أوصى المنظمون الفدراليون لسلامة الدواء بإيقاف استخدام لقاح جونسون آند جونسون لكوفيد-19، وذلك بعد إصابة 6 نساء بجلطات دموية بعد التطعيم.
تُعد الجلطات الدموية نادرة وخطيرة، وقد تكون ناجمة عن رد فعل مناعي غير عادي يحفز حدوث الجلطة.
يشير بعض خبراء الصحة إلى أن إيقاف استخدام لقاح جونسون آند جونسون مؤقتًا قد يبطئ طرح اللقاح ويزيد خوف الناس من أخذه.
توفيت إحدى النساء الست اللائي أصِبن بجلطات دموية ونُقلت أخرى إلى المستشفى، وما زال الخبراء يحققون في كون اللقاح هو المسبب.
أوصت إدارة الغذاء والدواء ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بإيقاف استخدام اللقاح، وذلك لتنبيه مختصي الرعاية الصحية إلى احتمالية الجلطات الدموية والتحقق من جاهزيتهم لتشخيصها وعلاجها.
يبدو أن هذه الجلطات مشابهة للجلطات غير العادية النادرة التي أصابت عددًا من الأشخاص الذين تلقوا لقاح أسترازينيكا لكوفيد-19.
يشير الكثير من خبراء الصحة إلى أن إيقاف استخدام لقاح جونسون آند جونسون مؤقتًا قد يبطئ طرح اللقاح ويزيد خوف الناس من أخذه، وهو لقاح فعّال للغاية في منع دخول المستشفى والوفاة من كوفيد-19.
ما سبب حدوث الجلطات؟
سبب حدوث الجلطات الدموية تحديدًا غير واضح، لكن تشير دراسات حديثة إلى احتمال تحفيز اللقاح حدوث استجابة مناعية تزيد احتمالية حدوث جلطة الدم.
بحثت دراستان حديثتان نُشرتا في مجلة نيو إنغلاند الطبية احتمالية وجود مجموعة صغيرة من المُطعَمين بلقاح أسترازينيكا الذين أصيبوا بعدها بجلطات دموية، تطورت لديهم إلى خثار الجيب الوريدي المخي، مترافقًا مع مستويات منخفضة من الصفيحات الدموية، تُسمى نقص الصفيحات الدموية التخثرية.
من المعروف أن خثار الجيب الوريدي المخي يحدث عند نسبة قليلة من متناولي الهيبارين، وهو نوع من مضادات التخثر.
يوضح الطبيب روبيرت بونا، اختصاصي أمراض الدم والبروفيسور في كلية الطب في جامعة ييل: «تنخفض أعداد الصفيحات الدموية وترتفع مستويات الأجسام المضادة مقارنةً بالصفيحات لدى الأشخاص المصابين بجلطات دموية في مناطق غير معتادة مثل أوردة الدماغ والبطن».
يُعد كل من لقاح أسترازينيكا وجونسون آند جونسون لكوفيد-19 لقاحات فيروسية غُدّانية، تُستخدم فيها نسخة معدلة من الفيروس -تُسمى الناقل- لإيصال التعليمات إلى الجهاز المناعي للمساعدة على منع العدوى.
إن التشابه بين الجلطات الدموية التي حدثت بعد إعطاء لقاحات أسترازينيكا وجونسون آند جونسون قد تشير إلى أن نواقل الفيروسات الغدانية قد تكون مرتبطة بخطر الإصابة بجلطات دموية، وذلك وفقًا للدكتور أميش أدالجا الباحث البارز في مركز جونز هوبكنز وخبير الأمراض المعدية.
يضيف أدالجا: «قد يولّد هذا الناقل عند بعض الأفراد أجسامًا مضادة تتداخل مع وظائف الصفيحات الدموية وتنتج حالة مشابهة لقلة الصفيحات المحدثة بالهيبارين، وهي حالة يمكن تشخيصها وعلاجها».
لم يُعط الهيبارين حديثًا لأي من الأشخاص الذين أصيبوا بجلطات دموية بعد التطعيم.
يقول الدكتور بونا: «إنها حالة غير عادية يصاب فيها الأشخاص بانخفاض الصفيحات الدموية انخفاضًا شديدًا، وبجلطات دموية في مناطق غير معتادة، بالترافق مع مستويات عالية من الأجسام المضادة للبروتين الذي يُسمى عامل الصفيحات 4، في ظل عدم التعرض المسبق للهيبارين».
تبين تقارير سريرية أخرى حدوث قلة الصفيحات لدى الأشخاص الذين لم يتناولوا الهيبارين لكن تطورت لديهم استجابة مناعية ذاتية.
هذه الأنواع من الجلطات الدموية نادرة:
يقول الدكتور بونا: «عندما يُطعم مئات الملايين من الأشخاص ضد كوفيد-19، سنرى حدوث بعض الجلطات الدموية الروتينية في وقت قريب من التطعيم بمحض الصدفة فقط. إجمالًا، سنجد إصابات بالجلطات الدموية، وذلك كونها تحدث لدى شخص أو اثنين من كل ألف شخص سنويًا».
