تعدّ متلازمة حورية البحر (سيرينوميليا)، حالة نادرة للغاية، لكنها خطرة جدًا وتظهر منذ الولادة، أي أنها خلقيّة. سميت بهذا الاسم لأن ساقي الطفل تكون ملتحمة جزئيًا أو كليًا؛ إذ يعاني الأطفال المولودون بمتلازمة حورية البحر غالبًا من مشاكل داخلية خطرة تؤثر في أعضاء متعددة في الجسم، وغالبًا ما تكون قاتلة في وقت مبكر من حياة الطفل.
على الرغم من أن متلازمة حورية البحر حالة نادرة للغاية، فإنه من الصعب جدًا قياس معدل حدوثها بدقة؛ إذ يعتقد الخبراء أنها تحدث في نحو 1 من كل 60,000 إلى 100,000 ولادة. ففي عام 1992، وجدت دراسة وبائية باستعمال ثمانية أنظمة مراقبة من جميع أنحاء العالم أن 97 طفلًا مصابًا بمتلازمة حورية البحر من بين أكثر من 10 ملايين ولادة.
يعود الوصف الأول لمتلازمة حورية البحر إلى القرن السادس عشر، عندما صاغ العلماء اسم سيرينوميليا تيمنًا بصفّارات الإنذار في الأساطير اليونانية.
الأسباب:
لم يستطع الباحثون والأطباء تحديد السبب الرئيس للإصابة بمتلازمة حورية البحر. على الرغم من ذلك، يُرجح الباحثون وجود عوامل عدة للإصابة بها؛ إذ إن حقيقة ظهور معظم الحالات بصورة عشوائية يشير إلى أن الطفرات الجديدة تسهم في حدوث هذه الحالة التي قد تختلف من شخص إلى آخر.
قد يكون لدى بعض الأشخاص استعداد وراثي أو قابلية للإصابة بها، أو قد تؤدي عوامل محددة في البيئة إلى حدوثها. بيد أنه لدى بعض الأطفال المصابين بمتلازمة حورية البحر قد حدث خطأ ما في التطور المبكر لنظام الدورة الدموية لديهم، لكن حتى الآن ما زال العلماء لا يعرفون سبب حدوثها.
العلامات والأعراض:
قد يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة حورية البحر من مجموعة من التشوهات، بعضها قد يكون مهددًا للحياة، وأخرى أقل أهميةً.
السمة الأساسية لمتلازمة حورية البحر هي اندماج جزئي أو كلّي للأطراف السفلية، قد يشير ذلك إلى أن الطفل لديه عظم فخذ واحد فقط، إضافة إلى ذلك قد يكون لدى الأطفال أيضًا قدم واحدة أو قد لا يكون لديهم قدم على الإطلاق، أو قد يكون لديهم قدمان مستديرتان.
تشمل السمات الأخرى لمتلازمة حورية البحر ما يأتي:
- مشاكل في المثانة، أو الكلى، أو المجاري البولية، أو فتحة الشرج.
- عدم وجود الأعضاء التناسلية (الداخلية والخارجية)، أو عدم نموها على نحو صحيح.
- مشاكل في تكوين العمود الفقري والهيكل العظمي.
- مشاكل في جدار البطن، مثل بروز الأمعاء.
- مشاكل في القلب والرئة.
العلاج والرعاية والجراحة:
سيحتاج المصابون بمتلازمة حورية البحر إلى رعاية خاصة من الأطباء المتخصصين بسبب خطورة الحالة وكيفية تأثيرها السلبي في أعضاء وبُنى مختلفة من الجسم.
أثبتت العمليات الجراحية نجاحها في فصل أرجل بعض الأشخاص المصابين بهذه الحالة؛ إذ يُدخل الجراحون موسعات تشبه البالونات تحت الجلد، من ثم يملؤونها تدريجيًا بمحلول ملحي؛ حيث يتمدد الجلد وينمو. وفي نهاية الأمر يستعمل الجراحون ما تبقى من الجلد الزائد لتغطية الساقين بعد فصلهما.
عوامل الخطر:
تشمل عوامل الخطر المحتملة لمتلازمة حورية البحر ما يأتي:
- إصابة الأم البيولوجية بمرض السكري؛ إذ تشمل نسبة الإصابة في هذه الحالة 22% من الأجنة، فقد يؤدي التحكم بمستويات الجلوكوز في الدم لدى الأم إلى تقليل مخاطر الإصابة بالمتلازمة.
- التعرض للأدوية التي تسبب تشوهات للجنين: مواد تزيد من فرص حدوث تشوهات خلقية للجنين.
- أن يكون عمر الأم أقل من 20 عامًا.
- العوامل الوراثية.
- تزداد فرصة الإصابة لدى الذكور بمقدار 2.7 مرة مقارنة بالإناث.
- التوأم الحقيقي (المتطابق)؛ إذ إنه وفقًا للمجلات الطبية من بين 300 حالة مصابة بمتلازمة حورية البحر، فإن 15% من الحالات الموثقة توائم معظمهم متطابقون.
على الرغم من أن متلازمة حورية البحر حالة نادرة، فإنها غالبًا ما تكون قاتلة؛ إذ إن معظم الأطفال المصابين بهذه الحالة يولدون ميتين أو يموتون في غضون أيام قليلة من الولادة حتى بعد تلقيهم للعلاج.
وفقًا للإحصائيات العالمية، لم يتمكن سوى عدد قليل من الأطفال من البقاء على قيد الحياة بعد مرحلة حديثي الولادة.
قد تُكتشف متلازمة حورية البحر في وقت مبكر يصل إلى 13 أسبوعًا من الحمل، وقد يختار بعض الأشخاص إجهاض الحمل في هذه الحالة.
أشارت هيئة الإذاعة البريطانية في عام 2006، إلى أن ميلاجروس سيرون، التي تبلغ سنتين المصابة بمتلازمة حورية البحر، خطت أولى خطواتها بعد الجراحة.
ذكر التقرير ذاته أن الشخص الآخر الوحيد الذي نجا بعد سنوات عدة من العمليات الجراحية كانت تيفاني يورك البالغة من العمر 17 عامًا. على الرغم من ذلك، فقد توفي كلاهما متأثرين بمضاعفات متلازمة حورية البحر.
اقرأ أيضًا:
لمحة تاريخية عن الإله الروماني نيبتون
ترجمة: زينب عبد الكريم
تدقيق: ريمي سليمان