يحاول العلماء والأطباء جاهدين اكتشاف التأثيرات المحتملة لفيروس كورونا المستجد على الفم واللثة، وصحة تجويف الفم عمومًا. يسبب فيروس سارس كوف-2 المتلازمة التنفسية الحادة التي تعرف بمرض فيروس كورونا المستجد كوفيد-19. سنناقش في هذه المقالة الصلة المحتملة بين فيروس كورونا وصحة الفم.
هل توجد صلة؟
الأبحاث التي تشير إلى ضعف صحة الفم بسبب فيروس كورونا ليست كثيرة.
تشير دراسة أجريت عام 2021 إلى أن قلة تنظيف الأسنان وضعف صحة الفم تؤدي دورًا في الإصابة بمرض كوفيد-19، إذ إن الفم هو نقطة الدخول الأولى للفيروس، وتحتوي خلايا اللسان واللثة والأسنان على الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، الذي يُعد مستقبلًا للفيروس في الخلايا.
أوضحت الدراسات أن الذين يعانون ضعف صحة الفم لديهم عدد أكبر من مستقبلات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين.
أشار الباحثون أيضًا إلى وجود علاقة بين أمراض اللثة والتغير في لويحات الأسنان، وزيادة خطر الإصابة بكوفيد-19.
يقول الباحثون إن قلة نظافة الفم وضعف صحته قد يزيد فرصة انتقال البكتيريا من الفم إلى الرئتين، ما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى البكتيرية، إضافةً إلى الإصابة بالفيروس.
علاقة فيروس كورونا بإمكانية الحصول على العناية الطبية للأسنان
تُعد صحة الفم جزءًا مهمًا من الصحة العامة للشخص، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. والحصول على العناية الطبية بالأسنان في المراحل المبكرة أفضل بكثير من علاج أمراض الفم الحادة.
حديثًا، قللت جائحة فيروس كورونا من ساعات عمل أطباء الأسنان وأغلقت العديد من العيادات باستثناء حالات الطوارئ، ما أدى إلى قلة الحصول على العناية الطبية الروتينية بواسطة أطباء الأسنان.
لوحظ أن فيروس كورونا أثّر مباشرةً في العائلات منخفضة الدخل، الذين يعتمدون على التأمين الصحي لمعالجة أسنانهم. إضافةً إلى أن 20% فقط من أطباء الأسنان متاحون في نظام التأمين الصحي.
علاقة فيروس كورونا بالتهاب اللثة
من أعراض التهاب اللثة:
- لثة حمراء ومنتفخة.
- نزيف اللثة عند تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط.
- رائحة الفم الكريهة.
- طعم كريه في الفم.
لالتهاب اللثة عدة أسباب، أكثرها شيوعًا تراكم البكتيريا، التي تلتصق بالأسنان وتكوّن الترسبات.
وفقًا لتقرير نُشِر سنة 2021 فإن الشخص المصاب بفيروس كورونا قد يهمل نظافة الفم وصحته، ما يساعد على تكون الترسبات ومن ثم زيادة خطر الإصابة بالتهاب اللثة.
لاحظ الباحثون أيضًا أن نزيف اللثة هو من أعراض الإصابة بمرض كوفيد-19، وأن أعراض الالتهاب قد انخفضت بعد التعافي من المرض.
لكن هذه الدراسة اقتصرت على ثلاثة أشخاص فقط، لذا نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث على مجموعات سكانية أوسع لتأكيد النتائج.
هل يسبب مرض كوفيد-19 حساسية الأسنان؟
حتى الآن لا يشير أي بحث إلى وجود صلة مباشرة بين كوفيد-19 وحساسية الأسنان.
تحدث حساسية الأسنان عند تضرر طبقة المينا الخارجية التي تغلف السن وتحميها، ومن أعراضها:
- ألم أو انزعاج عند المضغ.
- التحسس تجاه الأطعمة الساخنة أو الباردة.
- ألم بعد التعرض للهواء البارد.
- التحسس تجاه الأطعمة والمشروبات الحلوة أو الحمضية.
