يعد فيتامين د من المغذيات الأساسية، فله العديد من الوظائف المهمة في الجسم. يُنقل مخزون الأم من فيتامين د إلى جنينها في أثناء الحمل ما يساعد على تنظيم عمليات النمو بما في ذلك نمو الدماغ، وقد أثبتت دراسة نشرت حديثًا في مجلة التغذية وجود ارتباط بين مستويات فيتامين د لدى الحوامل ومعدل ذكاء أطفالهن، ما يشير إلى أن المستويات المرتفعة من فيتامين د في أثناء الحمل قد تؤدي إلى تزايد درجات معدل الذكاء لدى الأطفال، وكذلك بيّنت الدراسة وجود مستويات منخفضة بشدة من فيتامين د بين النساء الحوامل ذوات البشرة السوداء.
أشارت ميليسا ميلو، المؤلفة الرئيسية للدراسة والباحثة العلمية في مركز صحة وسلوك وتنمية الطفل بمعهد أبحاث الأطفال سياتل في الولايات المتحدة، إلى أن عوز فيتامين د شائع بين عامة السكان إضافة إلى النساء الحوامل، إلا أنه لوحظ وجود خطر أكبر لدى النساء ذوات البشرة السوداء، وأوضحت كذلك أنها تأمل أن تساعد الدراسة مقدمي الرعاية الصحية على معالجة حالات التفاوت بين النساء ذوات البشرة الملونة الأكثر عرضة لخطر الإصابة بعوز فيتامين د.
قالت ميلو: «لوحظ في دراستنا وجود معدلات مرتفعة من عوز فيتامين د بين النساء ذوات البشرة السوداء نظرًا إلى أن صبغة الميلانين تقلل إنتاج فيتامين د في الجلد من طريق حجب الأشعة فوق البنفسجية لكنها تحمي البشرة من أضرار أشعة الشمس. ومع أن العديد من الحوامل يتناولن مكملات فيتامين د في أثناء الحمل إلا أن ذلك قد لا يكفي العوز الموجود»، وأضافت أنها: «تأمل أن يؤدي كتابهم إلى زيادة الوعي بهذه المشكلة، وإلى إيضاح المضاعفات طويلة الأمد لتناول فيتامين د في أثناء الحمل التي تؤثر على الأطفال وعلى تطور الإدراك العصبي لديهم، إضافة إلى تأكيد ضرورة إيلاء مزيد من الاهتمام من مقدمي الرعاية لمجموعات محددة، إذ تعتقد أنه يجب على مقدمي الرعاية الصحية البحث عن النساء ذوات الخطورة المرتفعة بمن فيهن النساء ذوات البشرة السوداء، إلا أنه لا يوصى بإجراء الاختبارات الشائعة لمستويات فيتامين د عمومًا».
معالجة حالات التباين:
قد تعاني نحو 80% من الحوامل ذوات البشرة السوداء في الولايات المتحدة عوز فيتامين د، وفقًا للباحثة ميلو، وكان ما يقارب 46% من الأمهات اللواتي شاركن في الدراسة يعانين عوز فيتامين د في أثناء الحمل مع وجود انخفاض أكبر في مستوياته لدى النساء ذوات البشرة السوداء مقارنة بذوات البشرة البيضاء.
استخدمت ميلو وزملاؤها بيانات من دراسة حشدية أجريت في ولاية تينيسي تحت عنوان «الظروف المؤثرة على التطور المعرفي العصبي والتعلم في الطفولة المبكرة (كاندل)»، وقد عيّن باحثو كاندل مجموعة من النساء الحوامل للانضمام إلى الدراسة التي بدأت عام 2006، إذ جمعوا مع الوقت معلومات تتعلق بصحة الأطفال ونموهم.
لوحظ ارتباط المستويات المرتفعة من فيتامين د في أثناء الحمل بارتفاع معدل الذكاء لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-6 سنوات، ذلك بعد التحكم في مختلف العوامل الأخرى المتعلقة بمعدل الذكاء. وتعتقد ميلو أن النتائج التي حصلت عليها تمتلك تأثيرات مهمة يجب البحث عنها أكثر، مع أنّ الدراسات الرصدية -كهذه الدراسة- لا يمكنها إثبات تلك العلاقة السببية.
عوز فيتامين د:
زعمت ميلو أن «عوز فيتامين د شائع جدًا» وأضافت أن: «الأخبار السارة هي وجود حلّ سهل نسبيًا، إذ قد يكون من الصعب الحصول على كمية كافية من فيتامين د من النظام الغذائي وكذلك لا يمكن تعويضه بالتعرض فقط إلى أشعة الشمس، لذا يعد تناول المكملات الغذائية الحل الأفضل».
يقدر الاستهلاك اليومي الموصى به من فيتامين د 600 وحدة دولية، ويستهلك الأمريكيون أقل من 200 وحدة دولية في نظامهم الغذائي وسطيًا، وتقول ميلو في حال لم يعوّض هذا النقص بالتعرض لأشعة الشمس أو تناول المكملات فقد يصابون بعوز فيتامين د.
تتضمن الأطعمة المحتوية على مستويات مرتفعة من فيتامين د: الأسماك الدهنية والبيض والأطعمة المدعمة به كحليب الأبقار وحبوب الإفطار، إلا أنه يعد أحد المغذيات التي يصعب الحصول عليها بكميات كافية من الغذاء وحده، لاحظت ميلو.
من الضروري إجراء دراسة أخرى لتحديد المستويات المثالية من فيتامين د في أثناء الحمل، إلا أن ميلو تأمل أن تساعد هذه الدراسة على تطوير الإرشادات الغذائية للنساء الحوامل، إذ قد يشكّل تناول المكملات الغذائية مع تشخيص العوز خطة فعالة للحد من الفوارق الصحية، خاصة بين النساء ذوات البشرة السوداء وأولئك المعرضات بشدة لخطر الإصابة بعوز فيتامين د.
الأفكار الرئيسية:
بينت ميلو وجود ثلاث نقاط رئيسية من الدراسة:
- يعد عوز فيتامين د شائعًا في أثناء الحمل، وتكون النساء ذوات البشرة السوداء أكثر عرضة للإصابة به نظرًا إلى أن صبغة الميلانين الموجودة في الجلد تقلل إنتاجه.
- قد تؤدي المستويات المرتفعة من فيتامين د لدى الأمهات في أثناء الحمل إلى تعزيز نمو الدماغ، ما يسبب ارتفاع معدلات الذكاء في مرحلة الطفولة.
- قد يُصحح عوز فيتامين د بالتشخيص المناسب مع تناول المكملات الغذائية لدى النساء المعرضات لخطورة مرتفعة ويعزز الوظيفة الإدراكية لدى الأطفال.
ونوّهت ميلو بأنها: «تريد من الناس معرفة أن هذه مشكلة شائعة وقد تؤثر على نمو الأطفال»، وأضافت: «قد يحدث عوز فيتامين د رغم اتباع نظام غذائي صحي، إذ يرتبط أحيانًا بأنماط حياتنا أو لون البشرة (تصبغ الجلد) أو عوامل أخرى خارجة عن سيطرتنا».
اقرأ أيضًا:
ما هي أسباب نقص فيتامين د وكيف تتعامل معه؟
هل يؤثر نقص فيتامين د على الدورة الشهرية
ترجمة: سارة إيليا وسوف
تدقيق: جعفر الجزيري
