ربما نكون جميعًا قد تحسّسنا مسبقًا تلك المادة الحبيبية المفككة التي تدعى الرمال، وتفترش الشواطئ ومجاري الأنهار والصحاري في شتّى أرجاء الكوكب، ولكن مما تكون، وكيف تنشأ؟
تختلف المكوّنات المتنوّعة التي تشكّل الرمل تبعاً لمواقع تواجده، وقد نجده بألوان مختلفة مثل الأبيض أو الأسود أو الأخضر أو حتى الوردي، وتعدّ السيليكا في صيغة الكوارتز العنصر الأكثر شيوعاً ضمن مكوّنات الرمل المتعددة.
وفي مجملها تتكون يابسة الكرة الأرضية من الصخور والمعادن، بما في ذلك الكوارتز والفلدسبار والميكا، وبفعل عوامل التجوية التي تسببها الرياح والأمطار ودورات تجمد وذوبان؛ تتفتت هذه الصخور والمعادن إلى جسيمات أصغر.
لكن الكوارتز وخلافاً لبعض المعادن الأخرى، يعتبر قاسيًا وغير قابلًا للذوبان في الماء ولا يتحلل بسهولة بفعل عوامل التجوية، إلّا أنّه ينتقل مع السيول والأنهار والرياح إلى شاطئ البحر، حيث يتكدّس على شكل رمال شاطئيّة ذات ألوان فاتحة، وعلى الرغم من أنّ الرمال القاريّة تتكوّن في معظمها من الكوارتز؛ إلّا أنها تحوي أيضاً فتات الفلدسبار بالإضافة إلى شذرات صخرية أخرى.
إلّا أنّ الجزر الاستوائية مثل جزر هاواي لا تمتلك مصدرًا وافرًا من الكوارتز، ولذا تختلف هيئة الرمال في تلك الأماكن، وغالبًا ما تبدو بيضاء، بسبب كربونات الكالسيوم التي تأتي من أصداف وهياكل الكائنات البحرية التي تعيش في الشعاب المرجانية، بما في ذلك المرجان والرخويات بالإضافة إلى كائنات حية دقيقة تسمى المنخربات البحرية.
وينتُج الرمل عن تحلل هذه الشعاب المرجانية، إمّا بواسطة قوى ميكانيكية كالأمواج والتيارات المائية، أو من خلال عمليات الحت الحيوي الناجمة عن مراعي الأسماك وقنافذ البحر والحياة البحرية الأخرى، وتتكون رمال برمودا الوردية الشهيرة من كربونات الكالسيوم المتآكلة نتيجة الحت، إذ يصطبغ الرمل بلونه الوردي نتيجة المنخربات الحمراء المتوفرة بكثرة.
بالإضافة إلى لونيها الأبيض والوردي؛ قد تكتسي رمال الشواطئ الاستوائية لونًا أسود، وذلك عندما يختلط بها الزجاج البركاني الأسود ليصبح مكوّنها الأساسي، وفي أحيان أخرى تتسبب قوى الحت في فصل معدن الأوليفين عن الشظايا البركانية الأخرى، مؤديةً إلى تشكّل شواطئ رملية خضراء اللون، هذا ما يحدث في شاطئ باباكوليا في هاواي.
الغريب أننا حتّى الآن لا نعرف سوى القليل عن أصل الرمال الكثيفة التي تغطّي أكبر صحاري العالم، لكن البحوث تشير إلى أن الصحراء الكبرى كانت ذات يوم أرضًا خصبة ذات غطاء نباتي، قبل أن يُحيلها التغير المناخي إلى صحراء، على الجانب الآخر؛ ربما تكون الرمال في صحراء ناميبيا جنوبي أفريقيا قد تشكلت بواسطة هبوب الرياح القادمة من نهر الأورانج في جنوب أفريقيا.