يعاني على الأقل واحد من عشرة أشخاص من ألم مقلق مزمن، ولكن لا يعاني جميعهم من الفيبروميالغيا. يعاني المصابون بالفيبروميالغيا من ألم واسع الانتشار في أغلب أرجاء الجسم مثل آلام العضلات والعظام، والتصلب (تخشب الجسم)، وألم في الأنسجة الرخوة في مناطق كثيرة في الجسم. تؤثر هذه الأعراض على الأنظمة الحيوية الأخرى مثل المخ، ما يخل من قدرة الشخص على التركيز والتذكر. غالبًا ما يشير الأشخاص المصابون بالفيبروميالغيا إليه بالضباب أو التشوش الليفي (Fibro Fog)، فهو يؤثر على نمط النوم والعواطف، والعديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية.
ما هي أسباب الفيبروميالغيا؟ وكيف يُميَّز عن الأنواع الأخرى من الآلام المزمنة؟ وكيف يُشخَّص ويُعالج؟
أسباب الفيبروميالغيا
عندما لا يوجد سبب آخر للآلام واسعة الانتشار، تُشخَّص الأعراض عادةً على أنها فيبروميالغيا.
لا نعلم السبب الرئيس للفيبروميالغيا، ولكن قد يكون للعوامل البيئية والجينية والهرمونية والعصبية دور في الإصابة. تشير الأبحاث إلى أن الجينات قد تكون مسؤولة بنسبة 50% عن الإصابة بالفيبروميالغيا، كما توضح الأبحاث الأخيرة أن الجهاز المناعي له دور أيضًا في الإصابة به.
وجد استطلاع للرأي عبر الإنترنت شمل 596 شخصًا يعاني من فيبروميالغيا بعض الأسباب الشائعة التي أبلغ عنها المشاركون. وربط حوالي ثلثا الأشخاص أعراض ظهور المرض بحادث أو حدث معين، مثل إصابة جسدية، أو فترة من المرض تخللتها عملية جراحية، أو نتيجة للضغط في فترة معينة.
ومن الجدير بالذكر: أخبر العديد ممن شملهم الاستطلاع أنهم عانوا من السلبية والضيق عند محاولتهم شرح أعراضهم للمختصين أو لعائلاتهم أو لمجتمعاتهم.
مَن يُصاب بالفيبروميالغيا؟
يصيب الفيبروميالغيا حوالي 2% من سكان العالم، ويتراوح المصابون بالفيبروميالغيا -تبعًا لدراسة حديثة- من 0.2 إلى 6.6% من سكان العالم، وغالبًا ما يكون معدل الإصابة أكثر عند النساء بنسبة ثلاثة إلى واحد.
واعتبرت منظمة الصحة العالمية الفيبروميالغيا مرضًا عام 1994، واختلف الأطباء منذ ذلك الحين على كيفية تشخيص الفيبروميالغيا، وأي تخصص يجب أن يشخصه، وأُطلق على هذا النزاع بحرب الفيبروميالغيا (Fibro War)، وما زالت تُعتبر مسألةً مثيرةً للجدل إلى يومنا هذا.
في أحدث نسخة أُصدرت من التصنيف الدولي للأمراض لتشخيص شخص ما بالفيبروميالغيا، يجب أن يشعر بألم على الأقل في 4 أو 5 مناطق مختلفة في الجسم، مع وجود خلل عاطفي ملحوظ.
ابتكرت الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم اختبارًا مقبولًا على نطاق واسع يبحث عن 11 نقطة من 18 نقطة محتملة للألم من مناطق مختلفة من الجسم باستخدام ما يُسمى مؤشر الألم واسع الانتشار.
كيف يُعالج الفيبروميالغيا ؟
يُعالج كل شخص بطريقة مختلفة، فما قد يصلح لشخص ما قد لا يصلح لآخر، ولكن العلاج الرئيس هو التركيز على تخفيف الآلام. تعمل بعض الأدوية مثل بريجابالين ودولوكستين على تبديل النواقل العصبية في المخ (GABA & Serotonin)، وهي طريقة فعالة لكثير من الناس.
وهناك خيارات أخرى، مثل الأدوية الخاصة بالآلام (المسكنات)، ومرخيات العضلات (البنزوديازيبينات)، أو الأدوية الخاصة بعلاج آلام الأعصاب وآلام العمود الفقري.
يمكن أن يكون للعديد من هذه الأدوية آثار جانبية، بما في ذلك الإمساك، أو الحساسية مثل اضطرابات الجهاز الهضمي، أو الالتهابات، وبعضها يصيبك بالإدمان، لذلك فمن المهم جدًا أن تكون صريحًا مع طبيبك الخاص بشأن مسكنات الألم التي تأخذها؛ حتى يتمكن من علاج ألمك بأمان.
يشيع علاج آخر باستخدام جهاز (TENS) الذي يعمل على تحفيز العصب الكهربائي عبر الجلد، يتضمن ذلك وضع وسائد خاصة بالجهاز حول منطقة الألم، أو الأعصاب التي قد ترسل إشارات الألم، والتدخل بإشارات هذه الأعصاب باستخدام نبضات كهربائية صغيرة.
يُعتقد أن هذا العلاج الفعال يزيد من مستويات الإندورفين التي ينتجها الدماغ والنخاع الشوكي، ما يساهم في تخفيف الألم، لكن يضعُف تأثيره مع الاستخدام المستمر.
ومن المهم أن تعلم من طبيبك الخاص، إذا كان علاج (TENS) مناسبًا أم لا؛ لأنه قد يؤثر على أجهزة تنظيم ضربات القلب، أو الأشخاص الذين يعانون من الصرع.
يمكن أيضًا علاج الفيبروميالغيا بدنيًا عن طريق العلاج الحراري والتدليك، والعلاج بالاهتزاز وطرق أخرى مثل الوخز بالإبر، والعلاج عن طريق الطب النفسي.
بمرور الوقت قد نكون قادرين على البحث عن علامات مناعية تشخيصية للفيبروميالغيا في مادتنا الوراثية للمساعدة في معرفة الأشخاص الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بهذا المرض، واتخاذ الإجراءات الوقائية.
توجد العديد من أعراض الفيبروميالغيا في الأشخاص المصابين بحالة تُعرف بالتهاب الدماغ النخاعي العضلي (myalgic encephalomyelitis)، ومتلازمة الإرهاق المزمن.
تدور الأبحاث القائمة حاليًا على البحث في دماء الأشخاص المصابين بالفيبروميالغيا، والأشخاص أصحاب متلازمة الإرهاق المزمن؛ لمعرفة ما إذا كانت هناك علامات التهابية محددة قد تساعدنا على فهم كيفية تطور هذا المرض.
وإذا استطعنا فهم كيفية تفاعل الجهاز المناعي مع الألم والالتهابات، يمكننا البدء بعلاج أكثر فاعلية للأشخاص الذين يعانون من الفيبروميالغيا.
اقرأ أيضًا:
هل تثبط مضادات الالتهاب نمو العضلات حقًا؟
كيف تعمل العضلات؟ معلومات جديدة تثير حماس العلماء
العرج Claudication: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
داء ستيل في البالغين: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: محمود مرزوق
تدقيق: تسنيم الطيبي
مراجعة: رزان حميدة