هل السهر طوال الليل للاستذكار مضرٌ بصحتك؟
ليلة متأخرة في المكتبة مع كميات كبيرة من مشروبات الطاقة أو القهوة بالإضافة إلى الأوراق الدراسية من الشهر الماضي، ستتمكن بكل تأكيد من اجتياز الامتحان بعلامة جيدة إذا أمضيت ال 24 ساعة القادمة بالتركيز على دراسة مادتك.
لكن ولسوء الحظ، فإن المماطلة والحرمان من النوم يضر أكثر مما ينفع.
يشرح لنا الخبراء المختصون بالنوم من كلية الطب في جامعة A&M في تكساس كيف أن السهر طوال الليل يضر بكل من صحتك وأدائك.
الدماغ المحروم من النوم مختل وظيفيًا
سنواجه جميعنا الحرمان من النوم في مرحلة ما في حياتنا سواء رغبنا بذلك أم لا.
لكن إذا كنت تعتقد أن بقاءك مستيقظًا طوال الليل سيكون مفيدًا لعاداتك الدراسية، فكر مجددًا.
فكما يقول ديفيد أرنيست (David Earnest) المدرس في كلية الطب في جامعة A&M في تكساس، والذي يدرس التواتر اليومي (ساعات أجسامنا البيولوجية طوال اليوم): «إن تأثير الحرمان من النوم على عمل الذاكرة مذهل، فإن أدمغتنا تفقد كفاءتها مع كل ساعة حرمان من النوم».
يحتاج معظم الناس من 7 إلى 8 ساعات على الأقل من النوم ليلًا وذلك لكي يتمكن كل من الجسم والدماغ من أداء وظائفهما بشكل طبيعي.
لذلك إذا بقيت مستيقظًا طوال الليل، غافلًا عن القدر الموصى به من النوم، فإن دماغك سيكون مرهقًا وسينخفض مستوى أدائه بشكل حاد فيما يتعلق بمهام التعلم والذاكرة.
يُفعّل الأشخاص الذين يسهرون طوال الليل الذاكرة قصيرة الأمد لا طويلة الأمد، دعونا نواجه الأمر، نحن لا نسهر طوال الليل إلا في حال كنا متخلفين عن أعمالنا فنحاول بسرعة أن نلحق بها.
لكن في محاولتنا لحشر كميات كبيرة من المعلومات في أدمغتنا بسرعة، فإننا نقوم بتفعيل الذاكرة قصيرة الأمد، في حين أن الذاكرة طويلة الأمد هي المسؤولة عن حفظ واسترجاع معظم المعلومات والحقائق.
فكما يوضح أرنيست: «عندما نحاول أن نتعلم ونحفظ المعلومات بسرعة، فإننا نفعّل الذاكرة قصيرة الأمد فقط، هذا النوع من الذاكرة ينطفئ بسرعة.
وإن لم نعد استخدام المعلومات، فستختفي بعد فترة وجيزة تتراوح بين بضع دقائق وبضع ساعات».
إن حشر المعلومات لا يسمح لها بالانتقال من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد، والذي يعد أمرًا مهمًا للقيام بأداء جيد في مشروع معين أو امتحان.
هل تتذكر المشاكل التي عانت منها شخصية (Dory) مع الذاكرة قصيرة الأمد في فيلم (Finding Nemo)؟ هكذا يصبح دماغك عندما تسهر طوال الليل.
استغلها، أو ستفقدها
إن الدراسة بكميات متزايدة في وقت مبكر من موعد الفحص هو أفضل طريقة للحصول على نتيجة جيدة.
بكلمات أخرى، استغل الفرصة أو ستفقدها.
فكما يقول أرنيست: «إنه لأمرٍ غير مجدٍ أن تقوم بالاستعداد قبل موعد الامتحان بساعات قليلة.
فالطريقة الأمثل للدراسة هي أن تبقى مسيطرًا على الأمور و أن تستعد بالدراسة لفترات قصيرة (20 أو 30 دقيقة) لعدة مرات في اليوم قبل موعد الامتحان ب 3 أو 4 أيام.
تكرار المعلومات لعدة مرات يسمح لدماغك بنقل المعلومات إلى الذاكرة طويلة الأمد وبالتالي ستتمكن من استرجاعها بشكل أفضل».
ويضيف أرنيست: «أنا أقول دائمًا لطلاب الطب أن التدريب الشفهي هو ما ينقل المعلومات من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد.
وإن تكرار المعلومات- سواء بصوتٍ عالٍ أو في عقلك- يساعد على دفع هذه العملية نحو الأمام».
ادرس باكرًا لتكون ذاكرتك أقوى
أثناء انقضاء اليوم، يبدأ دماغك بالتعب.
يحكم هذا الإيقاع اليومي للأداء المعرفي ساعات أجسامنا البيولوجية، إذ يكون أداءنا في التعلم والتذكر خلال النهار أعلى وأفضل مما هو عليه في الليل.
يوضح أرنيست ذلك فيقول: «بينما يتحول النهار إلى ليل، يبدأ أداء الدماغ بالانخفاض بشكل كبير.
لذلك عندما تدرس طوال الليل، فكأنك تسبح ضد التيار، أي تحارب إيقاعات جسدك الطبيعية، فإن ذروة الكفاءة المعرفية تكون في وقت مبكر من النهار».
بدلًا من السهر طوال الليل، ينصح أرنيست بالدراسة قدر المستطاع إلى أن يحين موعد النوم، ثم الاستيقاظ باكرًا قبل موعد الامتحان لمراجعة المادة مرة أخرى.
ويضيف أرنيست: «للنوم دور مهم في إعادة التجديد وذلك عن طريق تأمين فرصة لحدوث التمثيل الغذائي والسماح للدماغ والجسم بالراحة واستعادة العافية، من المهم جدًا ألا نفوّت النوم».
تخلَّ عن سياسة التأجيل للحظة الأخيرة
من السهل أن نشعر بالغمرة من قبل كثرة مهامنا، وخاصةً مع وجود عدد قليل من الساعات في اليوم والتي هي غير كافية لتحقيق أهدافنا.
يقول أرنيست: «تكمن المشكلة في أن مجتمعنا يفكر كما لو كنا نستطيع أن نستوعب المعلومة في اللحظة الأخيرة، هذا الأمر يفتقر إلى الحكمة.
وإذا استمرينا على هذه العادة في الكلية، سيكون لها تأثير كبير علينا من الناحيتين الشخصية والأكاديمية، فمفتاح النجاح هو أن نؤسس لعاداتٍ جيدة في وقتٍ مبكر».
- إعداد: ديانا نعوس
- تدقيق: هدى جمال عبد الناصر
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر