ينص القانون الصفري للديناميكا الحرارية أنه إذا تواجد جسمان في حالة توازن حراري مع جسم ثالث، فهما أيضًا في حالة توازن مع بعضهما. ويعني التوازن الحراري أنه عند اتصال جسمين مفصولين بحاجز نافذ للحرارة، لا تنتقل الحرارة بينهما. يبين هذا أن الأجسام الثلاثة لها نفس درجة الحرارة. ووضح جيمس كليرك ماكسويل هذا الأمر ببساطة أكثر عندما قال: “لها نفس النوع من الحرارة” والأهم من ذلك أن هذا القانون يثبت أن درجة الحرارة هي خاصية أساسية للمادة وهي قابلة للقياس.
التاريخ
عندما أُسست قوانين الديناميكا الحرارية، لم يكن هناك إلا ثلاثة قوانين. في أوائل القرن الثامن عشر، أدرك العلماء الحاجة إلى وجود قانون آخر لإكمال المجموعة. مع ذلك، وجب أن يكون هذا القانون الجديد في رأس القائمة إذ قدم تعريفًا رسميًا لدرجات الحرارة وحل فعليًا قبل القوانين الثلاثة الحالية. خلق هذا معضلة، فالقوانين الثلاثة الأصلية كانت معروفة جيدًا بالترتيب المخصص لها، وإعادة ترقيمها سيؤدي إلى تعارض مع المبادئ الحالية ويسبب تشويشًا كبيرًا.
وشكل الحل البديل وهو أن يطلق على هذا القانون الجديد (القانون الرابع) مشكلة لأنه حل قبل القوانين الثلاثة الأخرى.
توصل أحد العلماء وهو رالف هـ. فاولر، إلى بديل ثالث يحل المعضلة، إذ أطلق على القانون الجديد اسم “القانون الصفري (zeroth) أو القانون رقم صفر”. وذلك اقتباسًا من “الروبوتات والإمبراطورية” عندما وُجد أن هناك حاجة لإضافة قانون جديد لقوانين الروبوتات الثلاثة).
وفقًا لما قاله دايفيد ماكي أستاذ الفيزياء بجامعة ولاية ميسوري الجنوبية، فإن القانون الصفري «يبين أنه بغض النظر عن مقدار الطاقة التي يمتلكها نظامان، ومعرفة مقدار هذه الطاقة، لا يمكنك التنبؤ بالاتجاه الذي ستتدفق فيه الحرارة في حالة اتصالهما ببعضهما. ينص القانون على أن درجة الحرارة، تحدد اتجاه تدفق الحرارة، ولا تعتمد بشكل مباشر على كمية الطاقة المعنية.”
وتابع قائلاً: «إن درجة حرارة النظامين هي الشيء الوحيد الذي تحتاج معرفته لتحديد الاتجاه الذي ستتدفق فيه الحرارة بينهما».
أجهزة قياس الحرارة Thermometers
تستجيب أبسط النباتات والحيوانات أحادية الخلية للتغيرات في درجة الحرارة. إن مفاهيم الحار والبارد، “الأسخن من” و “الأبرد من” متأصلة في علم وظائف الأعضاء لدينا. ومع ذلك، تتطلب قدرتنا على توصيل هذا المفهوم بعض المعايير للمقارنة.
أحد المعايير الأولى التي ما زالت تستخدم حتى يومنا هذا نقطتا التجمد والغليان في الماء. وكانت المشكلة في كيفية وصف درجات الحرارة بدقة كافية لتكون مفيدة. يتطلب ذلك التكرار على مقياس تدريجي.
يحدد القانون الصفري للديناميكا الحرارية درجة الحرارة ويُمَكن وجود أجهزة لقياسها. ولكي يكون المقياس مفيدًا، يجب معايرته أولًا. تُحدد كل وحدات القياس الأساسية الأخرى مثل الطول والكتلة والوقت وما إلى ذلك وفقًا لمعايير دقيقة. ولتحديدها يجب تحديد نقطة بداية للمقياس.
كانت جهود دانييل غابرييل فهرنهايت أبرز الجهود المبكرة لتوحيد قياس درجة الحرارة. في أوائل القرن الثامن عشر، اخترع فهرنهايت مقاييس الحرارة الزجاجية المعتادة التي تستخدم الكحول والزئبق.
اخترع أيضًا مقياس فهرنهايت، الذي يحدد درجة حرارة الماء المتجمد بـ 32 درجة ودرجة غليانه بـ 212 درجة، وما يزال مستخدمًا حتى يومنا هذا في الولايات المتحدة. يستخدم بقية العالم مقياس الدرجة المئوية، الذي يحدد قيمة 0 لدرجة تجمد المياه و 100 درجة لغليانه عند مستوى سطح البحر .
