متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أو متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد هي اضطراب مناعي يحدث حين ترتبط أجسام مضادة غير طبيعية (عليلة) بجلطات دموية غير طبيعية في الشرايين والأوردة، وتصيب عادةً الأرجل. ومع ذلك، يمكن للجلطات أن تتكون في الكلى والرئتين والأعضاء الأخرى. قد يؤدي هذا الاضطراب إلى مضاعفات في الحمل ، مثل سقوط الحمل المتكرر والولادات المبكرة. متلازمة أضداد الفوسفوليبيد -Antiphospholipid syndrome (APS) تُعرف أيضًا بمتلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيدAntiphospholipid Antibody Syndrome-، أو متلازمة هوغوس-Hughes syndrome، أو الدم الملتصق-sticky blood.
تهاجم الأجسام المضادة العليلة الدهون المحتوية على الفسفور المعروفة باسم الفوسفوليبيد. وتعتبر مشاكل صمامات القلب شائعةً لدى مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، فواحد من ثلاث حالات للسكتة تحت سن الخمسين سببها المتلازمة. في الأرجل، قد تؤدي متلازمة أضداد الفوسفوليبيد إلى الخثار الوريدي العميق deep vein- thrombosis (DVT) ، وحين تتكون الخثرة في الدماغ، يشتد خطر ظهور سكتة دماغية.
لا يوجد علاج لمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد، لكن بإمكان العلاجات الحالية تقليل خطر تكوّن الخثرات الدموية. معظم مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد والذين يتلقون العلاج يعيشون حياةً عاديةً وصحيةً، لكن من النادر استمرار تكوّن خثرات لدى شخص يعاني من المتلازمة.
طبقًا لمؤسسة متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الأمريكية، فإنّ ما بين ١ إلى ٥٪ من الناس في الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من متلازمة أضداد الفوسفوليبيد. وهي مسؤولة عن ما يقارب من ١٥ إل٢٠٪ من حالات الخثار الوريدي العميق DVT- والانصمام الرئوي pulmonary -embolism، أو تكوّن الخثار في الرئة. وتصيب النساء أكثر بنسبة ثلاث إلى خمسة أضعاف الرجال.
أسباب متلازمة أضداد الفوسفوليبيد
متلازمة أضداد الفوسفوليبيد هو اضطراب مناعي يقود الأجسام المضادة لمهاجمة الخلايا الصالحة عن طريق الخطأ. في متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، ينتج جهاز المناعة في المريض أجسامًا مضادةً تدعى أجسام مضادة للفوسفوليبيد. تهاجم هذه الأجسام المضادة العليلة البروتينات والدهون في الدم، وخصوصًا الفوسفوليبيدات.
الفوسفوليبيدات هي إحدى مكونات غشاء الخلية، وتشغل دورًا في عملية تخثر الدم. إذا هاجمت الأجسام المضادة الفوسفوليبيدات، سيؤدي هذا إلى زيادة خطر تشكّل خثرات دموية.
تخثر الدم هو ما يمنع الناس من النزيف بشدة بعد التعرض لجرح على سبيل المثال. ويُعتقد أن الدهون والبروتينات المهاجَمة مهمة في حفظ تماسك الدم. يصبح الدم دبقًا، ما يزيد بشدة خطر تكوّن الخثرات. ينتج الناس الذين يعانون من متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أجسامًا مضادةً تهاجم إمّا الفوسفوليبيد أو بروتينات الدم التي ترتبط بالفوسفوليبيد.
يوجد نوعان رئيسيان لمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد:
• متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أولية: وهي التي لا ترتبط بأي مرض آخر أو حالة ما، إنما تنشأ لوحدها
• متلازمة أضداد الفوسفوليبيد ثانوية: وهي التي تنشأ بجانب اضطراب مناعي آخر، مثل الذئبة
أسباب حدوث الاضطرابات المناعية غير واضحة، كما أنه من غير الواضح كذلك عدم ظهور أعراض عند بعض الناس الذين يحملون أجسامًا مضادة عليلة. قد يكون لخليط بين عوامل جينية وبيئية علاقة في ذلك.
أعراض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد
تعتمد علامات وأعراض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أساسًا على مكان استقرار الخثرة ومكان تشكلها. الخثرة أو الصمة -embolus، هي خثرة متنقلة يمكنها التسبب بـ:
• الخثار الوريدي العميق DVT- وهو خصار يتكوّن في الأوردة الكبيرة، عادةً في اليد أو الرجل، ويغلق مسار الدم جزئيًا أو كليًا. وفِي حال انتقلت الخثرة المتكونة في الـ DVT إلى الرئة، تصبح حالةً خطيرةً مهددةً للحياة تدعى الانصمام الرئوي.
• الانصمام الرئوي pulmonary embolism or PE-هي صمة تتكون في جزء ما من الجسم، وتنتقل عبر الدم حول الجسم، ثم تسدّ مجرى الدم المتدفق عبر الوعاء الدموي في جزء آخر من الجسم. في الانصمام الرئوي، تسدّ الصمة مجرى الشريان الذي يغذي الرئة.
