يشير التلاعب في السوق إلى تضخيم سعر الضمان أو تقليصه بطريقة مصطنعة، أو التأثير في سلوك السوق لتحقيق مكاسب شخصية. يُعد التلاعب غير قانوني في أغلب الحالات، لكن يصعب على الجهات التنظيمية والسلطات اكتشافه، كما في الحسابات الشاملة، أي الحسابات الجامعة لأنواع من الأوراق المالية.
يُعد التلاعب عسيرًا على المتلاعب أيضًا، إذ يزداد حجم المشاركين في السوق وأعدادهم. ومن الأسهل بكثير التلاعب في أسعار أسهم الشركات الصغيرة، مثل الأسهم الرخيصة، التي لا يراقبها المحللون والمشاركون الآخرون في السوق من كثب مثل الشركات المتوسطة والكبيرة. توجد أنواع عديدة من التلاعب، هي التلاعب في الأسعار، والتلاعب في الأسهم، والتلاعب في السوق.
فهم التلاعب
يتخذ التلاعب والاستغلال أشكالًا عديدة في الأسواق، فمن طرق خفض سعر الأسهم استثمار مئات الطلبات الصغيرة بسعر أقل كثيرًا من سعر تداول السهم، فيتصور المستثمرون أن الشركة تعاني خطأً ما، ومن ثم يبيعون الأسهم التي بحوزتهم، ما يدفع الأسعار إلى المزيد من الانخفاض.
مثال آخر للتلاعب هو وضع أوامر شراء وبيع متزامنة بواسطة سماسرة مختلفين يحذف كل منهم الآخر، يترك هذا التلاعب انطباعًا -بسبب الحجم الكبير- بوجود اهتمام متزايد بتلك الفئة من الأسهم، وأن الاستثمار فيها يعد آمنًا ومربحًا.
أنواع التلاعب في الأسهم
تقترن أساليب التلاعب في البورصة غالبًا بنشر معلومات كاذبة بواسطة القنوات الإلكترونية والرسائل التي قد يتردد عليها المستثمرون الآخرون، يتحد الوابل الخارجي من المعلومات الرديئة مع إشارات السوق التي تبدو مشروعة ظاهريًا، لتشجيع التجار على الاستثمار في هذه التجارة أو الخروج منها.
تُعد «المضخة والتفريغ» أكثر الطرق استخدامًا في التلاعب، إذ تعتمد طريقة المضخة على تضخيم مخزون صغير من الأسهم بطريقة مصطنعة ثم بيعها، تاركةً العبء للمتابعين الآخرين والمشترين اللاحقين، أما طريقة «الأنبوب والمغرفة» فهي عكس طريقة المضخة والتفريغ، ولا تُستخدم إلا قليلًا، إذ يصعب إظهار الشركة الجيدة بمظهر سيء، لكن يمكن إظهار الشركة المجهولة بصورة رائعة.
التلاعب في العملة
يُعد التلاعب في العملة فئةً مختلفة قليلًا عن التلاعب في السوق والأسهم، إذ تستطيع البنوك المركزية والحكومات وحدها المشاركة في التلاعب في العملة، فهي السلطات القانونية بحد ذاتها، إذ يضفي امتلاك العملة الشرعية على العديد من الإجراءات التي تتخذها الحكومات لتقليل قيمة عملتها أو تضخيمها مقارنةً بسواها. ورغم أن التلاعب في العملة لا يعد مخالفًا للقانون حرفيًا، فإن الدولة التي تتلاعب بعملتها قد تواجه تحديات وأزمات من قبل دول أخرى، أو تتعرض لعقوبات قد يفرضها شركاؤها التجاريون، لذلك تعمل الهيئات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية على التصدي لعمليات التلاعب في العملة.
لطالما كان خفض قيمة العملة وسيلةً للتلاعب فيها بواسطة التعديل المتعمد لقيمة أموال أي دولة نسبةً إلى عملة أخرى أو مجموعة من العملات أو معيار العملة. فالحكومة التي تُصدِر العملة تقرر خفض قيمة العملة، وعلى عكس انخفاض قيمة الأصول، فإنها ليست نتيجةً لأنشطة غير حكومية.
من أهم الأسباب التي تدفع أي دولة إلى خفض قيمة عملتها مكافحة اختلال التوازن التجاري، إذ يقلل خفض قيمة العملة من تكاليف الصادرات، ما يجعلها أكثر قدرةً على المنافسة في السوق العالمية، وتزداد تكاليف الواردات، ما يجعل المستهلكين المحليين أقل ميلًا إلى شرائها، فتزداد قوة الشركات المحلية. ونتيجةً لتزايد الصادرات وانخفاض الواردات، يتحقق توازن أفضل للمدفوعات بتقليص العجز التجاري. ما يعني أن أي دولة تخفض قيمة عملتها تستطيع خفض عجزها، بسبب الطلب القوي على الصادرات الأرخص.
مثال على التلاعب في العملة
حدد البنك الشعبي الصيني في 5 أغسطس 2019 السعر اليومي لليوان بأقل من 7 يوان لكل 1 دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عقد. كان ذلك استجابةً للتعريفات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب، التي بلغت 10% على 300 مليار دولار من الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد بدأ تنفيذه في 1 سبتمبر 2019.
أدى ذلك إلى حراك كبير في الأسواق العالمية، وتغيرات كبيرة في الأسهم وقيم العملات، متضمنةً الولايات المتحدة، إذ خسر مؤشر داو جونز الصناعي 2.9% في أسوأ يوم له عام 2019. مؤشر داو جونز أو داو 30 هو مؤشر صناعي لأكبر ثلاثين شركة صناعية أمريكية في بورصة نيويورك، أنشئ في 26 مايو 1896، وهو أقدم مؤشر في العالم. ونتيجةً لذلك، وصفت إدارة ترامب الصين بأنها متلاعبة بالعملة.
اقرأ أيضًا:
ما هي القيمة الاقتصادية المضافة؟
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين