المحيط الحيوي: هو تلك الحياة المنتشرة على كوكب الأرض، من ظُلمات خنادق المحيطات، إلى الغابات المطيرة، مرورًا بأنظمة جذور الأشجار العميقة، وصولًا لقمم أعالي الجبال. يصنف العلماء الأرض إلى عدد من الفضاءات، أو الطبقات، بداية من الطبقة السطحية للأرض، وهي الطبقة الصلبة، وتدعى: (الغلاف الصخري – lithosphere)، ثم الطبقة الممتدة فوق الغلاف الصخري، وهي الغلاف الجوي (atmosphere)، ثم لدينا الغلاف المائي (hydrosphere)، والذي يتشكل من المياه المنتشرة على القشرة الأرضية، والهواء، وفي الأرض.
يتداخل ويتشارك المحيط الحيوي مع جميع هذه الطبقات، لأن الحياة موجودة على الأرض، وفي الماء والهواء، ويُقدر حجم المحيط الحيوي أو أبعاده على الشكل التالي: يبلغ ارتفاعه ٢٠ كم (١٢ميل) من الأعلى إلى الأسفل، على الرغم من أن الحياة تتركز تقريبًا بين ٥٠٠ متر (١٦٤٩ قدم) تحت سطح المحيط إلى ٦ كم (٣٧٥ ميل) فوق سطح البحر.
أصل المحيط الحيوي
يعود وجود المحيط الحيوي إلى ما يقارب 3.5 مليار سنة، حينها وُجدت إحدى أشكال الحياة الأولية، أو بدائيات النوى prokaryotes والتي عاشت دون أوكسجين، وتضمنت كائنات وحيدة الخلية مثل البكتيريا، والعتائق أو البكتيريا الأصل.
قامت هذه الكائنات بإنتاج السكريات البسيطة، واستخراج الأوكسجين من الماء، وإنتاج ثاني أكسيد الكربون عن طريق تطوير عملية كيميائية نوعية وفريدة، تدعى التركيب الضوئي photosynthesis.
سببت وفرة وكثرة الكائنات التي ندعوها بالكائنات الضوئية تغيير المحيط الحيوي، وعلى مدى فترات طويلة من الزمن، طور الغلاف الجوي مزيجًا من الأكسجين والغازات الأخرى التي قد تحمل أشكالًا جديدةً من الحياة.
فتح دخول الأوكسجين الباب أمام تطور أشكال الحياة الأكثر تعقيدًا، ابتداءً من ملايين النباتات، وهذا يعني المزيد من التركيب الضوئي، ثم الحيوانات التي تستهلك النباتات، وأنواعًا أخرى من الحيوانات أيضًا، وصولًا إلى تطور عملية التحلل decompose أو تحليل النباتات والحيوانات الميتة من قبل البكتيريا والكائنات الأخرى.
تشكل هذه التراتبية شبكة غذائية متكاملة. تصبح بقايا النباتات والحيوانات الميتة مغذيات في التربة والمحيطات، وتقوم النباتات المتنامية الجديدة بإعادة امتصاصها. تبادل الأغذية والطاقة على هذا النحو يجعل من المحيط الحيوي نظامًا ذاتي الدعم والتنظيم.
يُطلق أحيانًا على المحيط الحيوي أنه نظام بيئي يحتوي على العديد من الكائنات الحية وغير الحية التي تشكل وحدة متناغمة، ومع ذلك، يُوصف المحيط الحيوي بأنه يحتوي على العديد من النظم البيئية.
محميات المحيط الحيوي
يعتمد مستقبل المحيط الحيوي على طريقة تفاعل الناس مع أنظمة الحياة الأخرى ضمن منطقة الحياة، فالإنسان يلعب دورًا كبيرًا وهامًا في الحفاظ على تدفق الحياة والطاقة للمحيط الحيوي. وفي الكثير من الأحيان يتسبب الإنسان بحدوث الخلل ضمن هذه المنظومة.
على سبيل المثال: (في الغلاف الجوي: تنخفض كميات الأوكسجين؛ بسبب استعمال الوقود الأحفوري fossil fuels مثل الفحم والنفط، وإزالة الغابات، ما يسبب ازدياد كميات ثاني أكسيد الكربون. وفي المحيط المائي: تُشكل النفايات الصناعية، وتسرُّب النفط تهديدًا للحياة ضمن البيئات المائية المختلفة).
أنشأت الأمم المتحدة في أوائل السبعينيات مشروعًا يشجع على التنمية المستدامة sustainable development أُطلق عليه برنامج الإنسان والمحيط الحيوي
Man and the Biosphere Programme، اختصارًا (MAB)، وهو عبارة عن شبكة من محميات المحيط الحيوي التي تؤسس لعلاقة متوازنة بين الإنسان والعالم الطبيعي.
تم إنشاء أول محمية للمحيط الحيوي في يانغامبي Yangambi في جمهورية الكونغو الديمقراطية. تتوضع المحمية في حوض نهر الكونغو الخصيب، وتحتوي على أكثر من 32,000 نوع من الأشجار والنباتات والحيوانات الاستيطانية (الحيوانات الموجودة بشكل حصري وطبيعي في مكان محدد) مثل فيل الغابات الأفريقي forest elephants وخنزير الأنهار الأحمر red river hogs، هذه المحمية تدعم أعمال الزراعة المستدامة والتعدين والصيد. يوجد حاليًا ٥٦٣ محمية محيط حيوي حول العالم.
توجد واحدة من أحدث محميات المحيط الحيوي في يايو Yayu إثيوبيا، إذ طُورت المنطقة لأهداف زراعية، وتُنتج بانتظام العسل والأخشاب والفواكه.
لكن المورد الأكثر ربحًا في يايو هو نوع من النباتات المحلية البن العربي Coffea arabica وتعتبر يايو أكبر مصدر للقهوة البرية في العالم بفضل هذه الشجيرة. ببساطة، المحيط الحيوي هو موطن الحياة الموجودة في الكون بأسره.
مشروع المحيط الحَيوي ٢
عام ١٩٩١، انتقل فريق مكون من ثمانية علماء إلى منشأة أبحاث ضخمة قائمة بذاتها تسمى Biosphere 2 في أوراكل Oracle، أريزونا، داخل هيكل هائل يسمى (البيت الأخضر)، أنشأ Biosphere 2 خمس مناطق حيوية مميزة، ومرفقًا زراعيًا فاعلًا، ويخطط العلماء للعيش في المحيط الحيوي 2 مع اتصال ضئيل مع العالم الخارجي.
صُممت التجارب التي أُجريت في المحيط الحيوي 2 لدراسة العلاقة بين الكائنات الحية وبيئتها، ومعرفة ما إذا كان البشر قادرين على العيش في الفضاء يومًا ما. كان من المفترض أن تستمر المهمة لمدة ١٠٠ عام، حيث أمضى فريقان من العلماء ٥٠ عامًا في البيت الأخضر أو المرفق، بدلاً من ذلك حقق فريقان أربع سنوات فقط وانتقل العلماء إلى خارجه في عام ١٩٩٤. على الرغم من انتهاء المرحلة المباشرة، لا تزال الأبحاث جارية في المحيط الحيوي ٢، مع التركيز بشكل رئيسي على ظاهرة الاحتباس الحراري.
اقرأ أيضًا:
العلماء يكشفون عن المحيط الحيوي الجوفي – الحياة تحت سطح الأرض
الفيزياء الحيوية – كيف تعمل الأنظمة الحيوية ؟
الهندسة الحيوية: باحثون يطورون رئات ذات تروية دموية جيدة
هل مستوى سطح البحر ثابت في جميع أنحاء الكرة الأرضية ؟
ترجمة: عمر النبواني
تدقيق: عبد الرحمن عبد
