ثمة خوف فيما لو أن للكربوهيدرات تأثير ضار بالصحة، وعلى هذا أصبحت الحمية قليلة الكربوهيدرات شائعة بهدف خسارة الوزن تحديدً.
في هذه المقالة الغذائية الموثقة سنشرح ماهيّة الكربوهيدرات ونلاحظ الخيارات الصحية وغير الصحية ونناقش هل الحمية الغنية بالكربوهيدرات مؤذية بالفعل أم لا.
الكربوهيدرات أحد المغذيات الكبرى الموجودة طبيعيًا في الطعام النباتي مثل الفاصولياء والبازلاء والمكسرات والحبوب والبذور والألبان ومنتجات الألبان والفواكه والخضراوات.
المغذيات الكبرى الأخرى هي الدهون والبروتينات.
تُعد الكربوهيدرات غذاءً ضروريًا لوظائف الجسم الصحيحة حسب عدة منظمات عالمية للصحة منها منظمة الصحة العالمية (WHO)، لأن دورها الأساسي هو تزويد كل خلايا الجسم بالطاقة، وعند الامتناع عن تناول الكربوهيدرات، يستخدم الجسم مصدرًا بديلًا للطاقة يسمى الكيتونات.
كلمة كربوهيدرات مصطلح شامل يصف أنواعًا متنوعة من جزيئات السكر الموجودة في الطعام.
أنواع الكربوهيدرات
عمومًا ثمة ثلاثة أنواع للكربوهيدرات: السكريات والنشويات والألياف الغذائية.
يمكن تصنيفها أيضًا بطريقة أخرى: الكربوهيدرات البسيطة والمعقدة، اعتمادًا على عدد جزيئات السكر ونوعها -كالغلوكوز مثلًا- التي يحويها كل مركب.
الكربوهيدرات البسيطة
تسمى أيضًا «سكريات بسيطة» أو«سكريات» أو «سكريدات» تحوي هذه الكربوهيدرات من 1-10 جزيئات وتوجد في الفواكه والخضراوات وغيرها من المنتجات الغذائية.
تسمى المركبات المحتوية على جزيء واحد أو اثنين من السكريات سكرياتٍ أحادية وسكريات ثنائية، بينما تسمى السكريات الحاوية أكثر من 10 جزيئات سكرية سكريات قليلة السكريد.
اللاكتوز (َهو السكر الرئيسي في حليب الحيوانات) هو ثنائي سكريد يتضمن السكريات الأحادية غلوكوز وغالاكتوز.
السكريات قليلة السكريد هي كربوهيدرات متوسطة الطول توجد في الأغذية الغنية بالألياف وحليب الإنسان.
الكربوهيدرات المعقدة
تتكون الكربوهيدرات المعقدة من سكريدات متعددة وهي أطول سلاسل متشابكة من جزيئات السكر، تشمل السكريات المعقدة النشويات والألياف الغذائية.
النشويات هي الكربوهيدرات المخزنة في الفاصولياء والبازلاء والحبوب والخضراوات، وهذه النشويات تزود الجسم بالطاقة.
الألياف الغذائية أو ألياف الطعام هي الجزء الذي لا يُهضم من النباتات (في كل من البازلاء والفواكه والخضراوات والمكسرات والبذور والبقوليات كالفاصولياء والحبوب) وهي تعزز صحة الأمعاء.
هل هناك كربوهيدرات صحية وأخرى ضارة؟
للكاربوهيدرات سمعة سيئة غالبًا بسبب ارتباط زيادة استهلاكها بزيادة الوزن والبدانة والمتلازمة الاستقلابية وداء السكري.
تدعم هذه الظاهرة التي يسميها بعض الباحثون «الانسمام بالكربوهيدرات» فكرة أن الاستهلاك المفرط لكل أنواع الكربوهيدرات يسهل تطور أمراض مزمنة.
لذلك أصبحت الأنظمة الغذائية قليلة الكربوهيدرات شائعة بين الأشخاص المهتمين بخسارة الوزن أو السيطرة على مستويات سكر الدم ويفضلها الرياضيون المخضرمون أيضًا.
مع ذلك أظهرت عدة دراسات أخرى أن نوعية الكربوهيدرات التي يستهلكها الناس مهمة بقدر كميتها.
