تمتلك أبسط الأسئلة أحيانًا الإجابات الأكثر تعقيدًا. ما هي سرعة الظلام ؟ ماذا حدث قبل الانفجار العظيم ؟ ما هو شكل الكون ؟ وإذا كان الكون متوسعًا، إلى ماذا يتوسع؟ يمتلك السؤال الأخير إجابةً قصيرة وأخرى طويلة، ونظن أنك تريد معرفة الإجابة الطويلة. إليك بدايةً الإجابة القصيرة، ليس للسؤال أي معنى، الكون هو كل شيء، لذلك فهو لا يتوسع إلى أي شيء، هو يتوسع فحسب. تتباعد جميع المجرات في الكون عن بعضها البعض وتُشَد كل منطقة من الكون كما في البالون ، لكن لا يوجد مركز يتوسع منه الكون ، أو أطراف تتوسع إلى أي شيء آخر.
لكن هذا لا يعني أن الكون مطلق، الأمر الذي ينقلنا إلى الإجابة الطويلة. لنفهم كيف يمكن لشيء أن يكون نهائيًا دون طرف، تخيل نسيج الكون بمثابة سطح بالون، عند نفخ البالون يتسع السطح وتبتعد كل نقطة عن الأخرى، لكن كائنًا متناهي الصغر يستطيع السير إلى الأبد على سطح هذا البالون دون أن يصل إلى طرف بالونه الكوني، فالبالون لا يمتلك حافةً، ولكن حجمه محدود.
ما هو شكل الكون ؟
لكن البالون يعتبَر أحد الأمثلة. لا يعلم العلماء حقًا حتى الآن إن كان الكون محدودًا أم مطلقًا، أو حتى ما هو شكله. وتوجد ثلاث احتمالات: كروي، مسطح، أو بشكل (دالة زائدية – hyperbolic). تشير الدلائل من الضوء الأول ضوء في الكون إلى أن الاحتمال الثاني هو الأكثر ترجيحًا، أي أن الكون مسطح في الحقيقة.
حتى وإن كان الكون مسطحًا وليس على شكل بالون، لا يزال بوسعنا تخيل كيف يكون الكون محدودًا دون أطراف، مثل قطعة من الورق، يمكنك أن تضع طرفين متقابلين على بعضهما مشكلًا اسطوانة. إذا سافرت مركبة فضاء ثنائية الأبعاد من أحد تلك الأطراف إلى الطرف الآخر، ستصل إلى نفس النقطة التي بدأت منها.
ستحصل على النتيجة ذاتها عند القيام بهذه العملية بشكلٍ عمودي: صِل أطراف الاسطوانة ببعضهما لتُكوِن شكل قطعة الدونات، الآن تسطيع السفينة الفضائية ثنائية الأبعاد السفر إلى أي مكان دون الوصول إلى حافة الورقة، رغم أن الورقة تمتلك حجمًا محدودًا.
ربما ترى بهذا غشًا، إذ أن الورقة مسطحة، بينما شكل قطعة الدونات مستدير، ولكن العلماء يعرفون كلمة مسطح بشكل محدد، وهي تعني (الإقليدية -Euclidean )، أي أن الخطوط المتوازية تظل متوازية، وأن مجموع زوايا المثلث دائمًا 180 درجة، ما لا يحدث في الأشكال الدائرية أو شكل الدالة الزائدية، ولكنه ممكن في الأشكال المسطحة، والاسطوانية، وأي شكل آخر يمكن صنعه من ورقة مسطحة.
يقترح هذا أمرًا مثيرًا للغاية، إن كنا نعيش في كون مسطح سنستطيع فرضيًا السفر في اتجاه معين لمسافة طويلة (أو بناء تلسكوب يلاحظ أبعادًا كبيرة) حتى نصل النقطة ذاتها مرةً أخرى.
يمكن حدوث ما هو ألطف عند تفكيرك في العديد من الأشكال الغريبة الأخرى، كأشكال تلتوي على نفسها، وهي تستطيع إيصالك رجوعًا لصورة في المرآة في مكان وقوفك. ولكن مهما كان شكل الكون، فهو لا يتوسع إلى أي شيء، لا يوجد شيء خارج إطار الكون فهو لا يمتلك حافة من الأساس.
اقرأ أيضًا:
يبدو أننا بحاجة لفيزياء جديدة لفهم التمدد الكوني
إذا كان كوننا يتمدد، فما الشيء الذي يتمدد بداخله الكون؟
إذا كان الكون يتمدد باستمرار فهل هذا يعني وجود نسخ غير محدودة مني؟
ترجمة: بيتر نبيل
تدقيق: آية فحماوي