكن تختلف كمية الكافيين بين منتج وآخر. يوضح الجدول التالي محتوى الكافيين لبعض مشروبات الطاقة الشهيرة:
الأرقام المذكورة مُستقاة من موقع الشركة المصنعة على الإنترنت، أو من موقع Caffeine Informer حال لم تدرج الشركة المصنعة محتوى الكافيين.
تحتوي مشروبات الطاقة أيضًا على العديد من المواد الأخرى إضافةً إلى الكافيين، ما يلي أمثلة لبعض المواد الأكثر شيوعًا:
السكر: عادةً يكون المصدر الرئيسي للسعرات الحرارية في مشروبات الطاقة، لكن بعضها لا يحتوي على السكر، إذ تُصنف بأنها قليلة الكربوهيدرات.
فيتامين ب: يلعب دورًا مهمًا في تحويل الطعام الذي تتناوله إلى طاقة يستطيع جسمك استخدامها.
مشتقات الأحماض الأمينية: مثل التورين والكارنيتين، وكلاهما يُصنع طبيعيًا في الجسم، ولهما دور في العديد من العمليات الحيوية.
المستخلصات العشبية: من المرجح إضافة مستخلص الغوارانا لإضافة المزيد من الكافيين، والجنسنغ الذي قد يكون له تأثيرات إيجابية في وظائف المخ.
مشروبات الطاقة يمكنها تحسين وظائف الدماغ
يستخدم الناس مشروبات الطّاقة لأسباب متنوعة. من الأسباب الأكثر شيوعًا زيادة اليقظة العقلية بتحسين وظائف الدماغ. لكن هل تُظهر الأبحاث أن مشروبات الطّاقة توفر هذه الفائدة؟ تؤكد العديد من الدراسات أن مشروبات الطّاقة يمكنها بالفعل تحسين مقاييس وظائف الدماغ، مثل الذاكرة والتركيز وتزامن رد الفعل، إضافةً إلى تقليل الإرهاق الذهني أيضًا. في الحقيقة، أظهرت إحدى الدراسات تحديدًا أن شرب علبة ريد بول واحدة فقط سعة 500 مل زاد من التركيز والذاكرة بنحو 24%. يعتقد العديد من الباحثين أن هذه الزيادة في وظائف الدماغ قد تُعزى فقط إلى الكافيين، في حين يتوقع آخرون أن الجمع بين الكافيين والسكر في مشروبات الطاقة ضروري للحصول على تأثير أكبر.
قد تساعد مشروبات الطّاقة المرهقين والمجهدين على العمل. سبب آخر لاستهلاك مشروبات الطّاقة المساعدة على العمل عند التعب أو الحرمان من النوم. يلجأ السائقون في الرحلات الليلية الطويلة إلى مشروبات الطّاقة حتى تساعدهم على الانتباه واليقظة في أثناء القيادة.
توصلت العديد من الدراسات التي استخدمت محاكاة القيادة إلى أن مشروبات الطاقة قد تزيد من جودة القيادة وتقلل من النعاس، حتى لدى السائقين المحرومين من النوم. وبالمثل يستخدم العديد من العاملين في المناوبات الليلية مشروبات الطاقة، لتساعدهم على إنجاز العمل خلال الساعات التي ينام معظم الناس فيها. مع أن مشروبات الطّاقة قد تساعد هؤلاء العمال أيضًا على البقاء يقظين ومستيقظين، أشارت دراسة واحدة على الأقل إلى التأثير السلبي لاستخدام مشروبات الطّاقة في جودة النوم بعد نوبة عملهم.
قد تسبب مشروبات الطاقة في بعض الحالات مشكلات في القلب
تشير الأبحاث إلى أن مشروبات الطّاقة يمكنها تحسين وظائف الدماغ والمساعدة على اليقظة عند الإرهاق. لكن أيضًا توجد مخاوف من أن مشروبات الطّاقة قد تسبب مشكلات في القلب، إذ أظهرت إحدى المراجعات أن استخدام مشروب الطاقة له دور في العديد من حالات مشكلات القلب، ما يتطلب زيارة غرفة الطوارئ. إضافةً إلى ارتباط استخدام مشروبات الطاقة بأكثر من 20 ألف زيارة إلى قسم الطوارئ كل عام في الولايات المتحدة وحدها.
