مؤخرًا، تظهر الكراهية بوضوح عبر نشرات الأخبار المسائية وعلى الشبكات الاجتماعية. حديثًا، خلال تجمع لدعم الرئيس السابق ترامب، سأل أحد المراسلين رجلًا يبلغ من العمر 40 عامًا عمّن يكره، سرعان ما وضع الأخير قائمة تضم بعض الديمقراطيين المشهورين الذين يجد سلوكهم مثيرًا للاشمئزاز، عندما سُئل الرجل عن مدى استعداده لتحمل تلك الكراهية التي يكنّها لهم، قال أنه أخبر أخته الديمقراطية أنه لن يتردد في قتلها إذا اندلعت حرب أهلية في البلاد.
حاول العلماء خلال سنوات عديدة اكتشاف مكان نشوء شيء فظيع كهذا في الدماغ.
بدأ الحديث عن طبيعة الكراهية عند أرسطو (322 -384 بعد الميلاد) الذي قال: «تظهر الكراهية دون إهانة سابقة، هي قاسية بالنسبة للشخص الذي يمر بها، لا تُشفى مع مرور الوقت، وتسعى جاهدة من أجل القضاء على هدفها».
وصف داروين في عام 1872 الكراهية أنها شعور يفتقر إلى تعبير واضح يظهر على الوجه، وتعكس نفسها على شكل غضب.
يُنظر إلى الكراهية عادة على أنها شكل متطرف من أشكال عدم الإعجاب أو نسخة مضخمة من الغضب، أو الاشمئزاز، أو الازدراء، أو الاستعداد لإلحاق الأذى بالغير.
يعتقد علماء النفس أن الكراهية تظهر غالبًا عند وجود انتهاكات أخلاقية. خاصة عندما يُنظر إلى أهداف الكراهية على أنها خطيرة وغير أخلاقية. لذا، في كثير من الأحيان، يستخدم السياسيون مصطلحات سلبية إذا أرادوا تشويه سمعة شخص ما.
وجدت الدراسات النفسية أن الناس يشعرون بمزيد من الإثارة العاطفية والتهديد الشخصي والميل إلى الهجوم عند التعرض للكراهية مقارنة بالاشمئزاز والازدراء والغضب وعدم الإعجاب. أفاد الناس أيضًا أن الكراهية أكثر حدة واستمرارية من عدم الإعجاب والغضب والازدراء.
قد تتولد كراهية كبيرة بين الجماعات أيضًا، اعتمادًا على الاختلافات في المعتقدات مثل ارتباط الفرد بحزب سياسي أكثر من اعتمادها على الخلافات السابقة بين الأفراد.
في الدراسات التي قارنت الكراهية مع العواطف الأخرى، اشترك الاشمئزاز في كثير من القواسم مع الكراهية، لم تكن الكراهية مختلفةً للغاية عن الاشمئزاز من حيث الشدة والمدة، لذا فمن المثير للاهتمام استخدام الرجل في الحشد المؤيد لترامب كلمة «الاشمئزاز» في وصف مشاعره تجاه ديمقراطيين معينين.
دائرة الكراهية في الدماغ
أجرت دراسة حديثة مسحًا لدماغ أشخاص طبيعيين مستخدمةً الرنين المغناطيسي الوظيفي. قارنت الدراسة نشاط الدماغ عند هؤلاء الأشخاص إبان رؤيتهم وجه شخص يكرهونه في مقارنةً مع رؤيتهم لمعارف يكنّون لهم مشاعر محايدة.
اكتشفت الدراسة نمطًا مميزًا من النشاط الدماغي أطلق عليه اسم دائرة الكراهية، تتكون دائرة الكراهية من القشرة المعزولة، والبطامة – putamen (بنية تشريحية عصبية)، والتلفيف الأمامي الأيسر العلوي. أظهرت هذه المناطق الثلاثة نمطًا مميزًا من النشاط عندما شاهد الأشخاص صورًا لأفراد يكرهونهم، من المثير للاهتمام تفاعل تلك المناطق الثلاث نفسها عندما رأى الأشخاص صورة لشخص أحبوه في السابق لكن رُفضوا من قِبله حديثًا!
نأمل أن تساعدنا هذه الدراسات يومًا ما على فهم جذور هذا الصراع، وعلى اكتشاف الطرق التي يمكن عبرها تقليل النزاعات المدمرة بين الناس والجماعات بفعالية.
الفرق بين الكراهية والغضب والازدراء
الكراهية والغضب
نظريًا، تشمل الكراهية الفرد أو الجماعة بأكملها، ليس جانبًا معينًا من الفرد أو الجماعة، أنت تكره شخصًا ما بسبب ما هو عليه، بينما أنت غاضب من شخص ما بسبب ما فعله. من طريق ذلك يمكن اعتبار الغضب شعورًا متعلقا بالسلوك، فعندما يغضب الناس من شخص ما يشعرون بقدرتهم على التحكم بالآخر، يحاول الغضب في جوهره إزالة العقبة التي يضعها أمامك الآخر عندما تريد الحصول على غاية ما، أنت تغضب عندما تريد اعتذارًا أو عندما تريد من شخص ما أن يغيّر سلوكه.
أما عندما يتكرر الغضب ولا يتغير شيء، قد يخلق نوع من الازدراء أو الاحتقار، وهو الشعور بأن الشخص الآخر لا يستحق غضبك. ما زلت غاضبًا، لكنك تحاول تنظيم غضبك عبر النظر إلى الشخص الآخر باحتقار والابتعاد عنه.
الاحتقار أم الكراهية:
الاحتقار هو النسخة الباردة من الكراهية، نسخة تتعلق بهويتك وطبيعتك وشخصيتك.
في الاحتقار تشعر بأنهم لا يستحقون حتى اهتمامك، وفي نظر الكاتب فإنه أصعب على الإنسان أن يكون مُحتقرًا من أن يكون محط كراهية، ففي الكراهية لا يمكنك ألّا تبالي بالشخص الذي تكرهه، بل تتفاعل معه أكثر، لأنك تريد التخلص من الشعور اجتماعيًا أو عقليًا أو جسديًا.
فيزيولوجيا الكراهية:
على عكس الغضب، لا يوجد نمط فيزيولوجي مميز في الكراهية، لأن الكراهية شعور طويل الأمد، يمكن لشخص ما أن يفعل شيئًا يجعلك غاضبًا على الفور، لكن عادة ما تحتاج الكراهية إلى مزيد من المعطيات لتدفعك إلى كره شخص ما.
تتشابه أنماط الإثارة في الدماغ والجسد لكل من الكراهية والغضب حتى الآن.
اقرأ أيضًا:
ما علاقة التديُّن والعلمانيّة بكراهية الأجانب؟
لعبة الحبار: تصاعد الشر بخطوات مدروسة
ترجمة: مرح الخرفان
تدقيق: فاطمة جابر
مراجعة: نغم رابي