يحدث التكاثر اللاجنسي asexual reproduction حين يصنع الكائن الحي المزيد من أجناسه دون حدوث تبادل للمعلومات الجينية مع كائن آخر خلال الجنس. في التكاثر الجنسي للكائنات، تندمج جينات الأبوين لتخلق نسلًا ذا جين فريد. يُعتبر هذا مفيدًا للعدد السكاني وذلك لأن التنوع الوراثي أو الجيني يجعل النوع أكثر صمودًا أمام تحديات البقاء كالأمراض والتغيرات البيئية.
تعاني الكائنات التي تتكاثر عبر التكاثر اللاجنسي عوزًا خطيرًا في التنوع، لكنها قادرة أيضًا على التكاثر أسرع من الكائنات التي تتكاثر جنسيًا، وباستطاعة الفرد الواحد منها إنتاج سكان بأكملهم دون الحاجة لشريك.
بإمكان بعض الكائنات الحية التي تمارس التكاثر اللاجنسي تبادل المعلومات الوراثية لخلق التنوع وذلك عن طريق عملية نقل الجين الأفقي مثل البكتيريا التي تستخدم البلازميدات-plasmids لتمرير قطع صغيرة من الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA. بالرغم من ذلك تنتج هذه الطريقة أنواعًا جينية أقل تفردًا مقارنةً بالتكاثر الجنسي.
بعض أنواع النباتات والحيوانات والفطريات قادرة على القيام بكلتا الطريقتين للتكاثر الجنسي واللاجنسي طبقًا لمتطلبات البيئة المحيطة. تمارس أغلب الكائنات الحية ذات الخلية الواحدة التكاثر اللاجنسي مثل البكتيريا والعتائق-archaebacteria والطلائعيات. كما تمارسه بعض النباتات والحيوانات والفطريات.
ميزات التكاثر اللاجنسي
- نمو سكاني سريع. ويُعتبر هذا نافعًا بشكل خاص للأنواع التي تتبنى استراتيجية الإنتاج السريع للبقاء. فكثير من أنواع البكتيريا، على سبيل المثال، قادرة على إعادة بناء مجموعتها السكانية بشكل كامل عبر فرد شذت جيناته وتحورت خلال أيام في حال قُضي على الباقي بواسطة فيروس.
- لا تحتاج إلى شريك لإنتاج مجموعة سكانية جديدة. وهذا مفيد للأنواع التي قد يوجد أفرادها معزولين، مثل الفطريات التي تنمو من الأبواغ التي تطلقها الرياح، والنباتات التي تعتمد على حبوب الطلع لإتمام عملية التكاثر الجنسي، والحيوانات التي تستوطن بيئات ذات كثافة سكانية قليلة.
- استثمار أقل للموارد. يستهلك التكاثر اللاجنسي، والذي يمكن إتمامه فقط عبر انشقاق جزء من الكائن الوالد ومن ثم العناية بنفسه بعد ذلك، موارد أقل مقارنة بتربية طفل جديد واحتضانه.
باستطاعة كثير من النباتات والمخلوقات البحرية، مثلًا، ببساطة قطع جزء منها من الكائن السلف ثم يمضي ذلك الجزء ليعيش بمفرده ومعتمدًا على نفسه.
يمكن فقط للنسل المتطابق وراثيًا مع السلف أن ينتج بهذه الطريقة: تأخذ عناية واحتضان وإنشاء كائن جديد يختلف نسيجه عن نسيج الوالدين وقتًا أطول وطاقةً أكبر وموارد أكثر.
القدرة على الانشقاق ببساطة إلى اثنين هي إحدى الأسباب التي تجعل التكاثر اللاجنسي أسرع من التكاثر الجنسي.
عيوب التّكاثر اللاجنسي
أكبر عيوب التكاثر اللاجنسي هي الافتقار إلى التنوع. ولأن أفراد سكان التكاثر اللاجنسي متطابقة وراثيًا باستثناء الطفرات النادرة، فإنهم معرضون لنفس الأمراض، ولنفس نقص التغذية، ولنفس أنواع المشقات البيئية الأخرى.
أحد الأمثلة للجانب السيء للتكاثر اللاجنسي هي مجاعة البطاطا الإيرلندية: كانت البطاطا الإيرلندية، والتي تتكاثر عن طريق التكاثر اللاجنسي، جميعها عرضةً لطاعون قاتل للبطاطا اجتاح الجزيرة. ونتيجةً لذلك، تلف كل المحصول تقريبًا، وجاع كثير من الناس.
أحد الأمثلة الأخرى هو موز غروس-ميشال الذي بلغ حد الانقراض، إنه أحد الصنفين الكبيرين المزروعين للموز، والذي ما لبث أن استحالت زراعته تجاريًا في القرن العشرين بعد ظهور مرض كان الموز عرضةً له بالوراثة.
في المقابل، تستغل كثير من أنواع البكتيريا في الواقع معدل تحورها الوراثي العالي لخلق بعض التنوع الوراثي في نفس الوقت التي تتكاثر لاجنسيًا لتنمو مستوطناتها بسرعة فائقة. للبكتيريا معدل أعلى في الأخطاء حين تنسخ المقاطع الجينية، ما يؤدي أحيانًا لظهور خصائص جديدة حتى في غياب التكاثر الجنسي.
أنواع التكاثر اللاجنسي
توجد عدة سبل مختلفة للتكاثر اللاجنسي. وهي كالآتي:
- الانشطار الثنائي-binary fission. تنسخ الخلية في هذه الطريقة ببساطة الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين الخاص بها وتنقسم إلى اثنتين، وتعطي نسخة من حمضها النووي إلى الخلية البنت، وتستعمل هذه الطريقة في البكتيريا والعتائق.
- التبرعم-budding. تفرع بعض الكائنات الحية جزءًا صغيرًا منها لينمو ذلك الفرع إلى كائن جديد. وهي طريقة تمارسها كثير من النباتات والأحياء البحرية، وبعض حقيقيات النواة وحيدة الخلية مثل الخميرة.
- الإكثار الخضري-Vegetative propagation. مثل التبرعم، تقتضي هذه العملية نمو غصن أو فرع جديد للنبتة قادر على أن يصبح كائنًا كاملًا. الفراولة هي مثال للنباتات التي تتكاثر مستخدمةً «السيقان الجارية-runners» والتي تنمو خارج النبتة الأم ثم تصبح نباتات منفصلة ومستقلة.
- تولّد الأبواغ-sporogenesis. تولّد الأبواغ هو إنتاج خلايا تكاثرية تسمى الأبواغ-spores والتي يمكنها أن تنمو لكائن جديد. تستخدم الأبواغ نفس استراتيجيات البذور. لكن على عكس البذور، يمكن صنع الأبواغ دون الحاجة للتلقيح من شريك جنسي. كما أن الأبواغ أكثر ميلًا للاستقلالية حين تنتشر، عبر الرياح مثلًا، من الاعتماد على كائنات حية أخرى مثل الحيوانات لتحملها ثم تنشرها بعد ذلك.
- التجزئة أو التفتت-fragmentation. في التجزئة ينقسم الكائن السلف إلى عدة أجزاء، كل منها ينمو ليصبح الخلف كائنًا كاملًا ومستقلًا. تجمع هذه الطريقة التبرعم والإكثار الخضري لكن مع بعض الاختلافات.
لا يعد التكاثر بالتجزئة عملًا طوعيًا من قبل الكائن السلف. دودة الأرض وكثير من النباتات والأحياء البحرية قادرة على استيلاد كائنات بحالها من الأجزاء بعد التعرض لإصابات تفصلها إلى عدة أجزاء.
وحين تصبح عملية التجزئة طواعيةً، ينقسم نفس الكائن السلف إلى أجزاء متساوية تقريبًا لتشكل عدد من الأبناء. وهذا يختلف عن التبرعم والإكثار الخضري، إذ ينمي الكائن أجزاءً أصغر حجمًا مقارنةً بالكائن السلف والتي تصبح لاحقًا أبناءً له.