أظهرت العديد من الدراسات أيضًا أن تناول مشروبات الطّاقة قد يزيد من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب ويقلل من العلامات المهمة لوظائف الأوعية الدموية ما قد يضر بصحة القلب. يعتقد معظم الخبراء أن مشكلات القلب المرتبطة باستخدام مشروبات الطّاقة تحدث نتيجة الإفراط في تناول الكافيين، يبدو هذا منطقيًا، لأن الكثير من الأشخاص الذين عانوا مشكلات خطيرة في القلب بعد شرب مشروبات الطاقة كانوا يشربون أكثر من 3 مشروبات معًا أو يمزجونها بالكحول.
مع أنك تحتاج إلى توخي الحذر بشأن استخدام مشروبات الطاقة إذا كان لديك تاريخ من أمراض القلب، فمن المستبعد أن يسبب تناولها بين وقت وآخر بكميات معقولة مشكلات قلبية لدى البالغين الأصحاء الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض القلب.
بعض المنتجات غنية بالسكر
تحتوي معظم مشروبات الطاقة كميات كبيرة من السكر، مثلًا تحتوي العلبة الواحدة من ريد بول سعة 250 مل 27 جرامًا -نحو 7 ملاعق صغيرة- من السكر، في حين تحتوي علبة مونستر سعة 473 مل 54 جرامًا -نحو 14 ملعقة صغيرة- من السكر. يؤدي استهلاك هذه الكمية من السكر إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم لدى أي شخص، وإن كنت تعاني صعوبةً في التحكم في نسبة السكر في الدم أو كنت مصابًا بداء السكري فيجب أن يزداد حذرك من مشروبات الطاقة.
يؤدي استهلاك المشروبات المُحلاة بالسكر كمعظم مشروبات الطاقة إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، ما قد يكون ضارًا بالصحة، خصوصًا إذا كنت مصابًا بالسكري. وترتبط هذه الزيادة في مستويات السكر في الدم بزيادة مستويات الإجهاد التأكسدي والالتهابات المرتبطة بتطور كل الأمراض المزمنة تقريبًا. لكن حتى غير المصابين بالسكري يجب أن يحذروا بشأن السكر الموجود في مشروبات الطاقة، إذ ذكرت دراسة أن تناول مشروب أو اثنين من المشروبات المحلاة بالسكر يوميًا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 26%.
لحسن الحظ أن العديد من منتجي مشروبات الطاقة يصنعون الآن منتجات تحتوي نسبة أقل من السكر أو خالية منه تمامًا، لتناسب من يعانون مرض السكري أو من يحاولون اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات.
مزج مشروبات الطاقة بالكحول له آثار صحية خطيرة
يحظى مزج مشروبات الطّاقة بالكحول بشعبية كبيرة بين الشباب وطلاب الجامعات، لكنه يمثل مصدر قلق كبير للصحة العامة. قد يتجاوز التأثير المحفز للكافيين التأثير المثبط للكحول، ما قد يشعرك بتسمم أقل مع أنك تعاني أضرارًا مرتبطة بالكحول. وقد يكون هذا المزيج مقلقًا للغاية.
يميل الأشخاص الذين يتناولون مشروبات الطاقة مع الكحول إلى الإبلاغ عن استهلاك أكبر للكحول، وهم أيضًا أكثر عرضة للشرب في أثناء القيادة، ويعانون إصابات مرتبطة بالكحول. إضافةً إلى ذلك أظهرت دراسة شملت 403 من الشبان الأستراليين أن من تناولوا مشروبات الطّاقة الممزوجة بالكحول كانوا أكثر عرضة بنحو ستة أضعاف للإصابة بخفقان القلب عندما شربوا مشروبات الطّاقة الممزوجة بالكحول مقارنةً بشرب الكحول فقط.
ارتفعت شعبية مشروبات الطّاقة الممزوجة بالكحول في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن سنة 2010 أجبرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الشركات على إزالة المنشطات من المشروبات الكحولية بعد تقارير عن مشكلات طبية وحالات وفاة، ومع ذلك يواصل العديد من الأفراد والحانات مزج مشروبات الطّاقة والكحول. للأسباب المذكورة لا يُنصح بتناول مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول.
