عندما يُشار إلى أشهر صحاري العالم، فالمحتمل أن تُذكر الصحراء الكبرى الأفريقية، وربما واحدة أو اثنتين من الصحاري في أمريكا الشمالية. لكن هل تعلم ما هي الصحراء الأكثر جفافًا على وجه الأرض؟
إنها صحراء أتاكاما في شمال تشيلي.
تمتد صحراء أتاكاما على مساحة 126909 كيلومتر مربع. وأشكال الحياة فيها قليل جدًا، دون احتساب العلماء والباحثين الذين اعتبروها مختبرًا رائعًا لدراسة الفضاء والكواكب.
أكثر الأماكن جفافًا على كوكبنا:
عمر صحراء أتاكاما هو أحد الأشياء التي تجعلها فريدة من نوعها، فهي أقدم صحراء على وجه الأرض، وكانت شبه قاحلة لما يقدر بنحو 150 مليون سنة. يتلقى الجزء الأكثر جفافًا من الصحراء في المتوسط واحدًا على خمسين من الأمطار السنوية التي يتلقاها وادي الموت في كاليفورنيا بالولايات المتحدة.
إلى حدٍ ما يساهم في هذا الجفاف الموقع الجغرافي والتكوينات حول صحراء أتاكاما، التي تضم جبال الأنديز في الشرق وسلسلة جبال تشيلي الساحلية في الغرب، ما يكوّن “ظلًا مطريًا” مزدوجًا حيث يسقط القليل جدًا من الأمطار.
على الرغم من شح الأمطار، فإن صحراء أتاكاما رائعة أيضًا. على عكس الصحاري النمطية -مثل الصحراء الكبرى الأفريقية- إذ يتراوح متوسط درجة الحرارة بين أدنى وأعلى المستويات هو من 0 إلى 20 درجة مئوية.
قد يبدو هذا مزيجًا غريبًا من العوامل، لكنه ذو حسنات. فعمليًا غياب الهطول المطري ودرجات الحرارة الباردة تخلق نظامًا بيئيًا فريدًا ألهم العلماء منذ فترة طويلة لاستكشاف الحياة (أو عدم وجودها) في صحراء أتاكاما، وأخذها بعين الاعتبار للبحث عن الحياة على الكواكب الأخرى أيضًا.
وعلى عكس الصحاري الأخرى، لا توجد نباتات الصبار أو حشرات أو حتى مسببات الأمراض في بعض أجزاء هذه الصحراء.
كيف تتشابه صحراء أتاكاما مع المريخ؟
باستثناء هطول أمطار غزيرة في أوائل عام 2019، كانت صحراء أتاكاما منطقة ممتازة لمنظمات الفضاء مثل وكالة ناسا لمحاولة فهم بيئة المريخ. فلطالما استخدمت ناسا أتاكاما بيئة اختبار في محاولة للعثور على أمثلة للحياة الميكروبية الصغيرة التي تعيش فيها واستقراء كيفية استخدام ذلك لاكتشاف الحياة على المريخ. وقد كانت أيضًا منطقة مفيدة لاختبار تصميمات عربات التنقل على سطح المريخ منذ عام 1997.
أحد الأمور المحبذة للعلماء في صحراء أتاكاما هو أنها نائية جدًا، فلا وجود لمستوطنات محلية وتقريبًا لا توجد بنية تحتية للسياحة والأعمال في المنطقة، ما يساعد على تقليل تلوث التجارب. ومع ذلك، توجد العديد من الرحلات إلى أتاكاما، يقوم بها مراقبو النجوم وعشاق المغامرة.
لماذا توجد فيها العديد من التلسكوبات الراديوية؟
أصبح جزء من صحراء أتاكاما موطنًا لسلسلة من التلسكوبات الأرضية القوية الاستثنائية، بما في ذلك مجمّع التلسكوب الكبير جدًا -الذي يضم أربعة مناظير بطول 8 أمتار- ومرصد فيرا سي روبن، وهو منظار آخر بطول 8 أمتار من المقرر أن تبدأ عملياته في أواخر عام 2024.
تنطبق الشروط التي تجعل صحراء أتاكاما مثالية لأبحاث المريخ أيضًا على الدراسات الأخرى المتعلقة بالفضاء، إذ يؤدي نقص الرطوبة إلى تقليل تشوهات الرؤية عند رصد السماء، وعدم وجود تلوث ضوئي يضمن أن الضوء الوحيد الذي تلتقطه هذه العدسات يأتي من مجرة بعيدة أو نجمة تحدق نحوها.
إضافةً إلى ذلك، فقرب الصحراء من خط الاستواء يمنح كل منشأة فرصة لمراقبة مساحة أكبر من سماء الليل، بما في ذلك مجرتنا درب التبانة وما وراءها.
اقرأ أيضًا:
ATLASGAL ينهي مسح مجرة درب التبانة !
ترجمة: حنا مسيكه
تدقيق: جعفر الجزيري