الأسبرين هو دواء شائع يؤخذ دون وصفة طبية، يساعد على تسكين الألم وتقليل خطر الخثرات الدموية. كانت التوصيات السابقة تتضمن تناول الأسبرين للمساعدة على الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية. بينت الإرشادات الحديثة أنه لا ينبغي للبالغين فوق 70 عامًا تناول الأسبرين للوقاية الأولية من الأمراض القلبية.
وجد مسح حديث أن عدد البالغين الذين يتناولون الأسبرين للوقاية من الأمراض القلبية قد تراجع، ولكن ما زال نحو ثلث البالغين فوق 60 عامًا يتناولونه، وبعضهم دون مشورة طبية.
الأسبرين هو دواء معروف جيدًا متوفر بعدة أشكال، منها ما يؤخذ بوصفة طبية والبعض من دونها. يتناول الناس عادةً الأسبرين دون وصفة طبية لتسكين الألم وتخفيف الحمى. يساعد الأسبرين أيضًا على الوقاية من تشكل الخثرات الدموية.
كان يُوصى سابقًا بتناول الأسبرين يوميًا، منهجًا وقائيًا أوليًا لمنع الأمراض القلبية الوعائية عند كبار السن، لكن هذه الإرشادات تغيرت.
راجعت دراسة حديثة انتشار تناول الأسبرين لدى البالغين في الولايات المتحدة للوقاية من الأمراض القلبية الوعائية.
وجد الباحثون أنه رغم التغيرات في الإرشادات السريرية، فإن 30% من البالغين بعمر 60 عامًا فأكثر، كانوا يتناولون الأسبرين للوقاية الأولية من الأمراض القلبية الوعائية في الفترة 2012 – 2021، 5% منهم دون استشارة طبية.
سلطت هذه النتيجة الضوء على أهمية تواصل الأطباء مع الناس بشأن استخدام الأسبرين.
هل لم يعد يُنصح بتناول الأسبرين يوميًا؟
إن تناول الأسبرين يوميًا لم يعد يُنصح به منهجًا وقائيًا أوليًا من الأمراض القلبية الوعائية، لكن قد يفيد بعض الناس بوصفه منهجًا وقائيًا ثانويًا.
تتضمن الوقاية الأولية ممارسة الأشخاص الأصحاء المعرضين لمرض معين نشاطات تقلل من احتمال الإصابة به.
أما الوقاية الثانوية فتركز على التدخلات لدى الأشخاص الذين لديهم تاريخ إصابة بحالة معينة مثل السكتة الدماغية والنوبة القلبية.
حدثت جمعية القلب الأميركية والجامعة الأمريكية لطب القلب إرشاداتهم بما يخص تناول الأسبرين وقايةً أولية للأمراض القلبية الوعائية.
على أي حال، قد يقترح الأطباء تناول جرعة يومية منخفضة من الأسبرين عند الناس الذين تعرضوا سابقًا لنوبة قلبية أو سكتة دماغية لمنع تكرار هذه الحوادث، وذلك جزءًا من الإرشادات الوطنية.
أوضح الطبيب ريجفيد تادوالكر ، طبيب القلب الاستشاري، فيما يخص التوصيات الحالية: «تنصح الإرشادات الحالية من جمعية القلب الأمريكية والجامعة الأمريكية لطب القلب بعدم تناول الأسبرين اعتياديًا للوقاية عند كبار السن من دون تاريخ مرض قلبي وعائي. مع أن جرعة منخفضة من الأسبرين (75-100 ملغ) قد تُستخدم للوقاية الأولية من الأمراض القلبية الوعائية المُسبَبة بتشكل العصيدة لدى مجموعة معينة من البالغين بعمر 40-70 الأكثر عرضة لحدوث المرض القلبي، لكن ليس على حساب الخطر المتزايد لحدوث النزف».
تتضمن عوامل الخطورة التي تؤخذ بعين الاعتبار في هذا التقييم: التدخين وضغط الدم ومستويات الكوليسترول والقصة العائلية.
تُعد هذه التوصية من صف IIb مع دليل من المستوى A، أي أن الفائدة والفعالية ليست مؤكدة تمامًا، لكن مقبولة اعتمادًا على البحث.
توجهات تناول الأسبرين لدى البالغين في الولايات المتحدة:
عام 2019، تغيرت إرشادات تناول الأسبرين اعتمادًا على بيانات الدراسة، التي أظهرت عواقب وخطورة تناول الأسبرين على المدى البعيد. وإن لم يوجد بحث كاف بشأن كيفية تأثير هذه التوصيات في الممارسة السريرية في الولايات المتحدة.
ضم الباحثون 186 ألف مشارك في هذه الدراسة، يمثلون 150 مليون بالغ في الولايات المتحدة.
توفرت البيانات من المسح الوطني لصحة البالغين، وهو استبيان عن الصحة حيث تمثل العينة السكان المدنيين غير المؤسسيين في الولايات المتحدة.
