يمثّل الميكروبيوم المعوي جميع الأحياء الدقيقة كالجراثيم والفطريّات والبكتيريا التي تعيش في أمعائنا وتُقدَّر أعدادها نحو 100 تريليون كائن حي دقيق، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عدد خلايا جسم الإنسان البالغ، يبلغ وزن هذه الأحياء الدقيقة مجتمعةً 1 إلى 2 كغ أي ما يقارب وزن الدماغ!
تعايش الإنسان مع الميكروبيوم خلال ملايين السنين من تطوّره وتعلّم الميكروبيوم طوال تلك الفترة كيفية القيام بأدوار بالغة الأهمية في أجسامنا، وفي الحقيقة سيكون من الصعب جدًّا البقاء على قيد الحياة بدون الميكروبيوم ، سوف نقدّم لكم الآن دليلًا مفصّلًا عن وظائف الميكروبيوم وكيف نحافظ على توازنه.
أدوار الميكروبيوم المعوي في المحافظة على صحتنا:
- هضم سكريات حليب الثدي: تنمو بعض الجراثيم كالبيفيدوبكتيريا في أمعاء الأطفال الرّضع وتهضم السكاكر الصحيّة الهامّة للنمو في حليب الثدي؛ وذلك لعدم وجود إنزيمات نوعية لهضم سكريات حليب الثدي في أجسام الأطفال الرّضع.
- هضم الألياف: تتخصّص العديد من الجراثيم المعويّة في هضم الألياف وتحويلها إلى أحماض دسمة قصيرة السلسلة كالأسيتات والبروبيونات والبيوتيرات.
تمثّل البيوتيرات مصدر الطّاقة الرّئيسي لخلايا القولون، وتحرّض استموات الخلايا السرطانية القولونية، وتفعّل عملية استحداث الغلوكوز في الخلايا المعوية، وتحافظ على توازن الأكسجين في الأمعاء. تنتقل البروبيونات إلى الكبد ولها دور هام في تنظيم عملية استحداث السكر وتشكّل حاسّة الشّبع نتيجة التآثر مع مستقبلات الأحماض الدسمة في الأمعاء. أمّا الأسيتات فتكمن أهميته في تنظيم عملية استحداث الدّسم واستقلاب الكوليسترول.
- المشاركة في ضبط الجهاز المناعي: يتواصل الميكروبيوم المعوي مع العديد من الخلايا المناعية ويؤدي هذا التواصل الوثيق إلى التحكم في كيفيّة استجابة أجسامنا للعدوى.
- المحافظة على صحّة الدّماغ: يتواصل الميكروبيوم المعوي مع الجهاز العصبي المركزي عبر الطرق العصبية والمناعية والغدد الصّم ما يؤدي إلى ضبط وظيفة الدّماغ بالشكل الصحيح.
ما الأغذية الدّاعمة لتوازن الميكروبيوم المعوي؟
- الأغذية الغنيّة بالألياف مثل البقوليات والفاصولياء والبازلاء والشوفان والموز.
- الأطعمة المتخمرة مثل مخلل الملفوف واللبن والكفير التي تُعدّ من أهم المصادر الغذائية للبروبيوتيك.
- الأطعمة الغنية بالكولاجين مثل مرق العظام والسلمون.
ما المؤشرات التي تدل على اختلال توازن الميكروبيوم؟
العديد من جوانب الحياة الحديثة مثل مستويات الإجهاد المرتفعة وقلة النوم وتناول الأطعمة المصنعة المحتوية على نسبة عالية من السكر وتناول المضادات الحيوية، تلحق الضرر بالميكروبيوم المعوي، ما يؤدّي إلى اضطراب العديد من الوظائف الحيوية، مثل وظائف الدّماغ والقلب والجهاز المناعي والجلد واضطراب الوزن ومستويات الهرمون والقدرة على امتصاص العناصر الغذائية، ومن مؤشرات اختلال توازن الميكروبيوم المعوي:
- اضطرابات المعدة مثل الانتفاخ والإمساك والإسهال والحموضة المعدية وكثرة الغازات.
- اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة والسكريات المضافة يقلل من كمية البكتيريا المفيدة في أمعائنا.
- تغيرات مفاجئة في الوزن مثل اكتساب الوزن أو نقصانه دون إجراء تغييرات على نظامنا الغذائي ما يؤدي إلى إضعاف قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية وتنظيم نسبة السكر في الدم وتخزين الدهون. قد يحدث فقدان الوزن بسبب فرط نمو الجراثيم المعوية الدقيقة، في حين أن زيادة الوزن قد تكون ناجمة عن مقاومة الإنسولين أو الرغبة في الإفراط في تناول الطعام بسبب انخفاض امتصاص العناصر الغذائية.
- اضطرابات النوم أو التعب المستمر مثل الأرق أو قلة النوم بسبب اضطرابات في هرمون السيروتونين المنتج في الأمعاء، وهو هرمون يؤثر على الحالة المزاجية والنوم.
- تهيج الجلد مثل الإكزيما الناجم عن سوء التغذية أو زيادة تسرب بعض البروتينات إلى الجسم نتيجة اختلال توازن الميكروبيوم المعوي.
- الأمراض المناعية الذاتية مثل النمط الأول من داء السكري والذئبة الحمامية الجهازية.
- حالات عدم تحمّل الأطعمة الناتجة عن خلل في هضم العديد من الأغذية في الأمعاء يوشّر على انخفاض كميّة الجراثيم المفيدة في الأمعاء.
اقرأ أيضًا:
زرع البراز قد يكون سر الشباب الأبدي
ترجمة: حسن دعبول
تدقيق: باسل حميدي