كشفت دراسة جديدة في الولايات المتحدة أن 1 من كل 10 أطفال فكر في الانتحار قبل سن المراهقة. وفقًا للباحثين، قال 8.4% من الأطفال بعمر 9 – 10 أعوام أنهم عانوا أفكارًا انتحارية، بعضها كان أفكارًا مؤقتة تزول بعد فترة وبعضها متكرر، وأهم من ذلك أن 1% من هؤلاء الأطفال أبلغوا عن محاولتهم الانتحار أو التخطيط له.
قالت كبيرة الباحثين الدكتورة صوفيا فرانغو Sophia Frangou، أستاذ الطب النفسي في كلية طب ماونت سيناي في نيويورك: «تُعَد الأفكار الانتحارية في هذا العمر نذيرًا بمستقبل مليء بالبؤس. نظرًا إلى صغر سنهم، تُعَد نسبة 8% رقمًا كبيرًا. من الخطير أن تفكر في قتل نفسك وأن الحياة لا تستحق العناء وأنت ما تزال في التاسعة».
صرح الباحثون أن الانتحار يأتي ثانيًا بين أسباب وفاة الأطفال بعمر 10 – 14 عامًا، وتدل الأفكار الانتحارية على أن الطفل يعيش في بيئة مضطربة.
وضحت فرانغو: «تدل التعاسة المبكرة على ضعف مستقبلي في مواجهة الأعراض النفسية الجانبية التي سيعانيها الشخص في مرحلة البلوغ، فالأمر لا يتعلق بالانتحار فقط».
حللت فرانغو وزملاؤها في ورقتهم البحثية البيانات المستمدة من دراسة النمو المعرفي لأدمغة المراهقين، وهي دراسة تتبعت نمو نحو 12 ألف طفل وصحتهم. ملأ الأطفال والقائمون على رعايتهم استبيانات تضمنت أسئلة تتعلق بالأفكار والسلوكيات الانتحارية.
توصل الفريق إلى وجود عاملين يحددان إذا كان الطفل يعاني الأفكار الانتحارية أم لا.
قالت فرانغو: «الأكثر عرضةً لخطر الأفكار الانتحارية هم الأطفال الذين يعانون نوعًا من الاضطرابات النفسية ، وإن كانت بسيطة، والأطفال المولودون في عائلات مضطربة».
أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يعانون القلق أو الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية أو السلوكية الأخرى، أكثر عرضةً للأفكار الانتحارية بنسبة 74%، وأن الأطفال الذين أبلغوا عن صراع عائلي كانوا أكثر عرضةً للأفكار الانتحارية بنسبة 30 – 75%، حتى بعد الإفصاح عن مشاكلهم النفسية.
قال ميتش برينشتاين Mitch Prinsteinأستاذ علم النفس والأعصاب بجامعة ولاية كارولينا الشمالية: «هذه الأرقام ليست مفاجئة، إذ شهدنا في السنوات القليلة الماضية انخفاض متوسط أعمار الأفراد الذين يعانون التفكير والسلوك الانتحاري. نعلم أن الانتحار يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالضغط، ليس فقط الضغط الذي يعانيه الأطفال، ولكن الضغط عند الآباء والآخرين عمومًا، الذي ينتقل إلى الأطفال بالتأكيد».
أوضح الباحثون أن عدد حالات دخول مستشفى الأطفال بسبب الأفكار والسلوكيات الانتحارية ارتفع إلى أكثر من الضعف على مدار العقد الماضي، إذ ارتفع من 0.7% عام 2008 إلى 1.8% عام 2015.
يرى الفريق أن عاملين قد يحميان الأطفال من الأفكار الانتحارية، وهما الإشراف الفعال للوالدين والبيئة الإيجابية في المدرسة.
قالت فرانغو: «الأطفال الذين يحبون الذهاب إلى المدرسة ويشعرون أن البيئة المدرسية مناسبة لهم أقل تعرضًا للأفكار الانتحارية. أما إشراف الوالدين فهو مشاركة الوالدين في حياة أطفالهم، كأن يعرفوا أين أطفالهم الآن وأسماء أصدقائهم. لا يتعلق الأمر بالوقت الذي تقضيه معهم فقط، لكن بمعرفة ما يفعلونه ومشاركتهم بأنشطة فعالة وهادفة».
تشير هذه النتائج إلى ضرورة إجراء فحص مدرسي للكشف عن الأفكار الانتحارية، مثلما تُجرى اختبارات البصر والسمع للصغار.
قالت فرانغو: «المدارس مكان جيد لبدء البحث عن الأطفال الذين يعانون مصاعب واضطرابات عائلية، ويجب أن تمثل مكانًا آمنًا لمساعدتهم. لا تبحث عن الفتى الانتحاري بل عن الفتى الكئيب، إذ يصعب التنبؤ بمَن سيعاني أفكارًا انتحارية، لكن يمكنك أن تنتبه إلى الأطفال التعساء، الذين قد تكون عائلاتهم مضطربة أو يعانون القلق».
أوضحت الدكتورة كيمبرلي جوردون أشيب Kimberly Gordon-Achebe الطبيبة النفسية للأطفال والمراهقين، المؤشرات الدالة على اضطراب الطفل بما يكفي للتفكير في الانتحار، وتشمل:
- تغيرات سلوكية أو تغير عادات الأكل.
- النوم في الصف.
- العزلة أو الانسحاب بعيدًا عن الزملاء والأقران.
- التعامل بمزاجية أو سرعة الانفعال.
- الحديث عن الموت مع أقرانهم.
- الرسم عن الموت أو الكتابة عنه.
اقرأ أيضًا:
اضطراب التصرف عند الأطفال: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: منار سعيد
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين