بالنظر جيداً إلى الضباب المتلاطم من الغاز و الضوءِ النجمي الذي يشكل مجرتنا، سوف نجد آثاراً لنشئتها العنيفة. ومع ذلك، فإنه ليس من السهل دائماً التمييز بين ندوب الماضي وبين التغيرات الطبيعية التي تؤدي إلى التطور الكوني، ما يدفع الباحثين للتساؤل حول أي من هذه الأنماط التي قد تشكل دليلاً على أحداث كارثية وأيها التي تشكل علامات نموذجية للشيخوخة.

باستخدام البيانات التي جمعها القمر الصناعي غايا، كشف فريق دولي من الباحثين عما قد يكون تفاصيل جديدة عن غبار افتراضي بين مجرة درب التبانة وجسم مداري من النجوم.

منذ ستينيات القرن العشرين، كشفت سلسلة من الدراسات ببطء عن انحناء مميز على شكل حرف “S” يمكن رؤيته في قرص مجرتنا، ويُفترض أنه نتاج صراع متكرر مع جار أصغر مثل مجرة القوس القزمة الكروية.

وبحسب تحليل حديث، فإن مواقع عشرات الآلاف من النجوم الممتدة على ربع المسافة عبر المجرة وحركتها تشير إلى أن الانحناء نفسه قد يكون مصدرًا لموجات هادئة تنتشر عبر الانحناء الكبير.

بقيادة عالمة الفلك إيلويزا بوجيو من المعهد الوطني الإيطالي للفيزياء الفلكية، قارن الفريق بيانات حول نحو 16 ألف نجم عملاق شاب ونحو 3400 نجم من نجوم يطلق عليها “نجوم علامات المسافة” أو القيفاويات، وربطوا إحصائيا تحركاتهم ذهابًا وإيابًا بحركتهم الأفقية صعودا وهبوطا.

النتيجة هي تذبذب يشبه بشكل غريب الحركة المتدحرجة لموجات المحيط التي تتدفق عبر كتل النجوم الخارجة من مركز مجرة درب التبانة، تجري فوق موجة تسونامي تتصاعد أدناها ولكنها مختلفة عنها.

ومع أن التموج بالكاد يرتفع فوق مستوى المجرة، فإن امتداده الفضائي هائل، ويقدر أنه يمتد لأكثر من ربع المسافة نحو حواف القرص، مع انحراف النجوم التي تتحرك إلى الخارج عن مساراتها بسرعة تتراوح من 10 إلى 15 كيلومترًا (حوالي 6 إلى 9 أميال) في الثانية.

وسواء ما إذا كانت الحركات الشعاعية والرأسية متصلة، أو ما إذا كان الانحناء والتشوه الأساسي يجب أن يشتركا في سبب مشترك، هو أمر محل نقاش. ولم يكن من الممكن أن تشير الاختلافات المتبقية في مواقع النجوم إلى وجود نوع من الشذوذ إلا بإزالة بصمة انحناء مجرة درب التبانة نفسها.

وأوضح بوجيو لموقع ساينز أليرت: «لا يجب بالضرورة أن يكون الانحناء والموجة ناتجين عن الحدث نفسه، ومع ذلك، سنحاول استكشاف هذه النقطة في المستقبل باستخدام المحاكاة الرقمية».

تخفي مجرتنا كدماتها جيدًا. فقط عن طريق البحث عن التوقيعات الدقيقة للنجوم التي تجلس خارج مكانها أو تتحرك في اتجاه غريب، قد نجد سببًا للبحث عن آثار الماضي.

ويخلص الباحثون في تقريرهم إلى أن «الأعمال المستقبلية التي تحلل مجموعات البيانات الأخرى، فضلاً عن نماذج تكوين المجرات المختلفة، ستكشف عن تفاصيل أخرى حول تكوين هذه السمات المرصودة وتطورها، فضلاً عن وصف ديناميكي أكثر تفصيلاً لكيفية انتشار الموجات في قرص مجرة درب التبانة».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف أقدم مجرة معروفة على الإطلاق

الصمت العظيم؛ أربعة فقط من بين 10 آلاف مجرة قد تستضيف مخلوقات فضائية ذكية

ترجمة: شهد حسن

تدقيق: بسام موسى

مراجعة: باسل حميدي

المصدر