• مضاعفات الحمل: يشمل ذلك الإجهاض المتكرر، أو الوضع المبكر، أو مقدمات الارتجاع – preeclampsia، أو ارتفاع ضغط الدم خلال الحمل.
• احتشاء الدماغ – ischemic stroke: ويحدث حين تسدّ الخثرة الدموية مجرى الدم في جزء من الدماغ، قاطعةً بذلك إمدادات الأوكسجين والجلوكوز، ما يؤدي إلى تدمير خلايا الدماغ وموتها. ٧٥٪ من حالات السكتة الدماغية هي نتيجة لاحتشاء الدماغ.
العلامات والأعراض الأقل شيوعًا:
• الصداع والصداع النصفي.
• الخرف والتشنجات، في حال سدّت الخثرة تدفق الدم إلى أجزاء من الدماغ.
• التزرق الشبكي livedo reticularis-، وهو طفح جلدي بنفسجي على شكل خطوط متدلية ومتداخلة (تشبه رباط الأحذية) يظهر في الركبة والرسغ.
يصاب حوالي ٣٠٪ من مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد بمشاكل في صمامات القلب. في كثير من الحالات، يثخن الصمام الميترالي وتزداد كتلته، متسببًا للدم بالتسرب جيئة وذهابًا بين حجرات القلب. قد يعاني بعض المرضى من مشاكل في الصمام الأورطي. كما يمكن لمستويات الصفائح الدموية (الخلايا الدموية المسؤولة عن تخثر الدم) أن تهبط. يسبب هذا حدوث نزيف دموي متكرر، مثل الرعاف، أو نزيف في اللثة. وقد يعاني بعض المرضى من نزيف داخل الجلد، مسببًا بقعًا حمراء في الجلد.
في حالات نادرة، تظهر عند المريض بعض هذه الأعراض:
• الرقص – chorea: حالة طبية تتسبب في تشنجات في كامل الجسم والأطراف، تشبه حركات الرقص.
• مشاكل في الذاكرة.
• مشاكل نفسية، مثل الاكتئاب أو الجنون.
• فقدان السمع.
تظهر الأعراض عادةً بين عمر ٢٠ إلى ٥٠ سنة، لكنها تتجلى في بعض الأحيان أثناء فترة الطفولة.
متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية -Catastrophic antiphospholipid syndrome
متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية CAPS-هي نوع من «إعصار خثرات»، إذ يتشكل عدد من الخثرات الدموية فجأةً بجميع أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى فشل وتدمير العديد من أعضائه. تصيب CAPS عددًا قليلًا من مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، والسبب غير واضح.
تعتمد الأعراض كثيرًا على نوع العضو المصاب، فقد يشمل ذلك:
• آلام البطن.
• تشوش ذهني.
• استسقاء، أو تورم في الكواحل أو الأقدام أو الأيدي.
• نوبات صرع، أو تشنجات.
• ضيق نفس متدهور.
• الإرهاق.
• الغيبوبة.
• الوفاة.
تميل الأعراض للظهور فجأة وتشتد سوءًا بسرعة. متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية هي حالة طبية طارئة وتستدعي عناية مركزة للمريض بأقرب وقت ممكن كي يتمكن الجسم من الاستمرار في أداء وظائفه تحت جرعة عالية من مضادات التجلط.
يثبت البحث أن ٤٦٪ من مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية لا ينجون خلال الظهور الأول له، وهناك احتمالية لظهوره مجددًا أحيانًا، حتى مع العناية الطبية.
تشخيص متلازمة أضداد الفوسفوليبيد
يفحص الطبيب متلازمة أضداد الفوسفوليبيد في حال حدث للمريض حالة واحدة على الأقل من خثرة أو إسقاط حمل. سيظهر فحص الدم ما إذا كان للمريض أجسام مضادة عليلة.
في بعض الأحيان، قد تظهر أجسام مضادة للفوسفوليبيد غير ضارة لفترات محدودة، بسبب عدوى أو بعض الأدوية. لذا يتعين إجراء فحص ثان للتأكد من النتائج. في حال كشفت الفحوصات عن أجسام مضادة عليلة، يسأل الطبيب عن التاريخ المرضي للمريض لتحديد ما إذا كانت الأعراض السابقة سببها متلازمة أضداد الفوسفوليبيد.
عوامل الخطر
تعتبر العوامل الوراثية (الجينية) عاملًا مؤثرًا لظهور مرض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد.
عوامل خطر أخرى مؤثرة:
● الذئبة، أو متلازمة جوغرنSjogren’s syndrome-، أو أيّ اضطراب مناعي.
● فيروس الكبد سي، الزهري، الفيروس المضخم للخلايا-cytomegalovirus or CMV، فيروس بارفو B19 أو الفيروسة الصغيرة – parvovirus B19، وبعض أنواع العدوى الأخرى
.
● بعض أنواع العلاجات، مثل (الهايدرلازين – hydralazine)، والذي يستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع علاجات الصرع.
