ما الأشعة فوق البنفسجية؟
الأشعة فوق بنفسجية، هي نوعٌ من أنواع الأشعة الكهرومغناطيسية، التي تجعل أشعة اللون الأسود تلتصق ببعضها ثم تتوهج، وهي المسؤولة عن الحصول على السمرة في فصل الصيف، وكذلك حروق الشمس، ومع ذلك، يضر التعرض للكثير من الأشعة الكهرومغناطيسية بالأنسجة الحية في جسم الإنسان.
تأتي الأشعة الكهرومغناطيسية من الشمس، وتنتقل على شكل موجاتٍ أو جسيماتٍ في أطوال وتردداتٍ مختلفةٍ، ويعرف هذا النطاق من أطوال الموجات، بـ (الطيف الكهرومغناطيسي)، وعموما، ينقسم الطيف الكهرومغناطيسي على (7 ) مناطق، من حيث اختلاف طول الموجة، والطاقة، والتردد، وتسمى تلك الموجات بعدة أسماء، مثل: موجات الراديو، والموجات الدقيقة، والأشعة تحت الحمراء، والضوء المرئي ،والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة جاما، والأشعة السينية.
تقع الأشعة فوق البنفسجية في نطاق الطيف الكهرومغناطيسي بين الضوء المرئي، والأشعة السينية، ويكون ترددها ما بين 8×1014 إلى 3×1016 دورةً في الثانية (هرتز)، والطول الموجي لها حوالي 380 نانومتر، إلى 10 نانومتر، وتنقسم الأشعة الفوق البنفسجية عموما على ثلاثة أقسام فرعية:
- الأشعة فوق البنفسجية الطويلة ( (UVAطول موجي (315 إلى 400 نانومتر).
- الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة UVB)) بطول موجي (280 إلى 315 نانومتر).
- الأشعة فوق البنفسجية القصيرة (UVC) بطول موجي ( 180 إلى 280 نانومتر).
إن الاشعاعات التي يكون طولها الموجي من 10 إلى 180 نانومتر، يشار إليها أحيانًا باسم الفراغ، أو الأشعة فوق البنفسجية المتطرفة، وعادةً ما يحظر الهواء هذه الاشعاعات من الانتشار، ويمكن ملاحظتها فقط في الفراغ.
عملية التأين.
إن للأشعة فوق البنفسجية قدرةٌ على كسر الروابط الكيميائية، وبسبب طاقتها العالية، يمكن أن تسبب الفوتونات فوق البنفسجية التأين، وهي عبارةٌ عن عمليةٍ تتفكك فيها الإلكترونات عن الذرات، ويؤثر تفكك الإلكترونات عن الذرات في حدوث تغيرٍ في الخواص الكيميائية للذرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تكوين أو كسر الروابط الكيميائية، هذا ويمكن أن يكون مفيدًا لمعالجة المواد الكيميائية، أو يمكن أن يكون ضارًا للمواد أو الأنسجة الحية، وهذا الضرر يمكن أن يكون مفيدًا، فعلى سبيل المثال: في تطهير الأسطح، ولكن يمكن أن يكون ضارًا أيضًا، خاصةً للجلد والعينين، اللذان يكونان أكثر تأثرًا من الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقات العالية.
تأثير الأشعة فوق البنفسجية.
معظم الأشعة فوق البنفسجية تأتي من الشمس، ومع ذلك، 10% فقط من أشعة الشمس، هي أشعة فوق بنفسجية، وحوالي الثلث من هذه الأشعة، يخترق الغلاف الجوي؛ ليصل إلى الأرض، وحوالي 95 % من الطاقة الكهرومغناطيسية التي تصل إلى الأرض، هي أشعة كهرومغناطيسية طويلة (UVA) ، وفقط 5% هي أشعة كهرومغناطيسية (UVB)، ولا تصل الأشعة الكهرومغناطيسية القصيرة إلى الأرض؛ بسبب وجود عنصر الأوزون، وجزيئات الأكسجين، وبخار الماء في طبقات الجو العليا، وتعمل هذه العوامل على امتصاص الإشعاعات ذات الطول الموجي القصير، ومع ذلك، تبقى الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي تصل إلى الأرض، ذات طولٍ موجيٍ كبيرٍ قويةً وخطيرةً على الكائنات الحية ،عمومًا.
حروق الشمس.
إن سمرة الشمس (سفع)، رد فعلٍ للأشعة فوق البنفسجية المتوسطة (UVB) الضارة، وببساطة، يمكن اعتبار سمرة الشمس آليةً طبيعية للجسم؛ للدفاع من هذه الأشعة، ويحدث هذا عندما تنتج الخلايا الصبغية الميلانين، فتمتص الأشعة فوق البنفسجية، ويبددها كحرارة، وعندما يشعر الجسم بخطورة أشعة الشمس، يرسل الجسم الميلانين في الخلايا المحيطة، ويحاول حمايتهم من التعرض للمزيد من الضرر، وهذا بالطبع سيسبب تحول البشرة إلى السمار.