تقترح هذه المعلومة أنه بدلًا من اعتبار كل الكربوهيدرات متشابهة فإن بعض الخيارات أفضل من غيرها لصحة الجسم.
الكربوهيدرات الضارة
تشمل الكربوهيدرات التي قد يعدها الناس ضارة بسبب قلة فوائدها غذائية:
- الكربوهيدرات المكررة كالأرز المصقول والطحين.
- مشروبات السكر المحلّى كالصودا والعصائر.
- الوجبات عالية التجهيز كالبسكويت والمعجنات.
وفقًا للبحث الموجود، فإن الحمية الغذائية ذات الاستهلاك المرتفع من هذه الأنواع من الكربوهيدرات واستهلاك أقل للأطعمة الأكثر فائدة ترفع علامات الالتهاب وتبقي على اختلال التوازن الهرموني عند النساء اللواتي يعانين المبيض متعدد الكيسات.
يرتبط استهلاك السكريات البسيطة الإضافية المفرط أيضًا بارتفاع خطر مقاومة الأنسولين وتشحم الكبد اللاكحولي وأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري والسرطان.
أظهرت الدراسات أن السكريات المضافة والسكريات البسيطة الموجودة طبيعيًا في الطعام قد لا تملك نفس التأثير الضار.
اقترحت دراسة جرت عام 2018 أن المصادر الطبيعية للسكر كالعسل فعالة في إنقاص مستويات سكر الدم وخطر تطور داء السكر من النمط الثاني.
تستمر الدراسات الحالية بتسليط الضوء على تأثيرات الكربوهيدرات غير الصحية.
اقترح الخبراء التزام نظام صحي متوازن مؤلف أساسًا من الأطعمة المغذية وتناول أنواع الكربوهيدرات تلك باعتدال.
الكربوهيدرات الصحية
تشمل مصادر الكربوهيدرات الغنية بالمغذيات الصحية للإنسان:
- الفواكه كالموز والتفاح والتوت.
- الخضراوات غير النشوية كالسبانخ والجزر والبندورة.
- الحبوب الكاملة ودقيق الحبوب الكاملة والأرز البني والكينوا.
- البازلاء والفاصولياء والحبوب السوداء والعدس والحمص.
- الألبان ومنتجات الألبان.
ربطت الدراسات الحميةَ الغذائية الغنية بالكربوهيدرات المعقدة مثل الحمية المتوسطة بفوائد مضادة للالتهاب وخفض مقاومة الأنسولين وتقليل خطر الأمراض المزمنة أيضًا.
نَسبتْ الأبحاث عددًا من هذه الفوائد إلى الألياف الغذائية الموجودة في الكربوهيدرات المعقدة.
مثلًا: تُحسن الألياف الغذائية في كل الفواكه التحكمَ في الوزن على المدى البعيد وتعزز حركة الأمعاء المنظمة، ما يحافظ على الصحة الجيدة حتى الشيخوخة.
إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز نوعية النظام الغذائي بتضمينه مزيدًا من السكريات المعقدة والألياف الغذائية قد يحسن بعض تأثيرات متلازمة المبيض متعدد الكيسات كمقاومة الإنسولين وارتفاع الأندروجين.
وجدت مراجعة جرت عام 2020 أن الألياف الغذائية في أغذية الحبوب الكاملة تمنح عدة فوائد صحية منها تقليل خطر أمراض القلب واضطرابات الأمعاء والسرطان وداء السكري.
ما الكربوهيدرات الأكثر صحةً؟
استخدم الناس قياس كل من مؤشر مستوى السكر في الدم والحمل السكري لتحديد نوعية كربوهيدرات الطعام وتصنيفها ضمن الكربوهيدرات الضارة أو الصحية.
مؤشر مستوى سكر الدم يقيس ارتفاع سكر الدم المحتمل عند تناول طعام كربوهيدرات مقارنة بتناول الغلوكوز النقي فقط.
الأطعمة ذات مؤشر سكر الدم المنخفض المكوَنة من الكربوهيدرات المعقدة أقل تأثيرًا في مستويات سكر الدم وتشمل الحبوب الكاملة والخضراوات غير النشوية. تشمل الأطعمة ذات مؤشر سكر الدم المرتفع البطاطا والأطعمة المحلاة بالسكر المضاف.
يستخدم الناس أيضًا مقياس الحمل السكري لتقييم قدرة وجبة معينة على رفع مستويات سكر الدم.
