تُعرّف صناديق التحوط بكونها استثمارات بديلة، تستخدم الأموال المجمعة التي تستخدم استراتيجيات مختلفة لكسب عائدات للمستثمرين. وقد تُدار صناديق التحوط للاستفادة من المشتقات المالية أو الاستعانة بالروافع المالية في كل من الأسواق المحلية والدولية، لتوليد عائدات عالية للمستثمرين. ومن المهم ملاحظة أن صناديق التحوط غير متاحة عمومًا إلا للمستثمرين المعتمدين، لأنها تتطلب تنظيمات أقل من الصناديق أخرى، وهذا هو سبب تميز الأعمال في صناديق التحوط مقارنةً بالصناديق المشتركة وغيرها من أدوات الاستثمار.
فهم صناديق التحوط
تؤسس صناديق التحوط للاستفادة من فرص السوق المحددة، وتستخدم استراتيجيات استثمارية مختلفة، تُصنف وفقًا لأسلوب الاستثمار.
قانونيًا، كثيرًا ما تنشأ صناديق التحوط بوصفها شراكات محدودة للاستثمار الخاص، مفتوحة لعدد محدود من المستثمرين المعتمدين، وتتطلب حدًا أدنى أوليًا من الاستثمارات. إن الاستثمارات في صناديق التحوط غير سائلة، إذ تتطلب غالبًا احتفاظ المستثمرين بأموالهم في الصندوق مدة عام واحد على الأقل تُعرف بفترة التأمين، ولا يُسمح بعمليات السحب إلا على فترات معينة، ربع أو نصف سنوية.
تاريخ صندوق التحوط
أطلقت شركة «أ. و. جونز أند كو» -لصاحبها ألفريد وينسلو جونز الذي كان كاتبًا وعالم اجتماع- أول صندوق تحوط عام 1949، إذ ألهمته كتابته مقال عن اتجاهات الاستثمار الحالية -لصالح مجلة Fortune سنة 1948- أن يجرب نفسه في إدارة المال، فجمع 100 ألف دولار -منهم 40% من حسابه الشخصي- وشرع في محاولة إيجاد طريقة للحد من المخاطر المترتبة على الاحتفاظ بالأسهم طويلة الأجل بواسطة البيع القصير للأسهم الأخرى. ويشار الآن إلى هذا الإبداع الاستثماري بوصفه نموذج الأسهم الطويلة/القصيرة الكلاسيكي.
سنة 1952، غيّر جونز هيكل آليته الاستثمارية، بتحويلها من شراكة عامة إلى شراكة محدودة وإضافة رسم حوافز بنسبة 20% تعويضًا للشريك الإداري.
وبوصفه أول مستثمر يجمع بين البيع القصير والاحتفاظ بالأسهم طويلة الأجل، استخدم الروافع المالية -الإنفاق بالاستدانة- بواسطة الشراكة مع مستثمرين آخرين، وخلق نظام التعويض القائم على الأداء الاستثماري، وبهذا حصل جونز على مكانته في تاريخ الاستثمار بوصفه الأب الروحي لصندوق التحوط.
تفوقت صناديق التحوط كثيرًا على أغلب صناديق الاستثمار المشتركة في ستينيات القرن العشرين، واكتسبت المزيد من الشعبية عندما سلطت مقالة -نُشرت في مجلة Fortune سنة 1966- الضوء على استثمار غامض تفوق على أي صندوق مشترك في السوق بأرقام ذات خانتين طوال العام السابق وبأرقام قياسية طوال خمس سنوات الماضية.
وتطورت اتجاهات صناديق التحوط، ففي محاولة لتعظيم العائدات، ابتعدت العديد من الصناديق عن استراتيجية جونز -التي ركزت على انتقاء الأسهم مع التحوط- واختارت الانخراط في استراتيجيات أخطر، استنادًا إلى الروافع المالية طويلة الأجل، وأدت هذه التكتيكات إلى خسائر فادحة عامي 1969 و1970، أعقب ذلك عدد من عمليات إغلاق صناديق التحوط في فترة انخفاض الأسعار 1973-1974.
الخصائص الرئيسية لصناديق التحوط:
أنها مفتوحة فقط للمستثمرين المعتمدين أو المؤهلين
لا تسمح صناديق التحوط إلا بالحصول على أموال من مستثمرين مؤهلين -أفراد يتجاوز دخلهم السنوي 200 ألف دولار في العامين الماضيين، أو يتجاوز صافي ثروتهم مليون دولار- أي أن لجنة الأوراق المالية والبورصة تعد المستثمرين مؤهلين إذا كانوا ملائمين بالقدر الكافي للتعامل مع المخاطر المحتملة الناجمة عن تحديات استثمارية أوسع.
تقديم مستوى استثماري أوسع من الصناديق الأخرى
مجال الاستثمار في صندوق التحوط تحدده صلاحيات الصندوق ذاته فقط، وقد يستثمر صندوق التحوط في أي شيء -كالأراضي والعقارات والأسهم والعملات- بعكس الصناديق المشتركة التي تقتصر على الأسهم أو السندات، وهي عادةً طويلة الأمد.
استخدام الروافع المالية
غالبًا ما تستخدم صناديق التحوط الأموال المُقترَضة لتضخيم عائداتها، ما يسمح لها باتخاذ اجراءات عنيفة قصيرة الأجل حسب استراتيجية الصندوق. وكما رأينا في أثناء الأزمة المالية سنة 2008، قد تقضي الروافع المالية أيضًا على صناديق التحوط.
هيكل الرسوم 2-20
تفرض صناديق التحوط رسوم أداء إضافةً إلى تحصيل نسبة مصروفات، يُعرف هيكل الرسوم هذا باسم «2 -20»، وهي رسم إدارة الأصول بنسبة 2% ثم نسبة 20% من أي مكاسب محققة.
لوائح صناديق التحوط
إن صناديق التحوط كبيرة وقوية إلى الحد الذي يجعل لجنة الأوراق المالية والبورصة تبدي اهتمامًا أكبر بها، خاصةً لأن حالات الخرق مثل التداول الداخلي والاحتيال تبدو أكثر تكرارًا فيها، وإن كانت الضوابط المطبقة حديثًا قد خففت من قيود تسويق صناديق التحوط لأدواتها الاستثمارية.
في مارس 2012 دخل قانون جوبز -الخاص ببدء المشروعات- لتشجيع تمويل الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة، بتيسير تنظيم الأوراق المالية، ما كان له أثر كبير في صناديق التحوط. وفي سبتمبر 2013 رُفِع الحظر المفروض على الإعلان عن صناديق التحوط، إذ وافقت لجنة الأوراق المالية والبورصة بالتصويت على اقتراح يسمح لصناديق التحوط -وغيرها من الشركات التي تنتج عروضًا خاصة- بالإعلان لمن تشاء، لكن ما زال قبول الاستثمارات يقتصر على المستثمرين المعتمدين. وكثيرًا ما تكون صناديق التحوط من الموردين الرئيسيين برأس المال للشركات الناشئة والصغيرة بسبب اتساع نطاق خط الاستثمار لديها، وعلى هذا يساعد إعطاء صناديق التحوط الفرصة لطلب رأس المال على نمو الشركات الصغيرة، بزيادة مجموع رأس المال الاستثماري المتاح.
صناديق التحوط الرئيسية في العالم
أنشأت شركة «ه. ف. م. أبسوليوت» سنة 2018 قائمة مرتبة لصناديق التحوط وفقًا لإجمالي إدارة المخزون، تشمل القائمة بعض الشركات التي تحتفظ بالمزيد من الأسهم في السوق الرسمية في مناطق أخرى إلى جانب صندوق التحوط.
كانت شركة «بول سينغر» للإدارة تمتلك 35 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة، ويوصف هذا الصندوق المؤسس في 1977 بأنه «صندوق المهمشين»، إذ يركز نحو ثلث أصوله على الأوراق المالية المتعثرة، متضمنًا ديون البلدان التي أفلست، وأثبتت تلك الاستراتيجية نجاحها عقودًا عديدة.
تأسست شركة «سيرينج سيجما» للاستثمارات في نيويورك سنة 2001 بواسطة ديفيد سيغل وجون أوفيك، وهي شركة تقع على قمة قائمة صناديق التحوط التابعة لإدارة الأوراق المالية، إذ بلغت الأصول المُدارة أكثر من 37 مليار دولار، وقد صممت الشركة كي لا تعتمد على استراتيجية استثمارية واحدة، ما يسمح لها بالمرونة مع تحولات السوق.
يُعد صندوق «جيمس إتش» التابع لشركة «سايمون تكنولوجي» من أكبر صناديق التحوط شعبية في العالم بقيمة 57 مليار دولار أميركي، أُطلق سنة 1982 وأحدث ثورة في استراتيجيته إلى جانب التغيرات في التكنولوجيا في السنوات الأخيرة. وتشتهر الشركة الآن بالمتاجرة المنهجية القائمة على نماذج الحواسيب والخوارزميات، وبهذا تمكنت من تزويد المستثمرين بعوائد ثابتة، حتى في ظل الاضطرابات الأخيرة في حيز صندوق التحوط على نطاق أوسع.
إن الاستثمارات المالية في منطقة الخليج العربي هي ثاني أكبر صندوق تحوط في العالم، وتوجد استثمارات بنحو 90 مليار دولار أمريكي في صناديق التحوط في الإمارات العربية المتحدة فقط، وجدير بالذكر أن مؤسسة «أكر» في كونيكتيكت معروفة باستخدامها للاستراتيجيات الاستثمارية التقليدية والبديلة على حد سواء في منطقة الخليج العربي.
اقرأ أيضًا:
التحليل التقني للأسهم وتوجهات السوق
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: أكرم محيي الدين