النيكوتين: مادة كيميائية أساسية في منتجات التبغ تسبب الإدمان، والاعتماد على النيكوتين يجعل الإقلاع عن التدخين أمرًا صعبًا.
يعَد التدخين من أكثر الظواهر انتشارًا في العالم، فوفقًا لتقارير مراكز السيطرة على الأمراض ومكافحتها عام 2016 حسَب 15.5% من الأشخاص البالغين 18 سنة فما فوق أنفسَهم مدخنين. يعَد التدخين السبب الرئيسي لحالات الوفاة التي يمكن تجنبها في الولايات المتحدة، ولذلك زادت العديد من الدول الضرائب على منتجات التدخين، وشرعت بعض الدول قوانين تمنع التدخين في المحلات والأماكن العامة.
أعراض إدمان النيكوتين
تختلف سرعة ظهور أعراض الإدمان بين شخصٍ وآخر، ومن هذه الأعراض:
- محاولة جدّية غير ناجحة للإقلاع مرة واحدة على الأقل.
- أعراض الانسحاب عند الانقطاع عن النيكوتين، تتضمن هذه الأعراض: الرغبة الشديدة في التدخين وتقلّب المزاج والانفعال وقلة التركيز والمزاج الكئيب وزيادة الشهية والأرق، وقد يحدث الإسهال أو الإمساك.
- الاستمرار بالتدخين رغم وجود أمراض متعلقة به، كأمراض القلب والرئتين.
- تجنب بعض النشاطات بسبب التدخين، كالذهاب إلى المطاعم التي تمنعه.
الإقلاع
قد يبدو التأقلم مع الحياة دون سجائر أمرًا مخيفًا للمدخنين، لذا -في أول خطوة- يجب التفكير مليًا بالمشاعر المتعلقة بالتدخين، ثم وضع قائمة بالأسباب الدافعة إلى الإقلاع، وأخيرًا وضع تاريخ محدد للإقلاع.
يلجأ بعض المدخنين إلى السجائر الإلكترونية كمحاولة للإقلاع، ورغم ثبوت أن الآثار السلبية لهذه الطرق قد تكون أخف من آثار التدخين، لا تفيد كثيرًا في محاربة إدمان النيكوتين إلا إذا كانت خطوة مؤقتة في خطة الإقلاع الأساسية.
من النصائح المفيدة للإقلاع إلى الأبد:
- حدد المواقف والمحفزات التي تدفعك إلى التدخين، لكي تكون مستعدًا إذا تعرضت لها.
- اطلب دعم المحيط والأصدقاء؛ فهو أمر مشجع ومهم، وأخبرهم عن نيتك في الإقلاع، وعبر عن قيمة دعمهم وحاجتك إليه.
- ركّز على الأفكار الإيجابية المشجعة، وفكّر بهذه الخطوة كتحرر لا كتضحية.
- قلل من تعرضك للتدخين ما أمكن، فمثلًا إذا كان هناك أفراد مدخنون في عائلتك حاول أن تتفق معهم على ترتيبات معينة لدعمك على الإقلاع.
- اقرأ قائمة أسبابك التي وضعتها للإقلاع باستمرار، وذكّر نفسك بأهمية قرارك.
- تجنب استهلاك الكحول حتى تقلع تمامًا.
- كافئ نفسك حين تجتاز مراحل محددة، إذ بإمكانك توفير النقود التي كنت تخصصها سابقًا للتبغ للقيام بأشياء أخرى ترغب فيها.
- خفف توترك بطرق أخرى، مثل التمارين الرياضية واليوغا والتأمل، َعلاوةً على ذلك، فقد يشجعك نظامك الجديد على عدم العودة إلى التدخين، خاصةً عندما تلاحظ تحسن لياقتك.
- عند اشتهاء التدخين تخيل رئتيك تمتلئان بهواء نظيف، وذكّر نفسك بالأسباب التي تحاول الإقلاع من أجلها وبالفوائد التي ستحصل عليها.
- تذكر أن الرغبة الشديدة في التدخين أمر مؤقت، فعندما تحدث حاول أخذ استراحة مما تفعله مدة عشر دقائق، فقد تمنحك الاستراحة وقتًا لتجاوز هذه الرغبة.
العلاج
يعالَج إدمان النيكوتين بتخفيف تأثير أعراض الانسحاب ومعالجة الدوافع النفسية، إذ إن مزيجًا من العلاج النفسي والعلاج الدوائي يحقق الفائدة القصوى للعلاج.
