يُقدَر عدد النباتات البذرية -أكثر مكونات الغطاء النباتي في الأرض وفرةً وانتشارًا- من 250 ألف إلى 300 ألف نوع. فهي تفوق كل مجموعات النباتات الأخرى في العدد، وتستولي على اليابسة، وتزدهر في مناطق المياه العذبة، ولها انتشار محدود في المحيطات.
توجد ضمنها أكبر الكائنات الحية (السكويا العملاقة) وأقدم الكائنات الحية (أشجار صنوبر بريستلكون)، وهي تحتوي على نبات عدس الماء (Water-meal)، الذي يكاد يصل طوله إلى مليمتر واحد، والنباتات الحولية قصيرة الأجل التي لا تعيش سوى بضعة أسابيع. تشترك النباتات البذرية مع غيرها من النباتات الوعائية (النباتات ذات نظام نقلي خشبي) في الأعضاء الأساسية (الجذور، والساق، والورق)، وأنواع الخلايا والأنسجة. وقد تطورت لعدة أشكال استجابةً للبيئات المختلفة.
التكاثر عند النباتات البذرية
الميزة الشائعة التي توحد جميع النباتات البذرية (seed plant) هي “عادة إنتاج البذور”، وهي طريقة فريدة للتكاثر الجنسي. يظهر في جميع النباتات الوعائية إنتاج الأبواغ (الطور البوغي (pinyon))، والذي يتناوب معه الطور الجنسي (الطور المشيجي (gametophyte)) في دورة الحياة. في النباتات البذرية، لا ينسلخ البوغ الذي ينتجه المشيج الأنثوي لينمو ويصبح نبتةً مستقلة، بل يُحفظ في الكيس البوغي (sporangium) (وهو تركيب تكاثري)، والذي يحاط بغطاء واقٍ يسمى اللحافة (integument)، وتلك هي البذرة غير الناضجة أو البُييضة أو البويضة (ovule).
تُحرَّر الأبواغ التي تنتج المشيج الذكري بشكل طور مشيجي لتبدأ بالنمو. تلك هي حبات الطلع أو اللقاح (pollen grains) والتي تُنقل إلى البويضات حيث تكتمل عملية التلقيح، فتنمو البذرة نتيجةً لذلك. تُعتَبر عملية تطور هذه الطريقة في التكاثر، منذ أكثر من 350 مليون سنة مضت، أهم الخطوات في تكيف النباتات على اليابسة.
تطلق الحزازيات (mosses) والنباتات الوعائية البدائية، مثل السرخسيات (ferns) -اقتداءً بأسلافها المائية- المني (حبوب اللقاح) والذي عليه أن يسبح خلال الماء لتتم عملية التلقيح. تحررت النباتات البذرية من هذه الاعتمادية على الماء.
عاريات البذور
تشمل عاريات البذور -وهي أقدم مجموعة في النباتات البذرية- المخروطيات أو الصنوبريات (conifers)، والسيكاديات (cycads)، والأشجار العذراء (maidenhair tree)، مثل الجنكة (Ginkgo). بالرغم من وجود نحو 800 نوع حي فقط، فإن عاريات البذور مهمة في المجموعة النباتية في مناطق كثيرة، مثل الغابات الشمالية (boreal forest). يظهر سجل الأحافير أنها كانت ذات أهمية أكبر في الماضي، ومنها أشكال عدة موجودة اليوم، مثل السرخسيات البذرية.
تنتج حبوب اللقاح والبويضات في مخاريط (صنوبريات) منفصلة. تُنقل حبوب اللقاح مباشرةً إلى البويضات، وينتهي بها الحال منغمسةً عبر فتحة في اللحافة. وبالتالي تُعرّى هذه البويضات وتُكشف فترة اللقاح (تأتي كلمة “gymnosperm” من الأغريقية والتي تعني البذور العارية)، رغم تغطيتها لاحقًا حين تنمو حراشف المخاريط. في البذور البالغة يُرفَق الجنين بنسيج مغذ وفي الواقع ذلك هو الطور المشيجي الأنثوي.
كاسيات البذور
تطغى كاسيات البذور -النباتات الزهرية- على الغطاء النباتي للأرض منذ العصر الطباشيري (Cretaceous period) (أي قبل 144.2 إلى 65 مليون سنة). تحدث طريقة تكاثرها المميزة -الزهرة- في أشكال مختلفة مرتبطة بطرق عملية التلقيح المختلفة. قد توجد حبوب اللقاح والبويضات في زهرة واحدة أو أزهار منفصلة.
تنتج حبوب اللقاح في السداة (stamens). وتشكل البويضات داخل متاع المدقة (pistil)؛ ولا تُعرى هذه البويضات أثناء فترة التلقيح. تأتي من كلمة “angiosperm” والتي تعني البذور المكسية. تُنقَل حبوب اللقاح إلى سطح استقبال على متاع المدقة حيث تنبت؛ يحمل المني إلى داخل البويضة عند نمو أنبوب اللقاح (pollen tube). تنضج البذور داخل متاع المدقة، لتصبح ثمرةً. يخلط البعض بين بعض الثمار ذات البذرة الواحدة (مثل حبوب القمح) وبين البذور.
النسيج المغذي في بذور كاسيات البذور هو نسيج جديد، يدعى السويداء (endosperm)، والذي ينتج مع الجنين عبر عملية التلقيح. يمتص الجنين السويداء بين الفترات قبل نضج البذرة. يوجد خطان تطوريان كبيران في كاسيات البذور؛ ذوات الفلقة الواحدة (monocotyledons)، إذ تتجزأ الزهرة إلى ثلاثيات، وتكون عروق الورقة الكبرى متوازيةً ولبذرتها فلقة واحدة، وذوات الفلقتين، تتجزأ فيها الأزهار إلى رباعيات أو خماسيات، عروق أوراقها شبكية، ولبذرتها فلقتان.
الأهمية الاقتصادية
ذُكر ووصِف أثر النباتات البذرية الاقتصادية ليس من قبيل المغالاة. تشكل كاسيات البذور معظم إنتاج ثمار الأغذية المهمة وينتج منها البهارات، والعقاقير، والألياف، والخشب، والمواد الخام الصناعية. تشكل عاريات البذور (مثل الصنوبريات) المصدر الأكبر لمنتجات الأخشاب؛ ويشكل القليل من البذور (مثل حب الصنوبر) مصدر غذاء.
اقرأ أيضًا:
النباتات – خصائصها وما يميزها عن باقي الكائنات الحية
لماذا تحتاج النباتات إلى غاز ثاني أكسيد الكربون ؟
ترجمة: لُبيد الأغبري
تدقيق: حسام التهامي
مراجعة: آية فحماوي