هل تدور المجرات بما فيها مجرتنا درب التبانة حول أي أجسام أخرى في الكون؟

يبدو أن كل شيء يدور حول جسم ما في الفضاء، فالأقمار تدور حول الكواكب، وتدور الكواكب حول النجوم التي تدور أيضًا حول مراكز المجرات، لكن يزداد الأمر صعوبةً عند تصور ما هو أبعد من ذلك.

وهنا يأتي السؤال، هل تدور المجرات حول مركز ما في الكون؟

للاجابة عن هذا السؤال، نحتاج أولًا إلى التعرف على مسارات ودروب المجرات.

لنفترض أن جسمين يدوران حول بعضهما البعض، فيؤثران على بعضهما بالتجاذب، وهذا ما يجعلهما مرتبطين بتوافق ببعضهما البعض.

تدور الأجسام حول المركز المشترك لكتلها، فإن استطعتَ أن توجد نقطة استناد خارجية لهذا النظام ومدَدْتَ ذراعًا لمسافة بعيدة جدًا، حينها تستطيع تغيير مراكز ومحاور الكواكب والمجرات في الكون.

ولكن في حالة النظام الشمسي أو الأرض والقمر، يكون أحد الأجسام أكبر بكثير من الآخر، فينتهي الأمر بأن يبتلعه الجسم الأكبر.

لذلك فإن الجسم الأكبر لا يتحرك بكثرة، بينما الجسم الأصغر يتحرك في مسار شبه دائري أو إهليلجي حول الجسم الأكبر، وتزداد الأمور تعقيدًا قليلًا على مقاييس أبعد.

مجرتنا هي إحدى مكونات مجموعة من المجرات تسمى المجموعة المحلية Local Group التي تشمل مجرة درب التبانة ومجرة أندروميدا ومجرة حلزونية أصغر تسمى مجرة المثلث، والعديد من المجرات القزمة بما في ذلك سحابتي ماجلان الكبرى والصغرى.

قال عالم الفلك في معهد علوم التلسكوب الفضائي في ماريلاند سانغمو توني سون Sangmo Tony Sohn إن مجرتي درب التبانة وأندروميدا هما أكبر جسمين في المجموعة المحلية نظرًا لتقارب كتلتيهما، حيث يقع مركز الكتلة بين المجرتين القريبتين، لهذا ينتهي الأمر بكلتيهما بالدوران حول بعضهما البعض.

لكن مدار مجرة درب التبانة ليس دائريًا ولا إهليلجيًا مثل مدارات الكواكب حول الشمس.

صرح سون لموقع Live Science: «سيكون من الغرابة القول فيما إذا كانت مجرة درب التبانة تتمحور حول مركز ما، لأن هذا نوعًا ما يعني وجود جسم أكبر، لكن الفكرة ليست هنا».

بدلًا من ذلك، فإن كلًا من مجرتي درب التبانة وأندروميدا تدوران غالبًا في مدار شعاعي.

قال عالم الفلك في جامعة كيس ويسترن ريزيرف في ولاية أوهايو كريس ميهوس Chris Mihos: «تخيَّل قوة تجاذب جسمين يشدان بعضهما ولا ينحرفان بأي اتجاه آخر أكبر من قوة سحبهما لبعضهما وتجاذبهما، أي أنهما سيتحركان مباشرةً نحو بعضهما بمسار خط مستقيم، إنه مدار شعاعي بحت».

مدار درب التبانة ليس شعاعيًا كليًا بسبب وجود القليل من الحركة الجانبية بين المجرتين وفق ما أدلى ميهوس لموقع Live Science.

يتجه مدارا درب التبانة وأندروميدا الشعاعيان في الغالب بتجاه بعضهما، ما يعني أن المجرتين ستصطدمان في نهاية المطاف بعد 4.5 مليار سنة من الآن.

من غير المحتمل أن تصطدم النجوم الفردية ببعضها بسبب المسافات الشاسعة بينها، لهذا ستمر المجرتان من خلال بعضها البعض وتنفصلان مرة أخرى، لكن ليس لوقت طويل.

قال ميهوس: «ستعاكس المجرتان اتجاههما، ثم ستندمجان معًا، وعلى مدار مئات الملايين أو مليارات السنين سوف تلتحمان معًا في مجرة واحدة كبيرة».

من المرجح أن تتسبب تفاعلات الجاذبية في تدافُع النجوم في كلتا المجرتين، ما لجعل المجرة المدمجة بيضاوية الشكل عوضًا عن شكلها الحلزوني مثل مجرتي درب التبانة وأندروميدا كما صرح سون.

قد يؤدي هذا الاندماج إلى تسخين الغاز على طول الأذرع الحلزونية لكلتا المجرتين بما يكفي لإنشاء نجوم جديدة.

قال ميهوس: «تقل القدرة على تحديد المدارات على مقاييس أكبر من مجموع المجرات، إلا أننا نعلم بالتأكيد أن المجموعة المحلية تتحرك».

تنجذب المجموعة المحلية باتجاه مجموعة برج العذراء التي تشكِّلها بضع مئات من المجرات وتقع على بعد حوالي 65 مليون سنة ضوئية.

لكن المجموعة المحلية لن تصل أبدًا إلى هناك كما ذكر ميهوس، وهذا لأن تمدد الكون يسحب درب التبانة بعيدًا بسرعة أكبر من الجاذبية التي تُجذَب بها بواسطة برج العذراء.

اقرأ أيضًا:

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكتشف أقدم مجرة ميتة في الكون

تلسكوب جيمس ويب الفضائي يكتشف مجرة قديمة قد تغيِّر فهمنا للكون بأكمله!

ترجمة: سليمان عبد المنعم

تدقيق: زين حيدر

المصدر