تبدأ جميع القياسات المستخدمة في العلوم والهندسة بقيمة صفر. من السهل فهم مفهوم الطول أو الكتلة أو الوقت الصفري، لكن يصعب فهم درجة الحرارة الصفرية أو الصفر المطلق، حيث لا توجد طاقة حرارية على الإطلاق. وذلك لأن درجة الحرارة هذه لم تُلاحظ أبدًا في الطبيعة ولا حتى في المختبر، ويُعتقد عمومًا أنها لن توجد أبدًا. لكن العلماء اقتربوا جدًا.
إن وحدة درجة الحرارة الديناميكية الحرارية هي الكلفن (K) وتُعرف وفقًا للنقطة الثلاثية للمياه، والتي تساوي 0.01 درجة مئوية أو 32.01 درجة فهرنهايت. وتعرف النقطة الثلاثية بأنها «درجة الحرارة والضغط المعينين التي تكون فيها المراحل الصلبة والسائلة والغازية لمادة معينة في حالة توازن مع بعضها البعض».
واختيرت كمعيار لإمكانية استنساخها بسهولة في المختبر، في حين أن درجة حرارة نقطة التجمد المائية يمكن أن تتأثر بعدد من المتغيرات المربكة. يعرّف المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا الكلفن بأنه “1 / 273.16 من درجة الحَرارة الديناميكية الحرارية لنقطة الماء الثلاثية”. وببساطة أكثر، تُحدد قيمة النقطة الثلاثية للمياه بقيمة 273.16 كلفن.
تحتوي معظم مقاييس الحرارة على سائل أو معدن يتغير حجمه أو شكله حسب درجة حرارته. عندما يصل السائل أو المعدن إلى حالة توازن حراري مع قياس المادة، عندئذ يمكن استغلال خاصية حساسية المادة الموجودة في المقياس لدرجة الحَرارة للإشارة إلى درجة حرارته.
على سبيل المثال، تستخدم بعض أنواع أجهزة قياس الحرارة سائلًا، عادةً ما يكون كحولًا أو زئبقًا يتسع أو يتقلص مع زيادة أو انخفاض درجة الحرارة. يتضخم هذا التمدد الصغير من خلال عبور السائل الموجود بخزان في تجويف زجاجي عبر أنبوب زجاجي طويل وضيق للغاية.
وبهذه الطريقة يمكن أن يؤدي تغيير بسيط في حجم السائل الموجود في المصباح إلى حدوث تغيير كبير في مستوى السائل في الأنبوب، وتحدد درجة الحرارة بقراءة ارتفاع السائل ومقارنته بمقياس للمعايرة.
نوع آخر من مقاييس الحرارة يعتمد على التمدد الحراري للمعادن. وتكمن المشكلة في كيفية تضخيم تغيير صغير جدًا في الحجم حتى يمكن قراءته على نطاق واسع. يمكن استخدام ملف له العديد من الحلقات بحيث يحدث تغيير طفيف في الطول بالنسبة لعدد الحلقات. ي
ستغل نوع آخر حقيقة أن المعادن المختلفة تتمدد بمعدلات مختلفة عند تسخينها. يمكن تصفيح شرائط من معدنين بمعاملات تمدد مختلفة معًا حتى تتموج عند تسخينها. يمكن لهذا التموج تحريك إبرة نستطيع قراءتها مقابل مقياس.
تعتمد طريقة أخرى لقياس درجة الحرارة على تغيرات الألوان في المواد العضوية الحساسة للحرارة. تعتبر هذه الطريقة عادةً مفيدة لقياس نطاقات درجات الحرارة المحدودة فقط، مثل كشف الحمى أو مراقبة درجة حرارة الغرفة. يسمى جهاز آخر بالثرمستور، وهو يعتمد على التغيرات في المقاومة الكهربائية لأشباه الموصلات نسبة لدرجة الحرارة.
يمكن أن تكتشف هذه الأجهزة تغيرات درجة الحرارة الصغيرة جدًا وتستخدم في البوليمترات ولرصد التجارب المعملية. ومع ذلك، لم يكن من الممكن وجود أجهزة القياس هذه دون الاعتماد على المبدأ الموصوف في القانون الصفري.
اقرأ أيضًا:
عفريت ماكسويل ونقض القانون الثاني للديناميكا الحرارية
ترجمة: رتاج ابراهيم
تدقيق: حسام التهامي