يقول (جاري تشوانغ) الأستاذ المساعد في الأمراض الجلدية في كلية الطب، في مقابلة أجريت عام 2013م، في مجلة لايف ساينس(Live Science) : إن ” الميلانين هو الوقاية الطبيعية للجسم من الأشعة، ولكن التعرض إلى الكثير من الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يدمر هذه الدفاعات، وعندما يحدث هذا، يصير هناك تفاعل سام، يؤدي وقتها إلى حروق الشمس، إن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تضر الحمض النووي في خلايا الجسم، مما سيشعر حينها بهذا الدمار، وسيغرٍق المنطقة بالدم؛ للمساعدة على عملية الشفاء، مع حدوث التهابٍ مؤلمٍ كذلك”.
في بعض الأحيان، يمكن أن تتحول الخلايا التي تحتوي على الحمض النووي المتحول من أشعة الشمس إلى خلايا لا تموت، لكنها تبقى تتكاثر كأنواع سرطانية، وفي هذا، يضيف جاري تشوانغ: ” إن للأشعة فوق البنفسجية إعاقات في عملية إصلاح الحمض النووي، إذ تحصل الخلايا على القدرة على تجنب الموت”.
والنتيجة لهذا، ستكون سرطان الجلد، وهو الشكل لأكثر السرطانات شيوعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، إن الناس الذين يتعرضون لحروق الشمس مرارًا وتكرارًا، هم الأكثر عرضةً لحدوث سرطان الجلد لديهم، وإن الخطر بإصابة أكثر أنواع السرطانات انتشارًا، يتضاعف بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا لحروق الشمس 5 مراتٍ أو اكثر، وفقا لإحصائيةٍ من مؤسسة سرطان الجلد.
مصادرٌ أخرى للأشعة فوق البنفسجية.
حسب جمعية الفيزياء الصحية، وُضعت عدة مصادر صناعيةٍ لإنتاج الأشعة فوق البنفسجية، تشمل هذه المصادر: “مقصورات الدباغة، والأضواء السوداء، ومصابيح المعالجة، ومصابيح مبيدة للجراثيم، ومصابيح بخار الزئبق، ومصابيح الهالوجين، ومصابيح التفريغ عالية الكثافة، ومصادر الفلورسنت، والمصابيح المتوهجة، وبعض أنواع إشعاعات الليزر”.
وأحد أشهر الطرق لإنتاج الأشعة فوق البنفسجية، هي عندما يتم تمرير تيارٍ كهربائيٍ من خلال الزئبق المختبر، أو بعض الغازات الأخرى، يستخدم هذا النوع من المصابيح عادةً في مقصورات الدباغة، وتطهير الأسطح، وتستخدم المصابيح أيضًا في الأضواء السوداء التي تتسبب في توهج الأصباغ، ودهانات الفلورسنج، والصمام الثنائي الباعث للضوء، المعروف بالـ(LED) ،وأشعة الليزر، والمصابيح المقوسة، تستخدم بصفتها مصادر أخرى؛ لإنتاج الأشعة فوق البنفسجية، وذلك باستخدام أطوالٍ موجيةٍ مختلفةٍ، وذلك لاستخدامها في أغراضٍ صناعية، وطبية، وبحثية.
هل يمكن استخدامها لعلاج السرطان؟
في حين أن التعرض للكثير من الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يؤدي إلى سرطان الجلد، يمكن استخدامها أيضًا بصفتها علاجًا لبعض أمراض الجلد الأخرى، فوفقا لبحوث السرطان التي أجريت في المملكة المتحدة، يمكن علاج المرضى باستخدام طريقة تسمى بـ (سورالين) -علاج بالأشعة فوق البنفسجية- أو(PUVA)، يأخذ المرضى دواءً أو محلولَا؛ لجعل بشرتهم أكثر حساسية للضوء، ومن ثم تسقط الأشعة فوق البنفسجية على بشرتهم، ويستخدم الـ (PUVA) لعلاج سرطانات الغدد اللمفاوية، والأكزيما، والصدفية، والبهاق.
قد يبدو غريبًا أن الأشعة التي تتسبب في حدوث سرطان، الجلد تستخدم أيضًا لعلاجه، و لكن الـ (PUVA) يمكن أن تكون مفيدةً؛ بسبب تأثير ضوء الأشعة فوق البنفسجية على إنتاج الخلايا من حيث أنه يبطئ نمو الخلايا، إذ يحد من تطور هذا المرض.
هل هي مفتاح معرفتنا لأصل الحياة؟
تشير أبحاثٌ حديثةٌ أن الأشعة فوق البنفسجية قد لعبت دورًا رئيسًا في أصل الحياة على الأرض، خاصةً في أصل الحمض النووي الريبوزي(RNA) ، ففي مقالٍ نشر عام 2017م، في مجلة الفيزياء الفلكية، لاحظ واضعو الدراسة أن النجوم القزمة الحمراء، قد لا تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية بما فيه الكفاية لبدء العملية البيولوجية اللازمة؛ لتشكيل حمض الريبوكليك، وهو أمرٌ ضروريٌ لجميع أشكال الحياة على الأرض، وتشير الدراسة أن هذه النتيجة يمكن أن تساعد في البحث عن حياةٍ في مكان آخر في هذا الكون.
- ترجمة: خالد أولاد ثاني.
- تدقيق: رجاء العطاونة.
- تحرير: زيد أبو الرب.