عمومًا، يُعد خثار الجيب الوريدي المخي نادر الحدوث، فهو يحدث عادةً لدى نحو 5 من كل مليون شخص سنويًا.
يبدو أن احتمالية حدوث الجلطات الدموية بسبب اللقاح نادرة جدًا، فمن بين ما يقارب 7 ملايين شخص تلقوا لقاح جونسون آند جونسون، أصيب ستة أشخاص فقط بجلطات دموية، أي ما يعادل 0.000088%.
يقول بونا: «يُعد خطر الإصابة بالجلطات الدموية بعد التطعيم ضئيلًا للغاية، لكنه بالتأكيد أمر مهم جدًا بسبب إصابة بعض الناس بها».
قضى فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من 563 ألف شخص، وأصيب به أكثر من 31.3 مليون شخص.
عالميًا، توجد أكثر من 137.8 مليون إصابة مؤكدة بكوفيد-19، ونحو 3 ملايين حالة وفاة.
أشار الدكتور أدالجا بعد الإبلاغ عن حالات الجلطات الدموية التي حدثت بعد التطعيم بلقاح جونسون آند جونسون إلى أن النسبة تُعد أقل من 1 بالمليون، وبالتأكيد أقل من خطر تشكل الجلطات الدموية نتيجة الإصابة بكوفيد-19.
يمكن تشخيص الجلطات الدموية وعلاجها
قد تشير بعض العوامل إلى احتمالية تطور جلطات دموية عند شخص ما، مثل نتائج اختبارات تكشف عن انخفاض عدد الصفيحات الدموية أو أنواع معينة من الأجسام المضادة.
يمكن علاج قلة الصفيحات المحدثة بالهيبارين والمحفَزة بالمناعة الذاتية، وأيضًا الأجسام المضادة لعامل الصفيحات 4 بالغلوبولين المناعي، وهو علاج فعّال يُعطى وريديًا.
يقول الدكتور بونا: «يبدو أن بعض مضادات التخثر أكثر فاعلية من غيرها، وهذا ما يوصى به الآن طريقةً لعلاج الأفراد الذين يُصابون بالجلطات الدموية بعد التطعيم».
وتُعد هذه الأدوية فعالة للغاية لعلاج قلة الصفيحات المحدثة بالهيبارين.
هل تفوق فوائد اللقاح مخاطره؟
يعتقد الكثير من خبراء الصحة ومنهم الدكتور أدالجا، أن فوائد لقاحات أسترازينيكا وجونسون آند جونسون لكوفيد-19 تفوق المخاطر النادرة بكثير.
يُعد لقاح جونسون آند جونسون فعالًا بنسبة 100% في منع دخول المستشفى والوفاة، وبنسبة 85% في الوقاية من الأمراض الشديدة وبنسبة 66% في الوقاية من العدوى المصحوبة بالأعراض، التي تشمل العدوى الخفيفة.
يتوقع الدكتور أدالجا من المنظمين في النهاية الإفصاح عن نسبة مخاطر لقاح جونسون آند جونسون إلى فوائده، التي تعطيه أفضلية قوية، ومن ثم التراجع عن الإيقاف الفيدرالي للقاح.
أوقِفَ لقاح أسترازينيكا مؤقتًا في أوروبا، لكن أجمع المسؤولون لاحقًا على فوائد تطعيم الأشخاص ضد كوفيد-19، التي تفوق المخاطر الصغيرة للإصابة بالجلطات الدموية.
أوصى مسؤولو الصحة الأوروبيون بتلقي مَن هم دون 30 عامًا أحد اللقاحات الأخرى، مثل فايزر-بيونتك أو موديرنا.
يعتقد أكثر الخبراء أن الإيقاف المؤقت لاستخدام اللقاح قد يبطئ طرحه ويزيد خوف الناس من أخذه.
يضيف الدكتور أدالجا: «غالبًا سيزيد هذا الإجراء خوف الناس من أخذ اللقاح، ما سيسبب ضررًا لا يمكن إصلاحه، وسيؤثر في سائر اللقاحات».
الخلاصة
أوصى المنظمون الفدراليون لسلامة الدواء بإيقاف استخدام لقاح جونسون آند جونسون لكوفيد-19، وذلك بعد إصابة 6 نساء بجلطات دموية بعد التطعيم.
تُعد الجلطات الدموية خطيرة رغم ندرتها، وقد تكون ناجمة عن رد فعل مناعي غير عادي يحفز حدوث الجلطة.
يشير بعض خبراء الصحة إلى أن إيقاف استخدام لقاح جونسون آند جونسون مؤقتًا قد يبطئ طرح اللقاح ويزيد خوف الناس من أخذه، مع أن اللقاح فعّال للغاية في منع دخول المستشفى والوفاة من كوفيد-19.
اقرأ أيضًا:
هل يستطيع الذين تلقوا لقاح كورونا العودة لحياتهم الطبيعية؟
ما يجب أن تعرفه عن متغيرات فيروس كورونا الخمسة المنتشرة في العالم
ترجمة: آية وقاف
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: أكرم محيي الدين