يسبب شكل وموضع القضبان في هذه المادة الخارقة(مواد استثنائية الخواص) في انحناء الضوء(السهم في الصورة) بزاوية سالبة، وتدعى هذه العملية بالانكسار السلبي للضوء، تقول إيلينا سيموشكينا (Elena Semouchkina) من جامعة (Michigan Tech): “إن الفهم الجيد لهذه الديناميكية سيسرّع من تطوير مواد خارقة جديدة، مثل: عدسات مثالية، وعباءات التخفي”. مصدر الصورة: (Navid Ganji, Michigan Tech).
توفّر المواد خارقة الإمكانيّة الحقيقية أنّ أكثر أوهامنا بعيدة للمنال من عباءات التخفي والعدسات المثالية إلى البطاريات القوية للغاية يمكن أن تُصبح حقيقة يومًا ما، فالتطبيقات ذات الطاقة الفائقة للمواد الخارقة تُثير الخيال بالآمال، وبالرغم من دراسة العلماء للمواد الخارقة لأكثر من 15 سنة فإنّ الكلمة الفعالة إلى حد الآن هي: (إثارة الخيال بالآمال وعدم تحقيقها).
تقول إيلينا سيموشكينا (Elena Semouchkina)، أستاذة جامعيّة مُساعدة في الهندسة الكهربائية في جامعة ميشيغان التقنية (Michigan Technology University): “لم يتم تطوير العديد من أجهزة مادة خارقة حقيقية”، ولا يستطيع الجنود إلقاء عباءة التخفي على أكتافهم للتخلص من الإصابة بطلقات قنص، ولا يوجد تطبيق العدسات المثالية الذي يسمح لك برؤية الفيروسات باستخدام جهازك الذكي، ويَرْجع ذلك جزئيًّا إلى أن الباحثين عادة ما يُبسِّطون الطريقة التي تعمل بها المواد الخارقة في الواقع، وتضيف سيموشكينا: “إنه غالبًا ما يتم تجاهل عقبات المواد الخارقة”؛ ولذلك بادرت سيموشكينا وفريقها بالتحقيق في هذه العقبات واكتشفوا أن سحر المواد الخارقة يقودُها أكثر من مجرد آلية فيزيائية واحدة، فقد نُشِر مؤخّرًا على الإنترنت أطروحة تصف بحثهم في مجلة (the Journal of Physics D: Applied Physics).
• الأمر بسيطٌ!
تقول سيموشكينا:” ربما تبدو المواد الخارقة معقّدة ومستقبلية، ولكن هي على العكس تمامًا، فالمواد الخارقة ( “meta” هي الكلمة اليونانية لـ “ما وراء beyond”) هي مواد تمت هندستها ولها خصائص غير موجودة في المواد الطبيعية، وعادة ما تكون مبنيّة من عناصر متطابقة متعددة من المواد التقليدية، مثل: المعادن، أو المواد غير الناقلة، وفكّر في مكعب روبيك المصنوع من ملايين الوحدات الأصغر من سماكة شعر الإنسان”.
تعمل هذه المواد المصمّمة عن طريق ثني مسارات الإشعاع الكهرومغناطيسي- من موجات الراديو إلى الضوء المرئي ثم إلى أشعة جاما عالية الطاقة- وذلك بطرق جديدة ومختلفة، ويدعى ثني المواد الخارقة لتلك المسارات بـ (عملية الانكسار)، وهو السبب في تطبيقاتها المميزة، فمثلًا: تستطيع عباءة التخفي ثني مسارات الأمواج الضوئية حول غرض مُغطّى بعباءة، مُسرعةً إياهم في طريقهم، وتُعيد جمعهم على الجانب الآخر، وهكذا، فإن المشاهد يمكن أن يَرى ما كان وراء الغرض، في حين أن الغرض نفسه سيكون غير مرئيًّا.
إن النهج التقليدي المستخدَم بين باحثي المواد الخارقة كان لربط خصائص الانكسار للمادة الخارقة بالرنين، ويهتزّ كل عنصر أساسي صغير مثل الشوكة الرنانة عندما يعبر من خلاله الإشعاع الكهرومغناطيسي مُسببًا النوع المطلوب من الانكسار، ولكن ليس بهذه البساطة …!
لقد تساءلت سيموشكينا عن وجود عوامل إضافية لها علاقة بانثناء مسارات الأمواج، وفي ذلك تقول: “تبدو المواد الخارقة بسيطة، لكن خواصّها الفيزيائية هي أكثر تعقيدًا”، موضّحة أنها وفريقها يركّزان على المواد الخارقة العازلة، التي تم بناؤها من عناصر عازلة للكهرباء.
لقد أجرى الفريق العديد من المحاكاة الحاسوبية وتوصّلوا إلى اكتشاف مدهش، وهو: لقد كان الشكل والتكرار في تنظيم العناصر الأساسية ضمن المادة الخارقة- أيّ دوريَّتهم- هما الذين أثّرَا في الانكسار، ويبدو أن الرنين كان له القليل أو لاشيء من العلاقة به.
لقد كان للمواد الخارقة التي درسوها خصائصَ نوع آخر من المواد المُصنَّعة كالبلورات الفوتونية، مثل: المواد الخارقة، إذ إن البلورات الفوتونية مصنوعة من العديد من الخلايا المتطابقة، بالإضافة إلى أنها تتصرف مثل أنصاف النواقل المستخدمة في مجال الإلكترونيات، إلّا أنها تنقُل الفوتونات بدلًا من الإلكترونيات.
وتضيف سيموشكينا: “لقد وجدنا أن الخصائص التي تترافق مع كونها بلورة فوتونية يمكن أن تَحجُب رنين المواد الخارقة، لدرجة أنها يمكن أن تسبب انكسارًا غير اعتياديًّا- بما في ذلك الانكسار السلبي، وهو ضروري لتطوير العدسة المثالية”.
• العودة إلى الأساسيات.
إذًا ماذا يعني ذلك بالنسبة للعلماء والمهندسين الذين يصممون المواد الخارقة المستقبلية؟
تقول سيموشكينا: “أساسًا، نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن بعض هذه البنى يمكن أن تُبدِي خصائص البلورات الفوتونية، ويجب علينا أن نأخذ خصائصهم الفيزيائية في الاعتبار”، وأضافت: “إنّه مجال متطور، وهو أكثرُ تعقيدًا بكثير مما أعطيناه الحقّ”.
يعمل فريق سيموشكينا على تطوير عباءة التخفي باستخدام البلورات الفوتونية، لكنها تؤكّد أنه يمكن أن يكون لأبحاث المواد الخارقة تطبيقات أخرى في العالم الحقيقي، إذ يُركّز أحد مشاريعها على استخدام مفاهيم المواد الخارقة لتحسين حساسية التصوير بالرنين المغناطيسي (RMI)، مما قد يؤدي إلى تشخيص طبي أفضل، وتقدُّم في البحوث البيولوجية، وتقول: “هذه نتيجة عملية جدًّا، مقارنة مع الأشياء الشبيهة في مسلسل هاري بوتر (عباءة التخفي)”.
وفي النهاية، إن فهم فيزياء المواد الخارقة سيُسرّع من تطوير هكذا أجهزة.
- ترجمة: لمياء عنتر.
- تدقيق: رجاء العطاونة.
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر