تعرف عملية المعاشرة الجنسية منذ ملايين السنين كآليةٍ لنقل الحيوانات المنوية لتخصيب البويضة وبدء الحمل، ولكن المعاشرة لا تعني فقط اجتماع مجموعتين من الجينات بل هنالك العديد من الفوائد البيولوجية التي تنتج عن العلاقات الجنسية بحسب ما تشير إليه عددٌ من الدراسات الحديثة.
إن ممارسة الجنس أمرٌ محوريٌّ للشخص سواءً كان في مجتمعٍ محافظ أم لا، فالجنس مهمٌّ ليس من أجل الإنجاب فقط بل من الناحية البدنية والنفسية والاجتماعية حسب بعض الدراسات.
توظِّف معظم الحيوانات الجنس من أجل عملية الانجاب فقط للحفاظ على النوع، أما بالنسبة للإنسان فالأمر مختلف، فالمرأة تستمر بممارسة الجنس على طول الدورة الشهرية، عدا فترة الحيض، على الرغم من أنَّ الفترة التي تكون فيها البويضة جاهزةً للتخصيب لاتتجاوز اليومين كما أنها تستمر بممارسة الجنس بعد سن اليأس وبالرغم من غيابٍ تامٍّ للخصوبة.
إن ممارسة الجنس تقرب الزوجين من بعضهما البعض، فقد تصادف شخصًا تعتقد أنه مناسبٌ لك ولكن عند وقتٍ معين تشعر بأنه غير مناسب، فالجسم يخبر العقل بأنه غير مناسب لك وبالمثل يمكن للجسم أن يعطيك إشارةً قويةً حول ما إذا كنا نريد التقرب من شخصٍ ما.
فأثناء الملامسة أو التقبيل أو ممارسة الجنس يفرز الجسم هرموناتٍ تعزز الارتباط، وأهم هذه الهرمونات هو الأوكسيتوسين و الفازوبريسين، تكون هذه الإفرازات مركزةً خلال الجماع او الإثارة الجنسية، ويعتقد أن إفراز هذه المواد يعزز الحب والالتزام بين الزوجين ويزيد فرص بقائهما معا.
تأتي بعض الأبحاث التي تدعم هذا الاعتقاد من دراسة القوارض، فعلى سبيل المثال، تمت ملاحظة ارتفاع إفراز الأوكسيتوسين عند إناث فئران الحقل بالتزامن مع ممارسة الجنس مع الذكور. أما عند البشر، فالأزواج الذين يمارسون الجنس مراتٍ قليلةٍ يكونون أكثر عرضةً للانفصال.
الأوكسيتوسين ليس مهمًّا فقط للترابط فهو يفرز من الدماغ وينتقل إلى الدورة الدموية في كثيرٍ من المواقف الاجتماعية بما فيها الرضاعة الطبيعية والغناء ومعظم الأنشطة التي تتضمن البقاء معاً في جوٍّ ممتع.
كما ويلعب الأوكسيتوسين دورًا في العديد من الصفات الاجتماعية كالإيثار. ومن الأمثلة على فوائد الجماع هو ما تفعله قردة البابون، حيث يعتبر الجنس، بكل انواعه، وسيلةً لحل النزاعات حيث يلعب دورًا في المصالحة بين الأزواج.
ومن ناحيةٍ أخرى، يعتبر الجنس نشاطًا صحيًّا، ويعتبر نشاطًا بدنيًّا أيضًا، فالأشخاص الأصحاء يكونون مستعدين لمزيدٍ من الجنس على عكس أولئك الذين يعانون من مشاكل عاطفيةٍ أو مشاكل تتعلق بالصحة البدنية.
ومن الواضح أن النشاط البدني وفوائد تعزيز الارتباط من خلال الاشباع الجنسي تؤدي إلى حياةٍ أكثر صحةً وسعادةً. ومن الممكن أيضًا أن أساليب الجماع تطورت لتساعدنا على تقييم صحة الشركاء الجنسيين.
ومن ناحيةٍ نفسيةٍ يمكن للجنس أن يجعلنا أشخاصًا مبدعين، وهذا ما يحدث في العديد من المجالات الفنية مثل الأدب والموسيقى والرسم والتي هي نتيجةٌ لسعينا للحصول على شخصٍ ليشاركنا السرير، فقد تميزت أكثر فترةٍ ابداعيةٍ لبيكاسو والتي تضمنت أهم أعماله بظهور عشيقةٍ جديدةٍ له.
في النهاية تخبرنا التجربة أن الجنس بأنواعه، بغض النظر عن الجماع من أجل الإنجاب، يمكن أن يحقق مكاسب بيولوجية، يزيد من ترابط الأزواج، ويزيد من التفكير الإبداعي للشخص، كما ويساهم في الحفاظ على صحةٍ جيدة.
زواج مع انسجام ينتج مجتمعًا ناضجًا
- ترجمة : بشار الجميلي
- تدقيق : بدر الفراك