دفي مقال بعنوان: الدراسات اللطيفة: مجال صاعد Cute studies: An emerging field، يقول جوشوا بول Joshua Paul إن حاجتنا للطف في ازدياد، وأن الوقت قد حان لنأخذ هذا الأمر على محمل الجد. بدأت ثقافة اللطف في اليابان عام 1970، ويُطلق عليها كوايي .kawaii وانتشرت ببطء عبر شرق آسيا لتصبح اليوم اتجاهًا عالمي الانتشار. والآن يتغلغل اللطف في كل شيء تقريبًا، بدءًا بالترفيه وصولًا إلى تصميم السلع (يوجد مجال صاعد يُسمى هندسة اللطف cuteness engineering).
ما سيكولوجيا اللطف؟ ولماذا هي مهمة؟
سنة 1943، أطلق اختصاصي السلوك الحيواني كونراد لورينز Konrad Lorenz مصطلح كنشنسكيما Kindchenschema أو السمات الطفولية. لاحظ العالم وجود ملامح محددة تُعَرف بمورفولوجيا الأطفال الجسدية، هي ما يجعلنا نجد الأطفال لطفاء وتسبب ردة فعل محببة لدينا.
فكر في الأمر. ما المشترك بين الجراء والقردة والأطفال؟ يقول لورينز إن الملامح الطفولية مثل العيون الواسعة والخدود الممتلئة والمشية المتأرجحة تبدو محببةً جدًّا لنا.
وعندما نستلطف شيئًا ما جدًّا، فإننا نوجه كل اهتمامنا إليه، ونحاول بناء علاقة معه، ونجتهد في حمايته. يعتقد لورينز -ومن قبله داروين Darwin- أن اللطف عامل من عوامل التكيف، لأنه يرقق أقسى القلوب ويجعل أصحابها رعاةً متفانين، ما يحسن من فرص الأطفال في البقاء.
إن كنت لم تقتنع بعد، إليك هذه المعلومة: تثبت العديد من الدراسات الحديثة فرضية اللطف وسحرها في تحويل الأشخاص إلى رعاة متفانين.
في دراسة أُجريَت سنة 2009، عرض الباحثون على المشاركين صورًا لقطط وكلاب بالغة (جرعة معتدلة من اللطف) أو صورًا لقطط وجراء صغيرة (جرعة فائقة اللطف).
ثم بعد ذلك اشترك المشاركون في لعبة تختبر المهارات الحركية والتنسيق بين العينين واليدين، يزيل فيها المشترك الأجزاء المؤلمة أو الأمراض من مجسم ما دون المساس بباقي الأعضاء السليمة. وجد الباحثون أن المجموعة التي تعرضت للطف الفائق لعبت بدرجة أفضل، أي أن التعرض للصور فائقة اللطف جعل المشتركين أكثر حذرًا في التعامل.
وسنة 2016، وجدت دراسة للتصوير العصبي أن الإحساس بردة فعل الاستلطاف سببها ليس الملامح المرئية فحسب، بل تسببها أيضًا روائح الأطفال وأصواتهم. ولا يؤدي اللطف إلى الحذر والرعاية الأفضل فقط، بل يلعب دورًا مهمًّا أيضًا في الترابط والتعاطف والصحة العامة.
إذًا كيف يمكنك الاستفادة من اللطف ؟
1. تزود بجرعة من اللطف كلما احتجت إلى الدقة
وجدت دراسة سنة 2012 أن النظر إلى صور حيوانات لطيفة قبل إتمام أي مهمة يساعد على تحسن التركيز وزيادة الدقة. هل أنت مُقدِم على مهمة تتطلب الحذر والدقة والتركيز والانتباه للتفاصيل؟ ما عليك سوى أن تمتع حواسك بعلاج التعرض للطف.
2. استخدم اللطف لتحقيق ما تريد
هل تريد أن تقنع أحدًا بفعل شيء ما؟ بدلًا من الجدال وفرض السيطرة، جرب أن تخفف من الحدة لتكون ردودك مثيرة للتعاطف. وبالمقابل، إن كنت تريد تحقيق موقف أكثر استقلالية، استخدم وجودك البالغ مقابل الخصائص الطفولية (مثلًا حافظ على مسافة بينك وبين الشخص واخفض من صوتك).
3. أضف بعض الخصائص البشرية إلى الأشياء
هل لديك عادة تضييع الأشياء أو تخريبها بسرعة؟ تلاعب بمستوى حذرك وانتباهك للأشياء بإضفاء بعض الخصائص البشرية عليها. اشتر الأشياء اللطيفة أو تخيل أنها مخلوقات لطيفة تعتمد عليك لتهتم بها. أنظر هذا الرابط لآلة تحميص تعطس!
4. للتخلص من الغضب، تخيل الطفل الصغير داخل الأشخاص
إذا كان باستطاعتك جعل الأشياء أكثر لطفًا، لم لا تجعل الأشخاص المزعجين أيضًا كذلك؟ عندما يغضبك أحدهم، تخيل كيف كان يبدو عندما كان طفلًا، أو تخيل الطفل الصغير بداخلهم لتفعّل ردة فعل العاطفة والاهتمام بداخلك، بدلًا من تفعيل الدفاعية والغضب.
5. أضف اللطف إلى محيطك
لتشعر باللطف والدفء والهدوء ولتكون أكثر وعيًا بمشاعرك، استبدل بأثاثك وأشيائك ولوحاتك الحادة أشياء مستديرة ومحببة. انظر هذا الرابط: neotenic design، يحتوي على صور لأثاث بخصائص طفولية لإضفاء لمسة مبتكرة لطيفة على محيطك.
اقرأ أيضًا:
الإنسان ذو الشخصية الحساسة جدًا قد يعاني كثيرًا في حياته
هل يجعلك الجوع أنانيًا؟ كيف يؤثر الجوع على مشاعرنا وأفكارنا وتصرفاتنا
ترجمة: زهراء حدرج
تدقيق: سلمى عفش
مراجعة: أكرم محيي الدين