يشير عادةً مصطلح البيروقراطية إلى المنظمات التي تستخدم أنظمة وإجراءات معقدة ومتعددة المراحل لاتخاذ القرارات وإدارة المنشآت. تصمم هذه القوانين والإجراءات للمحافظة على وحدة النظام والمراقبة ضمن مؤسسة معينة، ويصف مصطلح البيروقراطية عامةً الأساليب المُتبعة للإدارة ضمن المؤسسات الكبيرة والحكومات، فمثلًا، تفرض شركة نفط ما نظامًا بيروقراطيًا لإجبار الموظفين على إنجاز المراجعات وفحوص السلامة عند تشغيل الآلات النفطية.
آلية عمل النظام البيروقراطي
أحيانًا تحمل مصطلحات مثل بيروقراطي وبيروقراطية دلالات سلبية. وعادةً ما تشير الشخصيات البيروقراطية ضمنيًا إلى مجموعة الموظفين الحكوميين، وتفترض صفة البيروقراطية أن مجموعة الطرق المُحَدِّدة للإدارة أهم من الكفاءة الإدارية. عمليًا، ساعدت العملية البيروقراطية على تعريض نفسها للنقد، فعادةً ما تُعد مرادفةً للإسراف والتعسف وعدم الكفاءة. ويوجد تعريف ساخر للبيروقراطية يقول إنها: «فن جعل الممكن غير ممكن».
تنبع الديموقراطية هيكليًا من مجهود إدارة المؤسسات من طريق الأنظمة المغلقة التي تحمل طابعًا رسميًا وجامدًا للمحافظة على النظام المؤسسي. وتُعد صحة سير الإجراءات مكونًا أساسيًا للنظام البيروقراطي. الميزة الوحيدة للنظام البيروقراطي هي استخدام الإجراءات على أساس هرمي لتبسيط القرارات المستقلة أو استبدالها.
تُكَوِّن الشخصية البيروقراطية فرضيات ضمنية حول مؤسسة معينة أو حول الوسط الذي تتعامل معه. إحدى هذه الفرضيات هي عدم الاعتماد على الأنظمة المفتوحة للإجراءات أو العمليات التي تُعد إما معقدة للغاية أو غامضة ومترددة للإبقاء عليها. في حين أن النظام المغلق والمُراجع منطقيًا يجب تطبيقه والعمل به.
الفرق بين البيروقراطية والحوكمة أو الإدارة
تختلف البيروقراطية عن الحوكمة أو ما يعرف بالإدارة. بعض الهياكل الإدارية ليست بالضرورة بيروقراطية، ولا تُعد الكثير من البيروقراطيات جزءًا من الهياكل الإدارية. يكمن الاختلاف بين النظامين في الأهداف التي يسعى كل منهما إلى تحقيقها.
يوجه النظام الإداري الموارد الإدارية كافةً إلى تحقيق هدف موضوعي معين، مثل تحقيق الأرباح أو إدارة الخدمات. في حين تتكفل الأنظمة البيروقراطية بحسن سير الإجراءات الإدارية، بصرف النظر عن الأهداف والظروف المحيطة. توجد الأنظمة البيروقراطية المزدوجة بين الشركات الخاصة والوكالات التنظيمية الحكومية في المجتمعات الصناعية المعاصرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وكلما وُجدت الأنظمة البيروقراطية التنظيمية لفرض القوانين على أنشطة المشاريع التجارية، سعت الشركات لإنشاء نظام بيروقراطي لتفادي تجاوز هذه القوانين.
انتقادات النظام البيروقراطي
تُصنَّف الهياكل البيروقراطية أنظمةً ذات نزعة رجعية، بالنظر إلى العمليات التي عُدّت فعالة سابقًا، تُعد حاليًا هذه المعاملات الرجعية محط نزاع بين المستثمرين ورجال الأعمال، الذين يفضلون مفاهيم تقدمية وحداثية للإدارة، ويعملون على صياغة طرق جديدة لتطوير آليات سير العمليات التجارية وتحديدها. فمثلًا، المعاملات البسيطة التي قد تضيف بعض التحسينات من طريق عمليات متكررة وُصِفَت بأنها ذاتية التنظيم وجديرة بالمسؤولية.
مع الوقت، تُقلل الأنظمة البيروقراطية الصارمة الكفاءة التشغيلية، خاصةً عندما تُقارَن بالمؤسسات المنافسة التي تُدار ببيروقراطية أقل. عمومًا تظهر خسائر الكفاءة التشغيلية حسب الظروف، إذ يُستخدم النظام البيروقراطي لعزل هياكل السلطة القائمة على المنافسة. ينتشر النظام البيروقراطي التقليدي الصارم وسياسة الحماية بكثرة ضمن حكومة الولايات المتحدة الفيدرالية. مثلًا، من الصعب فصل الموظفين ضعيفي الأداء لأن عملية الفصل عن العمل تسلك مسارًا شاقًّا.
أمثلة على البيروقراطية
يتساءل الأستاذ الجامعي الفخري لمقرر لوجستيات الأعمال جيمز هيسكت في مقالة بمجلة Harvard Business Review عن كون البيروقراطية وسيلة إدارة جيدة سواءً كانت في القطاع الحكومي أو الخاص. تصف المقالة الأنظمة البيروقراطية بأنها كيانات الغرض منها فقط التركيز على حق اتخاذ القرار بدلًا من صناعة القرارات المتخذة وسلامتها، إضافةً إلى كونها أنظمة لم توجد لتحكم على آرائها أو تزنها. وفقًا للمشاركين في المقال، فإنَّ الأنظمة البيروقراطية تكرِّس مبدأ احتكار السلطة والنفوذ، خاصةً للشخصيات والجهات التي ترأسها.
مع ذلك، يدافع بعض المشاركين في المقالة -ممن شغلوا سابقًا مناصب حكومية- عن الدور الذي تلعبه البيروقراطية، ويركزون على فكرة إعادة هيكلة الأنظمة البيروقراطية، التي قد تساهم في استقلالية أكبر عند اتخاذ القرارات.
يذكر تعليق آخر ضمن المقالة أن النظام البيروقراطي في الحكومة الأمريكية كان له دور فعال في إقرار قانون (Glass Steagall) عام 1933، الذي مهد الطريق للشروط التي تنص على الفصل بين البنوك التجارية والاستثمارية، إضافةً إلى البرامج التي أحدثتها اتفاقية نيو ديل، التي تشمل المبادرة التي طرحها الرئيس الأمريكي روزفلت عام 1933، وساعدت الكثير من البرامج الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية على التعافي من الكساد العظيم.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: لميس عبد الصمد
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: أكرم محيي الدين