زيارة طبيب الأسنان مرتين في السنة أمر مهم لضمان أن تكون الأسنان في أفضل حالة. لكن الكثيرين قد لا يدركون أن الفحص الدوري للأسنان يمكن أن يكون فرصة لتحسين الصحة النفسية أيضًا.

تقول سوزان ألبرز، اختصاصية علم النفس: «غالبًا ما يُفاجأ الناس بأن صحتهم النفسية مرتبطة بصحتهم الفموية، وصحتهم الفموية بدورها مرتبطة بصحتهم النفسية. لكن الحقيقة هي أن هناك ترابطًا وثيقًا بينهما».

هل يمكن أن تؤثر صحة الفم على الصحة النفسية؟

نعم، يمكن أن تؤثر صحة الفم في الصحة النفسية. توضح ألبرز: «عندما تعاني من مشاكل في صحة الفم، يمكن أن يقلل ذلك من جودة حياتك أو يزيد من تفاقم مشاكل الصحة النفسية. إذا كنت تشعر بالإحراج من حالة أسنانك، قد تلاحظ أن ذلك يثير القلق الاجتماعي لديك. قد تنسحب اجتماعيًا، أو تتأثر ثقتك بنفسك، مما قد يؤدي إلى زيادة في بعض أعراض المشاكل النفسية».

تقول الدكتورة ألبرز إن العكس صحيح أيضًا – يمكن أن تؤثر الصحة النفسية على صحة الفم، بما في ذلك صحة الأسنان واللثة. عندما يكون الشخص تحت ضغط نفسي، قد يتجاهل العناية بنظافة الأسنان.تقول الدكتورة ألبرز أن صحة أسنانك قد تكشف الكثير من الأمور المتعلقة بصحتنا العامة. إذ إنها تعطينا دليلًا على مستوى التوتر، والقلق، والمزاج، ووجود مشاكل مزمنة في الأكل.

في دراسة تحليلية عام 2015 شملت 25 دراسة على مدار 25 عامًا، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية حادة كانوا أكثر عرضة لفقدان أسنانهم بنسبة 2.8 مرة مقارنة بباقي الأشخاص. تشير الدكتورة ألبرز إلى أن هذا الفارق يعود إلى الحالات الصحية غير المعالجة أو صعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية.

كل هذا يمكن أن يؤثر أيضًا على الصحة الجسدية. على سبيل المثال، قد ينخرط بعض الأشخاص في ما تسميه الدكتورة ألبرز “سلوكيات التهدئة الذاتية” – مثل الشرب، أو التدخين، أو تناول الكثير من الأطعمة المعالجة على نحو كبير، وكل هذه السلوكيات لها تأثيرات سلبية موثقة على الصحة.

ما الذي تخبرنا به صحة الفم عن الصحة النفسية؟

في حال الشعور بالاكتئاب أو القلق، قد يكون من الصعب على الشخص الاعتناء بنفسه وأداء أبسط المهام اليومية الصغيرة، بما في ذلك العناية بصحة الفم. تقول الدكتورة ألبرز: «قد لا يكون لديك الحافز أو الطاقة للعناية بنظافة أسنانك. قد تلاحظ أيضًا زيادة في الإحساس بالألم وتجنب زيارة طبيب الأسنان».

وبالتالي، يقدم الفم والأسنان العديد من الأدلة على وجود مشاكل نفسية محتملة. وتضيف ألبرز: «إذا كنت تعاني من القلق، قد تلاحظ أنك تطحن أسنانك في أثناء الليل أو تشعر بألم في الفك، قد يكون تآكل مينا الأسنان أيضًا علامة حمراء كبيرة على أنك تعاني من مستويات عالية من القلق أو التوتر».

قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري أو الاضطراب الثنائي القطب من تآكل مينا الأسنان. توضح ألبرز: «قد تنظف أسنانك عدة مرات في اليوم. يصبح ذلك طقسًا أكثر من كونه إجراء تنظيف».

قد يكون تآكل مينا الأسنان أيضًا تأثيرًا جانبيًا لاضطرابات الأكل. تتابع ألبرز: «غالبًا ما يعاني الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل من مستويات عالية من تسوس الأسنان أو مشاكل في اللثة». ويرجع ذلك إلى سوء التغذية أو تناول كميات كبيرة من الأطعمة السكرية أو المعالجة بشكل كبير.

كيف يمكنني إدارة صحتي النفسية وصحة فمي؟

نظرًا لأن الصحة النفسية وصحة الفم مترابطتان، فإن الأشياء التي نفعلها لإدارة إحداهما تفيد الأخرى أيضًا. لحسن الحظ، يمكن إجراء تغييرات صغيرة في الحياة اليومية قد يكون لها تأثير طويل الأمد.

تناول نظام غذائي صحي

تناول طعام مغذٍ -أي نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات والأطعمة المليئة بالفيتامينات- هو دائمًا فكرة جيدة. تشرح الدكتورة ألبرز: «ما تأكله يؤثر كثيرًا على كل من مزاجك وصحة فمك، تأكد من تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة المغذية أيضًا. هذا سيعزز مزاجك ويحمي أسنانك ولثتك».

انتبه إلى أي علامات وأعراض قد تظهر

هناك العديد من العلامات والأعراض التي تشير إلى وجود مشكلة في نظافة الفم. قد تنزف اللثة في أثناء تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط. أ الشعور بألم في الفك أحيانًا. أو الحساسية تجاه الحرارة أو البرودة.

يمكن أن يكون جفاف الفم أيضًا تأثيرًا جانبيًا لبعض مضادات الاكتئاب، والأدوية المضادة للقلق، والمثبتات المزاجية. تقول الدكتورة ألبرز أن هذه حالة تقلل من إفراز اللعاب. فاللعاب مهم جدًا لصحة الفم. لأنه لا يساعد فقط في هضم الطعام، بل يساعد أيضًا في قتل الجراثيم الضارة التي يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الأسنان واللثة.

تقترح الدكتورة ألبرز أن زيارة طبيب الأسنان والطبيب قد تكون فكرة جيدة عند الشعور بجفاف الفم للتأكد من أن ذلك لا يؤذي الأسنان.

ممارسة الأنشطة التي تقلل من التوتر

إذا كان هناك تآكلًا في مينا الأسنان، فقد يكون ذلك مؤشرًا على مستويات عالية من القلق والتوتر. في هذه الحالة، ينبغي ممارسة بعض الأنشطة التي تقلل من التوتر والقلق.

قد تشمل هذه الأنشطة تحميل تطبيق يساعد على النوم على نحو أفضل والهدوء في الليل، أو ممارسة تمارين التنفس العميق والتأمل. يمكن كذلك ممارسة التنفس العميق والتأمل طوال اليوم للتخلص من التوتر والتركيز.

زيارة طبيب الأسنان

لا يقتصر دور أطباء الأسنان على معالجة الأسنان فحسب. يمكنهم أيضًا اكتشاف وجود مشكلات أخرى. تقول الدكتورة ألبرز: «غالبًا ما يكون أطباء الأسنان هم أول المحترفين الذين يحددون ويشخصون مشكلة نفسية. إنهم يقدمون الكثير من الإحالات إلى المستشارين والمعالجين».

وتقول إنها غالبًا ما ترى أشخاصًا يعانون من اضطرابات الأكل بعد إحالة من طبيب الأسنان. قد يصف طبيب الأسنان الذي يلاحظ طحن الأسنان أيضًا واقٍ للفم ويسأل عن القلق المحتمل.

كيفية التعامل مع القلق من زيارة طبيب الأسنان

بالطبع، قد يكون من الصعب أحيانًا الذهاب إلى طبيب الأسنان بسبب الأعصاب، أو الخوف، أو القلق. وبينما تؤكد الدكتورة ألبرز أنه من الطبيعي الشعور ببعض القلق قبل موعد طبيب الأسنان، فإن بعض الناس يتجنبون زيارة طبيب الأسنان بأي ثمن حيث يكون لديهم ما يُعرف برهاب الأسنان.

وتشرح: «إذا كنت تعاني من ذات المشكلة، من المهم جدًا الاتصال بمعالج يمكنه مساعدتك والعثور على علاج بحيث يمكنك الاعتناء بصحتك النفسية وصحة فمك».

لتخفيف القلق قبل زيارة طبيب الأسنان، قد يساعد إعداد قائمة بالأسئلة أو المخاوف مسبقًا لمشاركتها في الجلسة. قد تشمل هذه القائمة أي مشاكل جسدية في الفم واللثة والأسنان. أو إن كان هناك ما لا يبدو على ما يرام، فقد يكون من المفيد ذكره.

توضح الدكتورة ألبرز: «من الشائع أن تراودك الكثير من الأفكار والقلق والخوف قبل زيارة طبيب الأسنان ويمكن القيام ببعض الحديث الذاتي الإيجابي للمساعدة على الاسترخاء والهدوء مما يخفف من الوضع».

لا تشعر بالإحراج إذا كنت تواجه مشاكل في أسنانك ولثتك، أو فمك. تقول الدكتورة ألبرز: «إذا كنت تعاني من صعوبة في العناية بصحة فمك، تحقق من نفسك.اسأل نفسك إذا كانت هناك مشكلة نفسية قد تقف عائقًا».

وتتابع ألبرز: «أطباء الأسنان مستعدون جدًا للمساعدة. لقد شاهدوا علامات وأعراض الحالات من قبل. ويمكن أن يساعد التعاون بين طبيب الأسنان والمعالج، في معالجة مشاكلك النفسية وحماية صحتك الفموية وصحتك العامة».

اقرأ أيضًا:

نتائج مقلقة جديدة تربط التدهور المعرفي بصحة الأسنان

هل مضغ العلكة مضر بصحة الأسنان والفكين؟

ترجمة: خالد الحاج حسن

تدقيق: بدور مارديني

مراجعة: باسل حميدي

المصدر