أسباب الإقلاع:
يقلل الإقلاع عن التدخين قبل عمر الخمسين من خطورة الوفاة في الخمس عشرة سنة التالية إلى النصف مقارنةً بالأشخاص الذين يستمرون بالتدخين.
من فوائد الإقلاع عن التدخين:
- معدل أبطأ لضربات القلب.
- مستويات أقل لأحادي أكسيد الكربون في الدم.
- تحسن وظيفة الرئة في غضون ثلاثة شهور.
- تحسن دوران الدم وانخفاض خطورة الأزمات القلبية.
- انخفاض خطر السكتات الدماغية خلال 5-15 سنة.
العلاجات والأدوية
هناك العديد من الخيارات التي تساعد على الإقلاع عن التدخين، ويجب استشارة الطبيب لتحديد الخيارات المناسبة.
العلاج ببدائل النيكوتين
هو طريقة للاستمرار بتلقي النيكوتين دون تدخين، عبر تحرير كميات من النيكوتين في مجرى الدم بجرعات أقل من تلك الموجودة في السجائر. وقد يخفف هذا التزويد المستمر بالنيكوتين من الرغبة في التدخين في أثناء فترة الإقلاع، ويوجد أشكال مختلفة لهذه البدائل اعتمادًا على شدة الإدمان والاختيار الشخصي، ومنها:
- لصاقات النيكوتين: وهي لصاقات توضع على الجلد وتبقى يومًا واحدًا، تزود مجرى الدم بالنيكوتين عبر الجلد، ويدوم نظام العلاج بلصاقات النيكوتين عادة مدة 8-12 أسبوعًا، وقد يدوم وقتًا أطول.
- علكة النيكوتين (اللُبان): علكة للمضغ تحوي النيكوتين الذي يصل إلى مجرى الدم عبر البطانة المخاطية للفم، وهي متوفرة بجرعات مختلفة. يجب مضغ العلكة حتى ظهور طعم لاذع ثم توضع بين باطن الخد واللثة، ويجب تجنب تناول المشروبات الفوارة والقهوة في أثناء تحريرها للنيكوتين.
- أقراص المص الحاوية على النيكوتين: هي أقراص تذوب في الفم وتحوي جرعات قليلة (2-4 مغ) من النيكوتين، وتوضع بين باطن الخد واللثة وتترك حتى تذوب.
- أجهزة استنشاق النيكوتين: وهي لفائف تحوي النيكوتين موضوعة في جهاز يشبه حامل السجائر، يسحب منها النيكوتين استنشاقًا، ويمتصه الجسم عبر البطانة المخاطية للفم والبلعوم.
- بخاخ النيكوتين الأنفي: يُبخّ محلول يحوي النيكوتين مباشرةً في الفتحات الأنفية، ويصل النيكوتين إلى مجرى الدم عبر الغشاء الأنفي، ويفضّل البعض هذه الطريقة لأن النيكوتين فيها يصل إلى الدماغ أسرع من باقي الطرق.
يُفضّل الإقلاع خلال ستة أشهر من بدء استخدام بدائل النيكوتين.
الأدوية
من أدوية علاج إدمان النيكوتين:
- فارينيكلين: يتفاعل مع مستقبلات النيكوتين في الدماغ، مزيلًا المتعة من التدخين، يجب الإقلاع عادة بعد 7-12 يوم من البدء بتناوله، ويدوم العلاج نحو 12 أسبوعًا.
- كلونيدين: هو دواء للضغط يستخدم في علاج إدمان النيكوتين، ويعَد خيارًا أخيرًا بسبب تأثيراته الجانبية المسببة للنعاس.
- بوبروبيون: دواء مضاد للاكتئاب له خواص مشابهة للنيكوتين في تحرير الدوبامين والنورأدرينالين، ويوصف عادةً مع لصاقات النيكوتين، يجب البدء بالإقلاع بعد 14 يوم من بدء العلاج.
الأسباب
تعَد خواص النيكوتين سبب إدمانه، إذ إنه يحرر نواقل عصبية تنظّم السلوك والمزاج.
يحفّز النيكوتين تحرُّرَ الدوبامين -وهو ناقل عصبي يسبب الشعور بالمتعة- فيرغب المدخنون في دفقة الدوبامين هذه.