إذا كنت تعاني حساسية الأسنان الطفيفة يمكنك استخدام معجون الأسنان ضد التحسس مع فرشاة أسنان ناعمة، وفي حال استمرار الأعراض يمكنك مراجعة طبيب الأسنان.
علاقة مرض كوفيد-19 بجفاف الفم
ينتج جفاف الفم عند قلة وجود اللعاب أو عدم كفايته للحفاظ على رطوبة الفم، ما يصعب ابتلاع الطعام وإزالة بقاياه من الفم.
قد يكون جفاف الفم من الأعراض الفموية المبكرة الشائعة لمرض فيروس كورونا، إذ أبلغ عنه 108 أشخاص، وفقًا لدراسة نشرت في مجلة (The Lancet) الطبية، لكن الأسباب حتى الآن غير واضحة.
يقول مؤلفو الدراسة إن جفاف الفم يُعد أحد التأثيرات المباشرة لفيروس كورونا، إذ يصيب الغدد اللعابية ويتلفها، ويرتبط أيضًا بسوء نظافة الفم وبالآثار الجانبية للعلاج.
يزداد خطر الإصابة بتسوس الأسنان والتهاب الفم إذا بقي جفاف الفم دون علاج.
علاقة فيروس كورونا بتقرحات الفم
يُضعف فيروس كورونا جهاز المناعة بوضوح، مثل الالتهابات الفيروسية الأخرى، ويعرض المريض للإصابة بعدوى ثانوية.
لاحظ بعض المتعافين من مرض فيروس كورونا وجود تقرحات في الفم، قد تظهر على شكل بقع بيضاء على اللسان أو اللثة أو سقف الفم.
تشمل الأعراض الأخرى:
- نتوءات بيضاء أو حمراء في الفم.
- ألمًا خفيفًا.
- شعورًا بعدم الراحة عند الأكل أو الشرب.
- الحرقة.
تُشفى تقرحات الفم تلقائيًا في غضون أسبوع إلى أسبوعين، لكن يجب على المريض استشارة الطبيب إذا استمرت القرحة مدةً تزيد على 3 أسابيع، لأن هذا يشير إلى وجود عدوى ثانوية.
تعالج القرحة منزليًا بغسول للفم مضاد للميكروبات، أو جل أو كريم موضعي أو أقراص طبية للمص.
علاقة فيروس كورونا بتصدع الأسنان
لاحظ أطباء الأسنان زيادةً بنسبة 59% في صرير الأسنان، وزيادة بنسبة 53% في تكسر الأسنان وتشققها منذ بداية جائحة فيروس كورونا، وفقًا لجمعية طب الأسنان الأمريكية.
ذلك بسبب ارتفاع مستوى القلق في أثناء الوباء وسوء الأوضاع، ما يجعل المريض يضغط على فكه ويطحن أسنانه، وهي سلوكيات لا إرادية تنتج عن كثرة الإجهاد، وتسبب زيادة الضغط على الأسنان، ما يضعفها ويجعلها أكثر عرضةً للتصدع.
لوحظت أيضًا حالات تكسر الأسنان أو تصدعها لدى المرضى المصابين بحالات شديدة من كوفيد-19، الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي.
الخلاصة
مع زيادة أمراض الفم في أثناء جائحة كورونا، يحاول الباحثون تحديد هل هي ناجمة عن المرض ذاته أم أنها بسبب عوامل ثانوية، مثل الإجهاد أو الأوضاع السيئة أو غير ذلك.
حتى الآن لم نجد دليلًا قاطعًا ملموسًا يربط بين فيروس كورونا وصحة الفم ، لكن عمومًا يجب الحفاظ على النظافة الشخصية وصحة الفم بوصفها من طرق الوقاية من الأمراض.
اقرأ أيضًا:
هل من الآمن زيارة طبيب الأسنان في ظل جائحة كورونا؟
وجد العلماء طريقة لتجدد الأسنان
ترجمة: رند عصام الشريفي
تدقيق: أكرم محيي الدين