هل ترغب بأن يكون طفلك مميزا؟ ابحث عن شريك حياتك في ما وراء البحار
السر لأطفال أكثر طولًا وذكاء هو آباء متنوعون جينيًا
وجد باحثون في المملكة المتحدة أن الأشخاص يميلون ليكونوا أكثر طولًا وذكاءً وأكثر تحصيلًا علميًّا في حال كان الأبوان أكثر بعدًا من ناحية القرابة، وأظهرت نتائج واحدة من أكبر الدراسات حتى الآن في مجال التنوع الجيني، والتي شملت 110 دراسة جينية ضمت 350000 شخص من أفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وأميركا الشمالية توقعًا بأن نتيجة ارتفاع معدل الزيجات بين أشخاص من خلفيات جينية متنوعة ستكون ازدياد في معدل الطول والقدرات الذهنية حول العالم.
سواء كنا نتكلم عن الذباب، الحيتان، الكلاب أو البشر، فإنّ استمرارية أي نوع على الأرض تعتمد على وجود تجمّع صحّي من التنوع الجيني لهذا النوع، وقد علمنا منذ قرون أنه كلما ازدادت درجة القرابة بين والدي الطفل، كلما ازدادت إمكانية تطوير الطفل لعيوب جينية مثل الصمم، والخرس، وأمراض الدم، والتشوهات الخلقية، ولكن لم يكن من الواضح آنذاك وجود إمكانية لعكس السيناريو؛ أي كلما ازداد البعد من ناحية القرابة بين الأبوين كلما ازداد احتمال امتلاك أطفالهم لصفات وراثية مميزة.
لذلك قام الباحثون من مؤسسات عديدة في أنحاء المملكة المتحدة بفحص المعلومات الجينية ل 354224 شخص من 102 مجموعة على امتداد أربع قارات، وحددوا جميع حالات الزيجوت متماثل اللواقح «homozygosity*»، حيث يرث الطفل نسخة متطابقة تمامًا من جينات كلا الأبوين، مما يسمح للصفات الوراثية السلبية والمتنحية أن تعبّر عن نفسها بسهولةٍ أكبر، مما يعتبر نتيجةً شائعة لزواج الأقارب، كما يمكن استخدام الزيجوت متماثل اللواقح لمعرفة مدى القرابة بين والدي الطفل.
*الزيجوت متماثل اللواقح homozygosity هي عبارة عن حالة امتلاك الشخص لشكلين «أليلين» متماثلين من جين معين، كل شكل منهما موروث من أحد الوالدين.
*حالما اكتشف الفريق هذه المعلومات، قارنوا نتائجهم من حيث 16 صفة من الصفات المهمة من الناحية الصحية، متضمنةً الطول، والسعة الرئوية، وضغط الدم، ومستويات الكوليسترول في الدم، ووجدوا أن أربعة من هذه الصفات يمكن ربطها بالتنوع الجيني وهي الطول، والسعة الرئوية، والقدرة الإدراكية، ومستوى التحصيل العلمي؛ فعلى سبيل المثال يبدو أن الأطفال لوالدين أبناء عم درجة واولى يكونون أقصر بمعدل 1.2 سم ولديهم فارق مستوى تعليمي يقدّر بـ10 أشهر أقل من أقرانهم الذين ولدوا لأبوين من خلفيات جينية أكثر تنوعًا.
وقد صرّح أحد أعضاء الفريق، ناثان ريتشاردسون Nathan Richardson من مجلس البحوث الطبية البريطاني لفيليب أولدفيلد من صحيفة الجارديان: «معظم الناس سوف يعتقدون أن تجمُّع الجينات المتنوع هو أمر جيد، ولكن اكتشاف ارتباط الطول بهذا التنوع لم يكن متوقعًا».
لا يزال على الباحثين إثبات آلية حدوث ذلك من الناحية البيولوجية، بالإضافة لاكتشاف كمية الصفات التي تتأثر بعوامل أخرى غير العوامل الوراثية، فعلى سبيل المثال, القدرة الإدراكية تتأثر بالعوامل البيئية أيضًا وبالتالي ستفسر النتائج لماذا يزداد البشر ذكاءً وطولًا بمرور كلّ جيلٍ جديد.
يوضح أولدفيلد: «هذه النتائج يمكن أن تستطيع بطريقةٍ ما أن توضح تأثير فلين Flynn Effect –الارتفاع في مستوى الذكاء من جيل إلى آخر الموثق في القرن العشرين، بينما تبدو العوامل الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام كالتعليم والتغذية الأفضل هي الأسباب الأولية، لكن ازدياد التنوع الجيني أيضًا يلعب دورًا صغيرًا، الزيادة في الذكاء -التي تكلم عنها تأثير فلين- هي أكبر بكثير من أن تستطيع نتائجنا بمفردها تفسيرها، ولكن من الممكن أن تستطيع نتائجنا أن تساهم في توضيحها».
ومن المثير للاهتمام أن الفريق كان يبحث بشكل خاص عن الصفات التي من الممكن أن تؤثر على الصحة العامة بشكلٍ خطير، ولكن لم يجد أيّ رابط بين انخفاض التنوع الجيني وارتفاع الكوليسترول أو ضغط الدم المرتفع.
وصرح أحد أعضاء الفريق جيم ويلسون Jim Wilson من جامعة Edinburgh لمايكل لو بيج في مجلة New Scientist: «لا يؤثر زواج الأقارب على العوامل الاستقلابية القلبية التي تسبب الأمراض التي يموت الكثير منا بسببها»، ثم أضاف: «وهذا ما أعتقد أنه يشكل نبأً جيّدًا للمجتمعات الصغيرة النائية حول العالم التي لا يصل إليها الأثرياء من رواد الحفلات الخصبين وبالتالي على سكانها أن يتدبروا أمرهم بتجمّعٍ جيني غير نموذجي».
نشرت النتائج في مجلة Nature، وصرح الباحثون أن الخطوة القادمة ستكون تحديد الأجزاء من الصبغي التي تستفيد بشكل أعظمي من ازدياد التنوع الجيني.