بوزون هيغز هو جسيم أولي دون ذري يعتبر المسؤول عن اكتشاب ذرات المادة لكتلتها، وتم رصده عام 2011 عبر اختبارات عملية قام بها مصادم الهادرونات الكبير.
في سبعينيات القرن الماضي، لاحظ الفيزيائيون أن هناك روابط وثيقة جدًا بين اثنتين من القوى الأساسية الأربعة في العالم – القوة النووية الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية. كلتا القوتين يمكن تفسيرهما ضمن نفس النظرية، التي تُمثل أساس النموذج القياسي. هذا «الاتحاد» يعني أن الكهرباء والمغناطيسية والضوء وبعض أنواع النشاط الإشعاعي كلها مظاهر أو أشكال لقوة أساسية واحدة تعرف باسم «القوة الكهربائية الضعيفة».
المعادلات الأساسية للنظرية الموحدة توضح القوة الكهربائية الضعيفة وكذلك الجزيئات الحاملة للقوة المرتبطة بها، ألا وهي الفوتونات (W) والبوزونات (Z)، باستثناء خلل كبير.
كل هذه الجسيمات تظهر دون كتلة، قد يبدو هذا صحيحًا بالنسبة للفوتون، لكننا نعرف أن البوزونات لها كتلة، وهي ما يقارب 100 ضعف كتلة البروتون. لحسن الحظ، قدم الفيزيائيون روبرت بروت (Robert Brout)، وفرانسوا إنغلرت (François Englert)، وبيتر هيغز (Peter Higgs) اقتراحًا لحل هذه المشكلة.
إن ما نُطلق عليه الآن آلية براوت-إنغلرت-هيغز (Brout-Englert-Higgs) تعطي كتلة للبوزونات والفوتونات عندما يتفاعلان مع حقل غير مرئي يعم الكون كله، يُسمى «حقل هيغز».
في سيرين (CERN)، تعاون مشترك بين (ATLAS) و(CMS) يُقدم دليلًا في بيانات مصادم الهيدرونات الكبير لجُسيم متوافق مع بوزون هيغز، وهو الجسيم المرتبط بالآلية المقترحة في الستينيات لتكوين كتلة للجزيئات (W وZ) والجزيئات الأخرى.
لحظات بعد الانفجار العظيم، كان حقل هيغز يساوي صفرًا، ولكن مع استمرار الكون في البرودة وتراجع درجات الحرارة إلى أقل من القيمة الحرجة، تكوّن الحقل تلقائيًا حتى أصبح لأي جُسيم يتفاعل معه كتلة، كلما كان الجسُيم يتفاعل أكثر مع الحقل كلما كان الجُسيم أثقل.
تترك جزيئات مثل الفوتون الذي لا يتفاعل معها بلا كتلة على الإطلاق.
مثل كل الحقول الأساسية، يحتوي حقل هيغز على جسيم مرتبط، بوزون هيغز (Higgs boson)، وبوزون هيغز هو تمثيل مرئي لحقل هيغز، مثل موجة على سطح البحر.
الأحداث المرشحة لبوزون هيغز الناتجة عن الاصطدامات بين البروتونات في مصادم الهيدرونات الكبير.
لسنوات عديدة كانت هناك عقبة كبيرة، هي عدم وجود تجربة لاحظت بوزون هيغز لتأكيد هذه النظرية.
في 4 يوليو 2012، أعلن كل من (ATLAS) و (CMSeximents) في مصادم الهيدرونات الكبير أنهما رصدا جسيمًا جديدًا في منطقة الكتلة حوالي 125 إلكترون فولت.
يتوافق هذا الجسيم مع بوزون هيغز، لكن الأمر سيستغرق مزيدًا من العمل لتحديد ما إذا كان هذا هو بوزون هيغز أم لا، والذي تنبأ به النموذج القياسي.
يمثل بوزون هيغز، كما هو مقترح في النموذج القياسي، أبسط مظهر لآلية براوت-إنغلرت-هيغز.
يُتنبّأ بأنواع أخرى من بوزونات هيغز من خلال نظريات أخرى تتعدى النموذج القياسي.
في 8 أكتوبر 2013، مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لكل من فرانسوا إنغلرت وبيتر هيغز عن الاكتشاف النظري للآلية التي تسهم في فهمنا لأصل كتلة الجزيئات دون الذرية، والتي تم تأكيدها مؤخرًا من خلال اكتشاف الجسيمات الأساسية المُتنبأ بها، من خلال تجارب (ATLAS) و(CMS) في مصادم الهيدرونات العظيم في سيرن.
مقالات أخرى ذات صلة:
ضربة حظ قد تكون تاريخية: مصادم الهادرونات الكبير يكتشف بوزون هيجز مرة أخرى
تجرية ATLAS تظهر أن بوزون هيغز يتحول إلى فرميونات
ترجمة: ازهر البكري
تدقيق: صهيب الأغبري