يحمل بعض الناس الأجسام المضادة، لكن علامات المرض أو أعراضه لا تظهر. مع ذلك، يمكن لأنواع محددة من المستحثات – triggers التسبب بظهور المرض، وتشمل التالي:
• السمنة.
• الحمل.
• مستويات الكوليسترول العالية.
• ضغط الدم المرتفع.
• علاج استبدال الهرمون – hormone replacement therapy HRT.
• موانع الحمل المأخوذة عبر الفم.
• تدخين التبغ.
• الجلوس لفترة طويلة، مثلًا خلال رحلات السفر الطويلة.
• الخضوع لعملية جراحية.
يمكن ظهور المتلازمة في أي عمر وفِي كلا الجنسين، وتكون النساء الشابات ومنتصفات العمر أكثر عرضةً للإصابة بها.
علاج متلازمة أضداد الفوسفوليبيد
يصف الطبيب عادةً علاجًا لتمييع الدم، ليقلص فرصة تكوّن خثرة. ويحتاج المريض هذا العلاج مدى الحياة. يتضمن العلاج خلطةً من الأدوية مثل الأسبرين مع الورفارين، أو كومادين – Coumadin، أو وربما هيبارين. في حال لم يعمل الورفارين، قد تزداد الجرعة أو يُضاف الهيبارين. قد تشمل آثار مميّعات الدم أحيانًا النزيف الداخلي، أو النزيف الخارجي الشديد.
يتعين على المرضى البحث عن المساعدة الطبية في حال شعروا بالتالي:
• دم في البراز أو البول أو القيء.
• كحّة يصاحبها دم.
• رعاف من الأنف يستمر أكثر من ١٠ دقائق.
• كدمة شديدة – bruising.
يتعين على المرضى الذين يشكون من خثرة دموية تعاطي الهيبارين والورفارين. وحين تختفي الخثرة، يواصلون استخدام الورفارين.
العلاج لدى الحوامل
يجب على المرأة التي تُشخص بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد التدبير للحمل قبله. يبدأ العلاج من بداية الحمل وحتى بعد الوضع. في الحمل غير المدبر، قد ينقص تأثير الدواء إذ لن يبدأ مفعوله قبل مضي عدة أسابيع للحمل.
يشمل العلاج في العادة الأسبرين والهيبارين، أو كليهما، اعتمادًا على خثرات سابقة لمضاعفات الحمل. يسبب الورفارين تشوهات خلقية، ولا يستخدم أثناء الحمل.
في حال لم تستجب المريضة لهذا العلاج، قد تصرف حقن وريدية تحتوي على الأمينوغلوبين – immunoglobulin، أو يصرف الكورتيكوسترويدات مثل البريدنسون – prednisone.
في حال وصل الحمل للثلث الأخير ولم تكن هناك مشاكل، يُقطع علاج الهيبارين، ويتواصل استعمال الأسبرين حتى نهاية الحمل. يتعين على المريضة الاستمرار في الخضوع لفحوصات الدم الدورية للتأكد من قدرة الدم على التخثر عند حدوث نزيف، في حالة تعرضها لكدمة أو جرحت نفسها.
الوقاية من متلازمة أضداد الفوسفوليبيد
على مريض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أن يأخذ بكافة الاحتياطات الممكنة لتقليل خطر تكوّن خثر دموية لديه، ويشمل هذا:
• عدم التدخين.
• الحفاظ على وزن جسم صحي.
• الحفاظ على النشاط الجسماني.
• التغذية: من المهم اتباع نظام غذائي يرتكز على الكثير من الفواكه والخضراوات وقليل من الدهون والسكر. وتوصي مؤسسة APS الأمريكية حاملي المرض بالتالي:
• الحفاظ على نمط الغذاء قبل التشخيص، مالم يوص الطبيب بغير ذلك.
• تجنب الإفراط والتضارب في الغذاء.
• الاقتصاد في تناول الأطعمة الغنية بفيتامين K خلال اليوم، على سبيل المثال، كوب واحد (في حال كان نيئًا) أو نصف كوب (في حال كان مطبوخًا) من كل من السبانخ، اللفت الأخضر، الخيار، البروكلي، كرنب بروكسيل، البصل الأخضر، الكرنب، الخردل الأخضر.
• تجنب البقدونس، كرنب الكيل (kale)، الأعشاب أو الطحالب البحرية، والشاي الأخضر.
يحتاج الناس الذين يستخدمون الورفارين إلى الحفاظ على مدخول متوازن من فيتامين K. ويجب على المرضى عدم تغيير نمط غذائهم أو تناول أيّ مكمّلات غذائية ما لم يستشيروا طبيبهم الخاص.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف جديد قد يُغيِّر طريقة علاج النوبات القلبية
فرفرية نقص الصفيحات المناعية- Immune Thrombocytopenic Purpura ITP-
الغدة الدرقية ما بين فرط النشاط وقصوره مشاكل صحية
متلازمة الضائقة التنفسية الحادة Acute Respiratory Distress Syndrome
متلازمة عدم الحساسية للأندروجينات
متلازمة النسر : الأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: لُبيد الأغبري
تدقيق: محمد وائل القسنطيني