ضم الباحثون بيانات من بالغين بعمر 40 عامًا فأكثر في تحليلهم. نظروا إلى تاريخ المشارك المبلَغ عنه من السكتة الدماغية والنوبة القلبية وخناق الصدر «الذبحة القلبية» والأمراض الشريانية الإكليلية. حدد الباحثون أيضًا الناس الذين أبلغوا عن تناول جرعة منخفضة من الأسبرين للوقاية من الأمراض القلبية، سواءً من تلقاء أنفسهم أو بعد استشارة طبية.
بينت النتائج أن تناول الأسبرين للوقاية الأولية أظهر تراجعًا بسيطًا في الفترة 2012 – 2017 ثم زيادة كبيرة بعد عام 2018. بحلول 2012، وُجد تراجع في استعمال الأسبرين الذي نُصح به طبيًا للوقاية الأولية. لكن في 2021، نحو 18% من البالغين بعمر 40 عامًا فأكثر أبلغوا عن تناول الأسبرين للوقاية الأولية.
أشارت النتائج إلى أن عدد أكبر من الأطباء باتوا يشجعون الناس على وقف الأسبرين للوقاية من الأمراض القلبية الوعائية. أشارت النتائج أيضًا أن نحو 3.3 مليون بالغ ما زالوا يتناولون الأسبرين للوقاية الأولية دون استشارة طبية في الولايات المتحدة.
بيّن تادواكر: «إن نتائج المسح مقلقة، ففي حين تنصح الإرشادات الحديثة بعدم الاستعمال الاعتيادي للأسبرين للوقاية الأولية من الأمراض القلبية الوعائية، فإن العديد من كبار السن ما زالوا يتناولونه. هذا يلقي الضوء على الفجوة في التواصل بين الأطباء والمرضى فيما يخص التوجه المخصص لكل فرد في المعالجة بالأسبرين».
قال طبيب القلب كيفين رابي: «أصبح دور الأسبرين في الوقاية الأولية من الأمراض القلبية الوعائية أكثر محدودية في السنوات الأخيرة. لم تستطع الدراسات الحديثة إثبات فائدة تناوله وقايةً. من المهم أن نفهم أن هذا لا ينطبق على المرض المؤكد مثل النوبات القلبية السابقة وواقيات الطعوم «قوالب مرنة تُستعمل في تثبيت الطعوم» والجراحة المجازية. الإرشادات المحدثة من مجموعات عدة أكدت هذه المعلومات الجديدة. أظهرت الدراسة الحالية خصوصًا أنه رغم التوصيات الحديثة ما زال العديد من الأشخاص يتناولون الأسبرين للوقاية الأولية».
هل ينبغي تناول الأسبرين يوميًا؟
تمتلك هذه الدراسة بعض المحدودية. أولًا أنها اعتمدت على الإبلاغ الذاتي من المشاركين ما يزيد من خطر الميل التذكري –انحراف النتائج بفعل النسيان. افتقر الباحثون أيضًا إلى البيانات اللازمة لتقدير خطر النزف والأمراض القلبية الوعائية.
في حين تمثل العينة معظم سكان الولايات المتحدة، لا يعني ذلك بالضرورة إمكانية تعميمها على مجموعات أخرى. لم يضم البحث بيانات بالغين بأعمار أقل من 40 عامًا أو بيانات المسح لأعوام 2020 و2022.
مع ذلك، سلّط البحث الضوء على عنصر مهم: ينبغي للناس التواصل مع أطبائهم لتحديد هل تناول الأسبرين مناسب لهم أم لا.
قال تادوالكر: «النقطة الأساسية أن تناول الأسبرين للصحة القلبية لم يعد قرارًا بسيطًا. بالطبع يُنصح به لمعظم المرضى الذين مروا بحوادث قلبية وعائية مثل النوبة القلبية، لكن دون تاريخ لمثل هذه الأحداث، فإن تحديد ذلك يصبح أعقد. قد يفيد بعض الأشخاص الأكثر عرضة لخطر المرض القلبي، لكن بالمقابل يظهر خطر النزف. بالتأكيد لم يعد يُنصح بالأسبرين اليومي للناس دون مشكلات قلبية والمصنفين بخطر منخفض قلبيًا، وأصحاب الخطر العالي لحدوث النزف مثل مرضى قرحة المعدة».
«الأهم هو التحدث مع طبيب القلب. قد يقيّم الحالة الخاصة لكل مريض بما يتضمن عوامل الخطورة لمرض القلب والنزف لتحديد هل تناول الأسبرين اليومي هو الخيار الصحيح أم لا».
اقرأ أيضًا:
الأسبرين: الاستخدامات والجرعات والآثار الجانبية
هل يساعد الأسبرين في منع تطور سرطان القولون والمستقيم؟
ترجمة: يارا سلامة
تدقيق: لين الشيخ عبيد