هذه المعلومات غير مثبتة على الرغم من استخدام كلا المقياسين لعقود بهدف تنظيم صنع الوجبات وضبط مستويات سكر الدم عند المصابين بداء السكري.
تقترح عدة دراسات أن زيادة تناول الأطعمة ذات مؤشر سكر الدم المنخفض تحسن النتائج الصحية، لكن توضح دراسات أخرى أن الاختلافات في تحمل الغلوكوز اليومي واستجابة الفرد تؤثر في مستويات سكر الدم أكثر من مقياس مؤشر سكر الدم؛ لذلك قد لا يكون مقياس مؤشر سكر الدم منبّئًا دقيقًا لاستجابة الفرد.
اختلاف رد فعل الجسم بارتفاع سكر الدم بين الأفراد يشكل تحديًا لتحديد أي من الكربوهيدرات صحي بالفعل، إذ قد لا تكون الحبوب الكاملة حتى مقياسًل ثابتًا حقيقيًا لمؤشر سكر الدم والحمل السكري.
هل الحميات الغذائية الغنية بالكربوهيدرات جيدة؟
الحميات الفقيرة بالكربوهيدرات ليست مناسبة للجميع على الرغم من شيوعها! فقد يستفيد بعض الناس من الحمية الغنية بالكربوهيدرات.
مثلًا: تنقص القدرة على استمرار الأداء الرياضي عند التزام حمية فقيرة بالكربوهيدرات، ويبقى تناول كمية كبيرة من الكربوهيدرات الخيار الأفضل لدى الرياضيين.
تنخفض مستويات سكر الدم انخفاضًا كبيرًا بين عامة الناس الذين يتناولون كمية كبيرة من الكربوهيدرات -ما يعزز شفاء داء ما قبل السكري غالبًا- عندما ينقص الوارد اليومي من الكربوهيدرات.
لذلك ينصح الخبراء الناس الذين يعتمدون على تناول الكربوهيدرات للحصول على 65-75% من سعراتهم الحرارية يوميًا بإنقاص السعرات الحرارية المعتمدة على الكربوهيدرات حتى 50-55% يوميًا وزيادة تناول البروتين.
إنقاص الكربوهيدرات حتى 45% أو أقل من السعرات الحرارية يوميًا أكثر فعالية في السيطرة على مستوى سكر الدم فترات قصيرة، لكنه غير مستدام وقد لا يحسن النتائج طويلة الأمد مقارنة بنسبة 50-55% من السعرات الحرارية في الكربوهيدرات.
ينصح باستشارة الطبيب أو اختصاصي تغذية موثوق قبل إجراء أي تغيير في النظام الغذائي لتحديد الحاجات اليومية من الكربوهيدرات وتحسين النتائج الصحية.
ملخّص
الكربوهيدرات من المغذيات الكبرى الرئيسية، إذ تزود الجسم بالطاقة والألياف الغذائية لتعزيز الصحة.
يرتبط استهلاك الكربوهيدرات المرتفع بزيادة الوزن وارتفاع خطر تطور الأمراض المزمنة كأمراض القلب وداء السكري.
رغم هذه السمعة السيئة، توفر الكربوهيدرات فوائد صحية عديدة عندما يتناول الإنسان باستمرار أغذية غنية بالكربوهيدرات المعقدة والألياف الغذائية عوضًا عن تناول الكربوهيدرات المكررة والمشروبات المحلّاه.
إضافة إلى ذلك يختلف النظام الغذائي المثالي بين الأفراد، مثلًا: يحسن النظام الغذائي الغني بالكربوهيدرات الأداء الرياضي.
على أي حال، يستطيع الأشخاص غير الرياضيين الذين يحصلون على 65-75% من سعراتهم الحرارية يوميًا من الكربوهيدرات خفضَ مستويات سكر الدم بإنقاص تناول السعرات الحرارية من الكربوهيدرات حتى 50-55% يوميًا.
الكربوهيدرات ليست ضارة عندما يسيطر الناس على كميتها ونوعيتها بما يناسب حاجاتهم.
اقرأ أيضًا:
أهم 15 سببًا لعدم فقدان الوزن عند اتباع حمية غذائية منخفضة الكربوهيدرات
ترجمة: نغم سمعان
تدقيق: محمد الشعراني
مراجعة: تسنيم الطيبي