يقول الخبراء إن النيكوتين يؤثر في الدماغ بعد استنشاقه بثوانٍ، فحين يرتفع معدل ضربات القلب، تزيد مستويات هرموني النورأدرينالين والدوبامين ما يحسّن المزاج والتركيز. تنخفض مستويات هذه الهرمونات بعد عدة ساعات دون تدخين، مسببةً قلقًا وانزعاجًا، فيشعر المدخن بحاجة إلى جرعة أخرى من النيكوتين.
قد تحفّز بعض الأوقات رغبةً في التدخين، مع القهوة الصباحية مثلًا أو بعد الوجبات، وبعض الأماكن كالحانات أو المراحيض، ويحفّز استهلاك الكحول هذه الرغبة أيضًا. فإن أردت التوقف عن التدخين، يجب تحديد السلوكيات والمحفزات والإشارات والمواقف المرتبطة به.
عوامل الخطورة
يُعرَّض جميع المدخنين لإدمان النيكوتين، وكلما كان عمر الشخص أصغر عند بدئه بالتدخين، زاد احتمال إدمانه.
ذكرت مجلة الطب البريطانية New England Journal of Medicine في دراسة لها أن 80% من الأشخاص الذين يعانون إدمان النيكوتين بدأوا بالتدخين قبل عمر 18 عامًا.
قد يساهم التاريخ العائلي في الاعتماد على النيكوتين في إدمانك.
التشخيص
ما من فحص محدد لتشخيص إدمان النيكوتين وتحديد شدته، ولكن يشخّص الطبيب الإدمان بسؤال المدخن عن بعض الأمور. ويُشخّص الإدمان غالبًا بعد طلب المساعدة الطبية للتعامل مع الإدمان، أو لعلاج المشاكل الطبية التي تتطلب إيقاف التدخين مثل داء الانسداد الرئوي المزمن.
خيارات بديلة
من العلاجات غير الدوائية البديلة:
- الاستشارات ومجموعات الدعم وبرامج إيقاف التدخين: رغم أن العلاج الدوائي مفيد للمشاكل الجسدية المباشرة، فإن العلاج السلوكي يساعدك على البقاء مقلعًا على مدى بعيد. هناك اختصاصيون لعلاج إدمان التبغ، ولكن طبيب العائلة أيضًا بإمكانه توفير رعاية علاج الإدمان.
- الدعم والمعلومات عبر الإنترنت: هناك العديد من المواقع التي توفر الدعم والتشجيع للمقلعين عن التدخين منها موقع Nicotine Anonymous.
المضاعفات
التدخين مسؤول عن واحدة من كل خمس حالات وفاة في أمريكا، ومن مضاعفاته:
- أمراض الرئتين: يزيد خطورة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 2500%، ويزيد التدخين نوبات الربو سوءًا أو قد يحفز حدوثها عند مرضى الربو.
- الأمراض القلبية الوعائية: يزداد خطر الإصابة بالذبحة الصدرية وأمراض الأوعية المحيطية والسكتات القلبية والنوبات القلبية بنسبة كبيرة لدى من يدخنون بانتظام، ويجدر بالذكر أن خمس سجائر يوميًا تزيد خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية ومنها داء بورغر الذي يسبب خثرات خطيرة.
- السرطان: يزيد التدخين خطر الإصابة بجميع أنواع السرطان، ما يزيد خطر الوفاة.
- الجلد: يسبب التدخين ضررًا بالجلد.
- مشاكل جنسية: يزداد احتمال العقم لدى النساء المدخنات، ويزداد خطر ضعف الانتصاب لدى الرجال المدخنين.
- الخطورة في أثناء الحمل: يسبب التدخين مشاكل صحية للأم وطفلها.
- مقاومة الإنسولين: يزيد التدخين مقاومة الإنسولين، ما يزيد خطر الإصابة بالسكري من النمط الثاني، ويُعرَّض مرضى السكري المدخنون أكثر لمضاعفاته من غير المدخنين.
- الموت المفاجئ أو المبكر: يعيش المدخنون أقل بعشر سنوات من غير المدخنين وسطيًا، بالإضافة إلى أن التدخين قد يسبب موتًا مفاجئًا.
اقرأ أيضًا:
اطرد العادة بعيدًا: 10 نصائح علمية للإقلاع عن التدخين
تريد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية إزالة النيكوتين من التبغ. كيف يمكن تطبيق ذلك؟
ترجمة: ليلان عمر
تدقيق: بهاء كاظم
مراجعة: تسنيم الطيبي