7- تكاثر لا جنساني- Agamenogenesis. التكاثر اللا جنساني هو طريقة تكاثر للكائنات الجنسية دون الحاجة للتلقيح. وتوجد عدة طرق يمكن أن تندرج ضمنها.
- التوالد البكري أو الإيناث-parthenogenesis، وهي بيضة غير ملقحة تنمو لتصبح كائنًا جديدًا، والتي تحتوي بالضرورة على جينات أمها فقط. يحدث هذا في أنواع قليلة من الحيوانات ذات الجنس الأنثوي فقط، وفِي بعض أنواع الحيوانات التي لا يكون الذكر حاضرًا للتلقيح.
- التكاثر اللا إخصابي-apomoxis، ويحدث حين تتكاثر النباتات لاجنسيًا وهي تتكاثر أصلًا بطريقة جنسية، منتجةً نسلًا متطابقًا جينيًا مع النبات السلف، وسببه الافتقار إلى وجود نبات ذكر ليلقح الأمشاج الأنثوية.
- توليد الجنين النيوخلوية-nucellar embryony. يشكَل الجنين من نسيج الوالدين الخاص دون عملية الانقسام الاختزالي أو استعمال الخلايا التكاثرية. وهذا يُعرف حدوثه أساسًا في الحمضيات، ويمكن إنتاج بذور دون الحاجة للتلقيح بواسطة ذكر.
مثال على التكاثر اللاجنسي
البكتيريا
تتكاثر جميع أنواع البكتيريا عبر التكاثر اللاجنسي، إذ تنقسم إلى خليتين بنتين واللتين تتطابقان وراثيًا مع أبويهما.
يمكن لبعض البكتيريا القيام بما يُعرف بالنقل الجيني الأفقي، والذي تنتقل فيه المواد الجينية من فرد إلى آخر (أفقيًا)، لا عن طريق الوالد للنسل (عموديًا). وبسبب امتلاك البكتريا خليةً واحدةً، فإنه بمقدورها تغيير موادها الجينية ككائنات بالغة.
يُشار أحيانًا لعملية تبادل الجينات بين الخلايا البكتيرية على أنه (جنس)، بالرغم من أنه يمارَس كي يغير النمط الجيني-genotype لبكتيريا بالغة، ولا يُقصد به التكاثر.
يمكن للبكتيريا تحمل كلفة استعمال استراتيجية البقاء هذه لأن قدرتها على التكاثر بسرعة فائقة يجعل الطفرات الجينية الضارة -مثل نسخ الأخطاء الجينية أو تمرير عملية النقل الجيني الأفقي بشكل خاطئ- دون أهمية بالنسبة للتركيبة السكانية ككل. فطالما أن عددًا قليلًا ينجو من الطفرات والكوارث، فهذا العدد قادر على إعادة بناء التركيبية السكانية البكتيرية بسرعة.
استراتيجية «تكاثر بسرعة، وتحور مرارًا وتكرارًا» هي السبب الأكبر لقدرة البكتيريا على تطوير مقاومة للمضادات الحيوية. وقد شوهدت في المعمل وهي «تخترع» مواد كيميائيةً حيويةً جديدةً، مثل بعض أنواع البكتيريا التي تكتسب تلقائيًا القدرة على التنفس اللاهوائي. لن تنجح الاستراتيجية هذه جيدًا في الكائنات التي تنصرف أكثر للحفاظ على بقاء الأفراد فيها، مثل الكائنات الحية متعددة الخلايا.
اقرأ أيضًا:
ما هو التكاثر الجنسي ؟ وكيف يحصل ؟
لماذا تعتمد الطبيعة على الجنس للتكاثر؟
سمكة المنشار العملاقة تولد من عذراء
النباتات – خصائصها وما يميزها عن باقي الكائنات الحية
كيف من الممكن أن يكون لدى بعض أنواع الفطريّات أكثر من 28,000 جنس؟
ترجمة: لُبيد الأغبري
تدقيق: محمد وائل القسنطيني