هل يستطيع الأطفال والمراهقون شرب مشروبات الطاقة؟
يُقدر أن 31% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا يتناولون مشروبات الطّاقة بانتظام. لكن وفقًا للتوصيات التي نشرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال سنة 2011 لا يجب أن يتناول الأطفال والمراهقون مشروبات الطاقة، لأن الكافيين الموجود في مشروبات الطاقة يعرضهم لخطر التعود على هذه المادة، وقد يكون له أيضًا آثار سلبية في نمو القلب.
وضع الخبراء أيضًا حدودًا للكافيين لهذه الأعمار وأوصوا بألا يستهلك المراهقون أكثر من 100 ملغ من الكافيين يوميًا، وأن يستهلك الأطفال أقل من 2.5 ملغ من الكافيين لكل كجم من وزن الجسم يوميًا، وهذا يعادل نحو 85 ملغ من الكافيين لطفل يبلغ وزنه 34 كجم، يبلغ من العمر 12 عامًا أو أقل. حسب العلامة التجارية لمشروب الطاقة وحجم العلبة، لن يكون من الصعب تجاوز توصيات الكافيين بتناول علبة واحدة فقط.
هل يستطيع أي شخص شرب مشروبات الطاقة؟ وما الحد الأقصى؟
تركز معظم المخاوف الصحية المتعلقة بمشروبات الطاقة على محتواها من الكافيين. من المهم أنه يُوصى عمومًا بألا يتجاوز استهلاك البالغين من الكافيين يوميًا 400 ملغ. عادةً تحتوي مشروبات الطّاقة نحو 80 ملغ من الكافيين لكل 237 مل، أي قرابة كوب من القهوة، تكمن المشكلة في أن العديد من مشروبات الطّاقة تُباع في عبوات يزيد حجمها على 237 مل، إضافةً إلى احتواء بعضها على المزيد من الكافيين، خاصةً ما يُسمى «جرعات الطاقة» مثل «أور إنرجي-5»، التي تحتوي 200 ملغ من الكافيين في 57 مل.
تحتوي العديد من مشروبات الطّاقة أيضًا على مستخلصات عشبية مثل الغوارانا، وهي مصدر طبيعي للكافيين يحتوي نحو 40 ملغ من الكافيين لكل جرام. لا يُشترط أن يذكر منتجو مشروبات الطّاقة ذلك في محتوى الكافيين المذكور على الملصق، ما يعني أنه من المحتمل جدًا إساءة تقدير محتوى الكافيين الكلي للعديد من المشروبات. اعتمادًا على نوع وحجم مشروب الطاقة الذي تستهلكه، فليس من الصعب تجاوز الكمية الموصى بها من الكافيين إذا كنت تستهلك عدة مشروبات طاقة في يوم واحد.
مع أنه من غير المرجح أن يسبب مشروب واحد ضررًا، لكن من الصواب أن تتجنب تناول مشروبات الطّاقة جزءًا من روتينك اليومي، وإذا أردت تناول مشروبات الطّاقة فلا تتجاوز 473 مل من مشروب الطاقة القياسي يوميًا، مع الحد من المشروبات المحتوية على الكافيين، ويجب على النساء الحوامل والمرضعات والأطفال والمراهقين تجنب مشروبات الطاقة تمامًا.
الخلاصة
توفر مشروبات الطاقة بعض الفوائد المتوقعة، بزيادة وظائف الدماغ ومساعدتك على العمل عندما تكون متعبًا أو محرومًا من النوم، لكن يتعلق بها عدد من المخاوف الصحية، لا سيما ما يتعلق بالإفراط في تناول الكافيين ومحتوى السكر وخلطها بالكحول.
إذا اخترت أن تشرب مشروبات الطّاقة حدد تناولك بـ 473 مل يوميًا وتجنب جرعات الطاقة. إضافةً إلى ذلك حاول تقليل تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين لتجنب الآثار الضارة للإفراط في الكافيين. ويجب على البعض مثل النساء الحوامل والمرضعات والأطفال والمراهقين تجنب مشروبات الطاقة تمامًا.
اقرأ أيضًا:
مشروبات الطّاقة و الكحوليات تملك نفس تاثير الكوكايين على الدماغ
مشروبات الطاقة الممزوجة بالكحول: حقائق بعيدًا عن الخرافات
ترجمة: منذر جمال الدين
تدقيق: مصطفى شحاتة
مراجعة: أكرم محيي الدين